حجم النص
نـــــــــزار حيدر ١/ بمجرَّد أَن وقَّع الرَّئيس ترامب على القَرار الخاص بالّلجوء وتأشيرات الدّخول، إِشتعلت الولايات المتَّحدة بالتَّظاهرات والاعتصامات لرفضِ القرار الذي اعتبرهُ الرّأي العام عُنصريّاً وشَعبَويّاً!. وعندما أَلمح الى إِحتمال إِتّخاذ قَرار يقضي بـ [تسجيل المسلمين] هنا في الولايات المتّحدة ردَّت عليهِ وزيرة الخارجية الأَسبق [مادلين أُولبرايت] والنّاشطة الحقوقيّة [غلوريا ستانيم] والآلاف من المواطنين الأميركان بأنَّهم سيسجِّلون كمُسلمين! مذكِّرين الرَّئيس بالقول [إِنَّ الدُّستور يبدأ بالعبارة (نحنُ شعب الولايات المتَّحدة) وليس بعبارة (أَنا رئيس الولايات المتَّحدة)]. ولكن؛ عندما قرَّر الطّاغية الذّليل صدّام حسين تهجير آلاف العراقييّن وإبعادِهم قسراً الى الجارة إِيران، بحجّة أُصولهم! تظاهر العراقيّونَ وهُم يردِّدون شعار [تسفيرُ العجم مَطلب جماهيري]!. ٢/ وعندما تحرَّكت المنظَّمات الحقوقيَّة لمواجهةِ القرار الجائر، لم تلجأ الى عشائرِها ولم تلجأ الى ميليشياتِها أَو الى السِّلاح وكواتم الصَّوت، وإِنّما توجّهت فوراً الى القضاء لثقتهِم بهِ، وبالفعل فلقد أَصدر لحدِّ الآن عشرات القُضاة ومنهُم فيدراليّون قرارات تقضي بايقاف كلِّ الإجراءات السلبيَّة التي ترتّبت عليهِ، معتبرين القرار الرِّئاسي غير دُستوري. كما أَصدر لحدّ الآن عشرات المُدَّعين العامّين قرارات وبيانات بنفسِ المعنى! فيما قرَّرت ولايات الطّعن به في المحكمة العليا. في الدُّول الدّيمقراطية فانَّ القضاء فوقَ الجميع، أَمّا عندنا فانَّ الجميع فوقَ القضاء! ولذلك فاذا قال القضاء كلمتهُ عندهم صمتَ الجميع واستسلمَ بمن فيهم الرَّئيس، أَمّا عندنا فالقضاء هو الملجأ الآمن وَالأَخير للفاسدين والفاشلينَ والارهابيّين! فاذا أَرادوا حماية أَنفسهم لجأوا الى القضاء!. عندهم، القضاء يحمي حقوق المواطن، أَمّا عندنا فالقضاء يُدمّرها!. ٣/ وعند توقيع القرار هبَّ الشّارع الأميركي هبَّة رجلٍ واحِدٍ لاستنكارهِ ورفضهِ، لمجرَّد أَنّهم شَمّوا فيهِ رائحة التّمييز والعُنصريّة وأَنّهُ يتناقض مع قيَم المجتمع!. لم يقل أَحدٌ [آني شعليّة] أَو [مَيفيد] أَو [هي بُقت على هاي! خربانة]. لم يحسِبها أَحدٌ دينيّاً أَو مذهبيّاً أَو إِثنيّاً أَو حتّى حزبيّاً، وانّما حسابٌ واحِدٌ فقط عنوانهُ [المُواطنة] فحسب!. لم يقُل أَحدٌ بأَنَّ ترامب رئيس شرعي انتخبهُ الشَّعب من خلال صندوق الاقتراع! فلا تجوز معارضتهُ!. حتّى أنصارهُ لم يجرُؤ أَحدٌ منهم على تأييده في الشّارع فلم يتظاهر أَحدٌ منهم مردِّداً شعار [بالرّوح بالدّم] ففي البلاد الدّيمقراطية فانَّ الشّرعية للانجاز وليس لصندوق الاقتراع! وانَّ شرعيَّة الدّستور والقِيَم فوق شرعيَّة الأشخاص حتى اذا كان الرَّئيس!. حتّى كبار زُعماء [الحزب الحاكم] وعدد من فريقِهِ لم يجرؤوا على التّبرير لَهُ! فسارعوا الى رفض التّبريرات التي ساقها البيت الابيض للدّفاع عن قرار الرَّئيس! منهم الجمهوري رئيس لجنة العلاقات الخارجيَّة في مجلس الشّيوخ ووزير الدّفاع والعشرات من الدبلوماسيّين. في البُلدان الدّيمقراطية لا يوجدُ [عِجلٌ] ولا توجد ذُيول!. كذلك ليس فيها [السيّد القائد] ولا [القائد الضّرورة]. ليس فيها [مُختار العصر] و [عبد الله المؤمن]!. ٤/ وعندما شعرت بعض الوِلايات بأَنَّ القرار يُهدّد أَمنها بشَكلٍ مباشر، استخدمت صلاحيّاتها [الفيدراليّة] لنقضهِ! وهذه واحدة من أَعظم فوائد الفيدراليّة! فلماذا يجب على الولايات التّي يُهدّدها قانونٌ من هذا النّوع ان تدفع ثمن خطأ الرَّئيس او تهوّرهُ!. ٥/ لقد كانَ للمبادرات الشّخصيّة دورٌ عظيم في مواجهةِ القرار الجائر، كما كانَ لمنظّمات المجتمع المدني والاعلام دورٌ عظيمٌ بهذا الصّدد. عندنا، فالمُبادرات الشّخصيّة عادةً ميّتة لأنّنا لا نؤمن بها بالأَساس!. واذا بادرَ أَحدٌ وصمَهُ النّاسِ بالجنون!. فمتى تنجح المبادرات الشّخصيّة في التّأثير على القرارات وصناعة رأيٍ عام؟!. عندما يتَّحِد الهدف فلا يتشتّت الشِّعار والشُّعور، ويُواضب الجميع عليهِ بلا كللٍ أَو مللٍ!. أعضاء في مجلس الشّيوخ بادروا بشَكلٍ شخصيٍّ! وحُكّام ولايات بادروا بشَكلٍ شخصيٍّ! ومُحامون كذلك إِنتشروا فجأة في كلّ المطارات وهم يرفعون لافتات باللُّغتَين الانجليزيّة والعربيّة كُتب عليها العبارة [مستعدّون لتقديم خدمات قانونيّة مجّاناً]. في هذه الأثناء كانت الجامعة العربيّة والانظمة العربيّة والشّعوب العربيّة مشغولة بمتابعة المسلسلات التلفزيونية التي فاتتها في ليالي شهر رمضان الكريم من العام الماضي!.