- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
نموذج من الاخلاق الحسينية في الحرب
حجم النص
بقلم |مجاهد منعثر منشد تناولنا في القسم الاول والثاني في مقالات من اخلاقيات النهضة الحسينية في الحرب سيرة قائد النهضة ونماذج من اخلاقه (سلام الله عليه) اثناء مسيرة ووصوله الى موقع المعركة , وهذا القسم الاخير من البحث نكمل فيه مايلي: ت. أخلاقه (عليه السلام) مع المحايدين. 1. في قصر بني مقاتل في هذا الموضع اجتمع به(عليه السلام) عمرو بن قيس المشرفي وابن عمّه ,فقال لهما الحسين: «جئتما لنصرتي؟» قالا له: إنّا كثيرو العيال، وفي أيدينا بضائع للناس ولَم ندرِ ماذا يكون، ونكره أنْ نضيع الأمانة. فقال لهما (عليه السلام): «انطلقا، فلا تسمعا لي واعية ولا تريا لي سواداً؛ فإنّه من سَمِع واعيتنا أو رأى سوادنا فلَم يجبنا أو يغثنا، كان حقّاً على الله عزّ وجلّ أنْ يكبّه على منخريه في النّار. بغض النظر عن حجة عمرو بن قيس المشرفي وابن عمّه أن كانت صحيحة أو مجرد عذر ,ربما ممكن أن يقول لهم الامام (عليه السلام) أن ارسل رسول لا داء أماناتكم أو نقل عيالكم للمدينة وقاتلوا معي! و يستطيع (سلام الله عليه) أن لا يحذرهم من سماع الواعية أو رؤيا السواد والمصير الأخروي لهما في ترك نصرته! ولكن هيهات ان تكون أخلاقيات أمامنا الحسين (عليه السلام) على هيئة افكارنا القاصرة ,فاراد بأخلاقه (صلوات الله عليه) ان يبين لهؤلاء لكم حق الاختيار ,بل ويحافظ على سلامتهم من الحساب ,لأنه (سلام الله عليه) ليس داعيا لحرب. 2. مع هرثمة بن ابي مسلم. هرثمة هذا شهد صفين مع امير المؤمنين (عليه السلام) حسب قوله ,فيقول في الطريق في منصرفه من صفين أو ذهابه اليها, حينما حاذى الامام علي (سلام الله عليه) أرض كربلاء ,حدثهم عما يجري في كربلاء ,فقال ((وأها لك ايتها التربة ليحشرن منك اقوام يدخلون الجنة بغير حساب)),فتذكر هرثمة هذا القول عندما كان مع قوم عمر بن سعد في كربلاء,فعزم على ان يترك ابن سعد. وجاء الى الامام الحسين (عليه السلام) ,فروى له ما سمعه من امير المؤمنين (عليه السلام) ,فكان هرثمة يعرف قيمة المكان وقيمة القضية , حينها ساله الامام الحسين (عليه السلام): معنا انت أم علينا ؟ فقال هرثمة:لامعك ولا عليك ,خلفت صبية اخاف عليها عبيد الله بن زياد. قال له الامام الحسين (سلام الله عليه): فامض حيث لا ترى لنا مقتلا ولا تسمع لنا صوتا ,فو الذي نفس حسين بيده لا يسمع اليوم واعيتنا أحد فلا يعيننا الا كبه الله لوجهه في نار جهنم. فنلاحظ تصرف الامام ابي عبد الله (عليه السلام) مع هرثمة الذي خانته الارادة ,فقد نصحه الامام بما ينفعه ,ولم يغضب عليه او ينفعل لموقفه ,فهذا هو الجانب الاخلاقي من سلوك الانبياء والائمة المعصومين (صلوات الله عليهم اجمعين). وباعتقادنا القاصر فان الامام (عليه السلام) تعامل مع هرثمة وفقا من منطلق القاعدة الواردة في القران الكريم ,أذ جاء في قوله تعالى:(قذكر انما أنت مذكر ,لست عليهم بمسيطر). 3.بعض المرافقين لمعسكره(عليه السلام) في ليلة التاسع أ.الطرماح ,فعندما طلب منه(عليه السلام) بعض الاشخاص أن ينصرفوا أذن لهم ,فكان من بينهم الطرماح ,فقال للأمام: انا لدي ميرة لآهلي بالغذاء والطعام ,فاذن لي حتى اوصل لهم ميرتهم واعود اليك ,فأذن له الامام (عليه السلام) ,فذهب الطرماح ولم يعد الا بعد استشهاد الامام (سلام الله عليه) واصحابه. ب. أحد اصحابه بلغه أن ابنه قد وقع أسيرا في الراي ,وكان هذا الخبر في ليلة العاشر من محرم ,فاخبر الامام (عليه السلام) ,فاذن وقال له: رحمك الله انت في حل من بيعتي ,فاذهب واعمل في فكاك ابنك.واعطاه ثوبا. وقال له: فأعط ابنك محمد ـ وكان معه هذه الاثواب البرود يستعين بها في فكاك أخيه. خامسا: اخلاق الامام (عليه السلام) مع الجنود في معسكره. 1.اصغر جندي في معسكر الامام الحسين (عليه السلام) هو عمر بن جناده ,فقد كان غلاما يبلغ من العمر الحادية عشر ,فعندما اقبل يطلب الرخصة من ابي عبد الله الحسين (سلام الله عليه) لينزل الى المعركة ,التفت اليه الامام الحسين ,وقال: هذا غلام قتل اباه في الحملة الاولى ولعل أمه تكره ذلك ,واذا بالغلام يتقدم الى الحسين (عليه السلام)ودموعه تسيل على خديه ,والسيف الذي يحمله لعله اطول من قامته ,فيقول:ان أمي امرتني. 2.الغلام التركي لما نظر اليه الامام الحسين (عليه السلام) وقال له:انت في حل أذهب وانجي بنفسك. فقال الغلام:سيدي ياابا عبد الله ,هذه لحظة السعادة ساعة الفوز كيف افوتها على نفسي.وهذا الغلام لم يكن له اقارب ومعارف ,بل كان غريبا ,وخرج الغلام الى المعركة ,فاستشهد ,فاقبل الامام الحسين (عليه السلام) نحو الغلام ,وميزه وانحنى عليه ووضع خده على خده ,فقد كان الغلام فيه رمق من الحياة ,ففتح عينيه وراى الحسين واضعا خده على خده ,فابتسم وطارت نفسه فرحا وسرورا ,وقال: من مثلي وابن رسول الله واضع خده على خدي. وهكذا نرى التعامل الاخلاقي عند مدرسة العطاء الامام الحسين (عليه السلام)الذي يسوده الرفق والعطف والرحمة حتى مع الغريب ,فلا تميز ,ولا عنصرية كل المعسكر سواسية في المحبة ,الغريب قبل القريب ,فالقريب اول من ينزل الى ساحة القتال ,والغريب أخر من يقاتل ,فحياة الغريب عند سيد الشهداء (سلام الله عليه) أهم من حياة القريب. والحمد لله رب العالمين. ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المصدر | بحث ,مجاهد منعثر منشد , (مدرسة العطاء في الاخلاق, الامام الحسين أنموذجا).
أقرأ ايضاً
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً
- الحرب النوعية
- مكانة المرأة في التشريع الإسلامي (إرث المرأة أنموذجاً)