حجم النص
بقلم:جمال الدين الشهرستاني شعار نرفعه كل يوم و تتسابق إليه الأنفس والألسن والعقول والقلوب بمختلف النوايا، مسلمين وغيرهم وليس الشيعة فقط، علماء ومثقفين بل وعامة الناس، أقلاما وألسن ومواقع. في كل زيارة للإمام الحسين عليه السلام تسمع الحناجر تصدح عاليا مع دموع للبعض تحفر أخاديد في الخدود من الحرقة واللوعة أو رياءً فهو جائز، بصوت عال أو خافت أو في القلب يضمره مع النوايا مرددة (يا ليتنا كنا معكم). سؤال يتردد بين الفينة والأخرى،، ماذا تفعلون لو كنتم مع الحسين عليه السلام ؟ وهل نعرف ويعرف المردد لقول (يا ليتنا كنا معكم) كم تبعاتها الادبية، الاخلاقية، الانسانية، الدينية، هل واثقون من قدرتنا على تحمل تبعات هذه المقولة العظيمة، أخوتي في الانسانية إنها طريق الحق ضد الباطل طريق الصراط المستقيم الى العدل والرحمة الإلهية، طريق الشهادة والاستشهاد لأجل الانسانية وطريق الانسانية المتعايشة من أجل الوجود الانساني على هذه الارض بكرامة وعيش رغيد سلمي له حقوق وعليه واجبات، الانسانية التي أرادتها قيم السماء في الاديان والكتب السماوية التي أنزلها الخالق عز وجل على خليله و كليمه و روحه و حبيبه، وكل رسله وأنبياءه و من تابعهم بصالح السيرة والوصية، ليكملوا ما أمر الخالق والصانع لهذه الانسانية والوصول لما أراد من هذا الصنع والخلق. المنادي ب(يا ليتنا كنا معكم)، هل يتوقع أن يعود الزمان الى الوراء ليمتحنه الله عز وجل و الامام الحسين عليه السلام، بصدق نيته ؟ هل سيعود الزمان 1400 عام الى الوراء لنثبت لأنفسنا بأننا مع الحسين واصحابه عليهم السلام، هل ننتظر أن تعود الساعة لزمن السيوف والسهام ونقول (معكم، معكم لا مع عدوكم)، هل ننتظر أن يعود الزمان لنثبت لأنفسنا و أتباعنا بأننا أصحاب الحق وضد الباطل، و أننا من نكمل أعداد الشهداء 72 صحابي يوم الطف ؟؟؟ هل كان عبثا عندما استشهد مع الامام الحسين عليه السلام [ المسيحي والعثماني والعلوي والعبد الاسود والحر الاشقر وسيد القوم وخادمهم ] هل كان عبثا عندما خذل الامام الحسين عليه السلام رؤوس الشيعة ولم يلتحقوا به، هل كان عبثا عندما كان من ينادون بالتشيع ومن محبي أهل البيت و الامام الحسين عليه السلام مع جيش يزيد (لع) بل إنها دلائل تبقى الى قيام الساعة، يعرفها ويميزها الجميع ولكن أهوائهم تبعدهم وتقربهم عن الحقيقة والواقع حسب النوايا. ان طريق الحق لا يحتاج شعارات و خطابات ومنابر بل العمل والتطبيق العملي، والشعارات والمنابر وخطاباتها للتوجيه والتقويم، وليس للفرقة والطعن والتكفير، وسلب الرأي الاخر بشتى الوسائل، وكل ما عدا ذلك يبقى إدعاءا لحين ثبات العمل في ساحات الوغى أو ساحات العمل، العمل بالتطبيقات الحسينية ومنهجها و إلا ما معنى (يا ليتنا كنا معكم). اليوم مصداق ((يا ليتنا كنا معكم)) هي المقاومة ضد الكيان الصهيوني، والقتال ضد داعش وجماعات التكفير و أعوانهم، وقتال المستضعفين والمضطهدين في دول العالم شرقا او غربا ضد كل انواع الاحتلال والتعدي والظلم من أجل الارض و العرض والنفس. قد لا أتمكن أن اتوسع في الكلام عن الدول الاخرى والشعوب الاخرى لعدة أسباب أقلها فقدان المعلومة، ولكن، أقول