حجم النص
بقلم: حيدر السلامي ككل المدن الملهمة للعلماء والأدباء والفنانين، والجاذبة للسياح في العالم، سيكون لكربلاء وشيكاً، مطارها الدولي. ولي أن أتخيل أول طائرة ستحط على أرض هذا المطار. من أي البلاد ستأتي؟ أو من أي المطارات ستنطلق؟ وكم مدة رحلتها في الجو؟ عند دخولها أجواء كربلاء، هل ستطوف سبعاً أو ثلاثاً بركابها حول سنام الضريح الأنور؟ من أولئك المحظوظون وأعني: من أول الوافدين إلى الحسين عليه السلام جواً؟ في أي ساعة سيهبطون وكم عددهم وما جنسياتهم وأعراقهم؟! هذه زمرة من الأسئلة التي تدور في ذهني منذ الرعشة الأولى للكتابة ولحد هذه اللحظة، ولربما تتوالد أو تتوارد أسئلة أخرى مشابهة أو قريبة منها أثناء الكتابة.. من يدري؟! حتى أنا لا أدري.. لكنه انثيال عفوي وتداعٍ حرٌّ فرضته اللحظة من جراء الفرحة الغامرة على ما يبدو. المهم الآن.. انطلاق المشروع ودخوله حيز التنفيذ ابتداءً من الأمس، والأهم من ذلك أن العتبة الحسينية المقدسة هي المشرفة على تنفيذه. هذا أمر لا يستهان به. طبعاً لمن يعرف العتبة ومشاريعها العملاقة والمتعددة التي شيدتها وما تزال منذ سقوط الصنم وتولي الإدارة الشرعية لشؤونها وسط تلكؤ حكومي واضح، بل فاضح أحياناً. أعود للمطار وللرحلة الأولى على متن الطائرة الأولى أو قل العنقاء التي راودتنا كثيراً في أحلامنا وأوهامنا وهي تحلق فوق الرؤوس الشواهق للمباني والناس. هذا المطار الحلم آن له اليوم أن يتحقق على أيدي البررة من أبناء مدينة الحسين عليه السلام. أما من يستكثر على كربلاء مطاراً أو يحاول تأجيله أو تحويله إلى مشروع آخر أصغر من أن يذكر وليس بالمستوى اللائق تحت ضغط المصلحة الحزبية أو الفئوية أو الشخصية، فليس حرياً أن يدعي الانتماء لهذه الأرض الطيبة وأهلها وزوارها المكرمين. ولكيلا أنغص فرحتي بالمطار سأشيح عن أولئك وجهاً ولن أناقشهم بعد اليوم ولن أرد على ترهاتهم أو أدخل في مناكفاتهم، بل سأقفل راجعاً لتأدية حق الحلم الحقيقة. نعم.. مطار الفرات الأوسط أو مطار الحسين أو مطار كربلاء ما شئت سمِّ، فالأمر سيان عندي ويستحق المشروع ويستأهل كل وصف ويستوعب كل إضافة نوعية من مثل هذه. تخيل سرباً من العنقاوات أو الإوزات البيض تحلق في سماء كربلاء يومياً بلا انقطاع، محملات بأحبة الحسين وخدمته، ألا يبهرك المنظر؟! وتصور كم ستكون الفرص التي سيوفرها مشروع بهذه الضخامة؟ كم العوائد والفوائد التي ستدر على المدينة حينئذ؟ كم ستندفع حركة العمل وعجلة الاقتصاد نتيجة تنشيط السياحة الدينية في كربلاء؟ كم سيرتفع مؤشر الخدمة الحسينية المقدمة للزائرين العرب والأجانب؟ كم من الملايين الذين يتعسر عليهم السفر براً سيوفقون لزيارة الحسين عليه السلام؟ وكم.. وكم.. ولأن المطارات مؤشر على التقدم الحضاري للبلدان ولأنها الرئة التي تتنفس بها المدن ولأن كربلاء همزة الوصل بين أطراف الأرض والسماء فإن كل مطارات الدنيا لن تكون كمثل مطارها. إن مطاراً كهذا سيفتح الآفاق أمام الثقافة ويمهد للانفتاح الحضاري والتنوع الإنساني ويشجع على التبادل المعرفي والتواصل الاجتماعي والديني بين الشتات ومختلف الفئات من البشر التائقين للوقوف على ضفاف الملحمة الحسينية الخالدة والتشرف بالمثول تحت فيافي كربلاء الحاضر والتاريخ.