حجم النص
بقلم:عزيز الخزرجي في عراق آلجّهل و المآسي و الظلم و الطبقية و الحزبية و الماسونية و الطائفية و القومجية و البربرية و العشائرية و الدكتاتورية بشتى أنواعها؛ لاحظنا و نلاحظ الكثير من العجائب و الحيف و الظلامات و القتل و السّلب و النهب و الفساد و آلاجحاف, و الهجرة و التهجير و النزوح بسبب الظلم و آلجهل الذي خيم على البلاد و العباد.. و من دون وجود جهة محلية أو دولية أو عالمية تنصف المظلومين خصوصا المهجرين و النازحين إبان العهد البعثي البائد بسبب سفاهة الحكام الظالمين و هم معروفين في كلّ عصر و زمن! و رغم ان آثار الهجرة و التهجير و النزوح و النازحين هي واحدة و مشتركة في مآسيها و نتائجها و عواقبها؛ لكن هناك شتان بين نازحي (الأمس) و المهاجرين الذين نزحوا قسراً بعد ما نُهبتْ كلّ ممتلكاتهم حتى الوثائق الشخصية و تعرضوا لصنوف الأذى و التشريد و حتى القتل.. و بين نازحي (اليوم) الذين أُكرموا و قُدّمت لهم كلّ ألوان الدعم و المساعدة و كأنهم كانوا في معركة المصير ضد اعداء الأمة و الأنسانية, و لم يكونوا مع داعش عدوة الأنسانية! فرق كبير.. و كبير جدّاً بين نازح (الأمس) بعد أن كان آمنا مسالما و منتجاً في بيته و وطنه ثم هُجّرَ في ظلمة الليل و بلا إذن مسبق لمجرد ظنّ النظام البعثي الحاكم وقتها بعدم ولائه للنظام؛ و بين نازح (اليوم) الذي كان كلّ عمره موالياً و ناصراً و آوياً و مخرباً للبعثيين الدواعش.. و لم يكن منتحاً و لا مسالماً, لبيته و لا لوطنه, بل كان طفيلياً يعيش على ما يستلمه بدل كتابة (التقارير) الملفقة على الأبرياء! و أخيرا و قعوا في البئر الذي حفروه بأيديهم, و كما يقول المثل (من حفر بئراً لاخيه وقع فيه), ليُهَجّر معظم العوائل الداعشية من المدن الغربية و الموصلية بعد أن سحب البعثية الدواعش يدها عنهم بسبب حصار الحشد و الجيش لهم منذ أكثر من شهر.. و ما أن علم هؤلاء (النازحون) الذين كانوا يحتضنون الأرهابيين المخربين لسنوات بهجوم الحشد الشعبي لتحريرهم.. رفعوا الأعلام البيضاء خانعين معلنين ولائهم للحشد و الجيش و معاداتهم للدواعش البعثيين! لم يتوقف الأمر عند هذا الحد المأساوي فقط في عراق الجهل و الظلم و العشائرية؛ بل تقدّمت الحشود البدرية الفاتحة المؤمنة مع الجيش و الأمن ليقدم لهؤلاء النازحين (الأرهابيين) الدّواء و الغذاء و الملابس و حتى لعب الأطفال لأطفالهم, بل و نصب خيم آمنة مع التدفئة و حولهم الحشد الشعبي كحُرّاس أمناء يسترخصون الدّماء لأجل حريتهم و كرامتهم تمهيدأً لأعادتهم إلى بيوتهم المنهوبة من قبل أعتى خلق الله من الدواعش البعثية بعد تحريرها! نازحوا (الامس) خصوصا المهجرين المظلومين المنهوبين كانوا من الشيعة و الاكراد الفيليية و الكردستانيين و المسيحيين , نزحوا من بطش و ظلم النظام البائد, الذي لم ينفك يلاحقهم و يطاردهم من مكان الى مكان, منكلا بهم اشد التنكيل.. يسوقهم بإبشع صورة و يسومهم سوء العذاب, حينها ليس فقط لم تنصب لهم خيام, بل كان رجال البعث الهمجي يرمونهم من الخلف في الوديان و الجبال و يقتلونهم برصاص البنادق و الأسلحة المتوسطة! كما لم يكن هناك ما يسمى اليوم بـ(حقوق الانسان) و لا منظمات دولية تشهد ما حل بهم؛ و لا ميزانية و لا اعانات؛ ولا مساعدات؛ و