عن الحقائق في العراق و ما شاهدته في سنوات الجهاد الكفائي، التي لولاها لما كان هناك عراق ومقدسات وجوامع وحسينيات وكنائس وأديرة ، ولكن حكمة وحنكة المرجعية العليا و التسديد الالهي لها، كان الاعلان عن الجهاد الكفائي، الذي أعطى إشارة واضحة للجميع المحب والمبغض، من هي المرجعية ومن هم أتباع ((يا ليتنا كنا معكم)) عندما خرجوا من ساعتها ولم يعودوا الى اليوم، ومن عاد إما شهيدا أو جريحا، لأنهم استقوا الدروس من واقعة الطف الاولى باستشهاد الحسين عليه السلام، ثم وقائع الطف المتلاحقة وآخرها عام 1801/1802 م في يوم عيد الغدير عندما هجم التكفير الوهابي الداعشي على قبر الامام الحسين عليه وأخيه ابي الفضل العباس عليهما السلام وعمل ما عمل في حينها، فهل كنتم تنتظرون واقعة طف جديدة ؟ اخوتي في الانسانية، إن معركة الطف هي معركة الحق مع الباطل، وهذه المعركة تتكرر حسب الزمان والمكان، ليمتحن الله عباده الصادقين، وليطفو الزبد. معركتنا في الحشد الشعبي ضد داعش وأسياده هي تجسيد لمبادئ معركة الطف واسبابها ونتائجها، فلكل الذين ينادون يا حسين لكل الذين ينادون (يا ليتنا كنا معكم) كونوا مع الحسين واصحابه في هذا الصف، صف الحشد الشعبي في معاركه، فإنها دعوه من شاء استجاب ومن شاء امتنع. فكثيرا من الجهات التي تعتبر نفسها حاملة للواء الامام الحسين عليه السلام نسيت او تناست هذه الوقائع والأحداث بل ولم تشترك الى يومنا هذا بحشود الحشد الشعبي ولو بالدعم الاداري والفني كالأموال والغذاء والعتاد، اقول من لم يتمكن من المشاركة بنفسه فعليه بالدعم الفاعل للجهات المقاتلة والماسكة للجبهات، ومن لم يتمكن لأي عذر عليه زيارة الجرحى في المستشفيات والمنازل وإن لم يرتبط بهم بعلاقة أو لم يعرفهم سابقا، و من لم يتمكن من كل ذلك فليرع عائلة شهيد ويحن عليهم كما يحن على اولاده وعياله. أخوتي في الانسانية إن الامتحان له مدة زمنية، وهي جولة قد لا نحصل عليها مرة اخرى في فترة حياتنا هذه، وامتحان ليس الوقت فيه مفتوح فما هي الا ساعات وكل ينال درجته، وإن الامام الحسين عليه السلام قتله آل امية وآل زياد يوم 61 هـ فلا نقتله مرات ومرات بأقوال وأحاديث و أفعال وتصرفات خارجه عن الشارع المقدس وبعضها ينافي العقل والذوق العام. قال الامام عليه السلام (أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا) و إن الجهاد اليوم ضد كل طواغيت الارض من التكفيريين وأعداء الانسانية، وسالبي الحياة الكريمة من البشر هي أصدق المصادق لأحياء أمرهم عليهم السلام، و إلا كان أكتفى الامام الحسين عليه السلام بخطبة أو عدة خطب و أعتزل الناس وما يعبدون وبايع الملك، وتفرغ لأمور الحياة، ولكنه جاهد بنفسه وعياله و أهل بيته و طفله ونساءه وماله وصحبه، من أجل الانسان بكل معانيه، أهمها كرامته واحترامه لذاته لا للهوان، فهل نتمكن من حمل هذه الرسالة ونقلها جيل بعد جيل بنقائها و طهارتها و قوتها، أم نبقى نهتف (يا ليتنا كنا معكم) بألسنتنا دون الضمير بقلوبنا دون العقول ؟
أقرأ ايضاً
- المسرحيات التي تؤدى في وطننا العربي
- يرجى تصحيح المسار يا جماهير الكرة
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!