لا حدود تفتح لهم, عدا حدود الجمهورية الاسلامية الايرانية, يقابلها صمت مطبق من مجلس الامن و الامم المتحدة و كل أنظمة العالم خصوصا الديمقراطية كفرنسا و أنكلترا و أمريكا و النمسا و ألمانيا و السويد, أما الدول العربية كآلأردن و مصر و الدول الخليجية فأنها في حال قبول أحد نازحي (الأمس) و بعد التي و اللتيا و السؤآل عن إسمه و دينه و مذهبه؛ كانت تفرض عليهم الأتاوات و كأن تلك الحكومات كانت تمثل الوجه الآخر لحكم البعث الهجين, و هذا تعامل العالم و الحكومات و الدول و الهيئات العالمية مع نازحي (الأمس), و كان شيئاً لم يحدث! نازحي (الأمس) سُلب منهم كل شيئ الأموال المنقولة و غير المنقولة بل و سجن ثم أعدم جميع أبنائهم الذين كانت أعمارهم تتراوح الخامسة عشرة فما فوق, ,أخذوا منهم حتى الوثائق الشخصية و أخرجوا من بيوتهم حفاةً أذلاء و كأنهم أسرى معركة حامية في أثناء الليل كي لا يشهد الناس مصيبتهم! بينما نازحي (اليوم) ليس فقط لم يسلب الحشد و الجيش شيئ منهم؛ بل حاولوا إستعادة ما نُهب منهم ثم التمهيد لأعادتهم مكرمين إلى منازلهم كأنهم كانوا مواطنين شرفاء و مدافعين عن الوطن.. و لم يدعموا داعش! لم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ.. بل إنّ النظام البعثي دمّر مدناً عامرة كمدينة الدّجيل و نواحي في بعقوبة و غيرها بآلطائرات و المدافع, مع قرى كاملة مُحيت من الخريطة في الشمال و الجنوب و الأهوار و غرب البلاد, قرى للشيعة و الاكراد فقط.. ثمّ تركوا في العراء و الوديان بلا طعام و لا شراب مات الكثير منهم في العراء! و آلأنكى من ذلك عندما كان النظام البعثي الهمجي الهجين يمنُّ عليهم بالعفو أحياناً, كي يعودوا لديارهم التي اصبحت خراب في خراب, كان يستقبل عودة آلآلاف من تلك العوائل الكردية في منطقة الوادي و النواحي التابعة لحلبجة بالحديد و النار و غيرها بالمروحيات و السمتيات و هي ترشهم بوابل النيران , لتختلط الدماء بالدماء, و تتيه الاطفال و النساء بين صخور الجبال و الوديان , كل ذلك , و لم يسأل عنهم احد! في مدينتي بدرة و توابعها كما الكثير من مدن العراق المدمرة هجّر أجهزة النظام البائد منها مئات بل آلاف العوائل البريئة التي لم يكن أكثرهم يعرف نوع النظام أو حتى أين تقع بغداد, و ربما لم يزرها طوال حياتها؛ فقد تمّ تهجريهم بلا رحمة أثناء الليل بعد أن سلبوا منهم كل ممتلكاتهم و حتى أموالهم الخاصة و وثائقهم القانونية و أكثرهم كانوا قد خدموا العلم و في الجيش و الوزارات, و المحنة أن بعض تلك العوائل حين عادت للوطن بعد 2003م – أي بعد غياب دام أكثر من ربع قرن, و زارت بيوتها و محلاتها و بساتينها, لكنها لم ترى غير الأطلال و كتل من التراب والأرض المحروقة.. و لا ندري هل الأقدار فعلت ذلك.. أم شرطة الأمن و البعثيين.. أمّ الجيران الذين تغييروا كثيراً بسبب إنتشار الجهل و الدِّين القشري الذي لم يغنيهم من جوع؛ فقد تبرّا الجميع من نظام البعث و كأنهم كانوا مع المجاهدين في الخطوط الأمامية.. لِيضيع الحقّ وسط الفوضى التي عمّت البلاد و العباد إلى يوم القيامة!؟ و رغم كل هذه المآسي فإن ألفارق يبقى كبيراً بين نازحي (الأمس) المظلومين و بين نازحي (اليوم) الظالمين! و لا حول ولا قوة إلا بآلله العلي العظيم.