- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
السيدالسيستاني يريد دولة وليس فوضى!
حجم النص
بقلم: عباس الكتبي أمريكا شكّلت تحالف دولي من أصدقائها، وجاءت من مسافات بعيدة حتى تدخل العراق، وتطيح بالنظام الصدامي المستبد، وكان ذلك في عام 2003م. مبررات الإدارة الأمريكية في الحرب على العراق:أمتلاك صدام للأسلحة النووية، تهديده للمنطقة ودول الجوار،، تحرير العراق وإصلاح نظامه السياسي من دكتاتوري إلى ديمقراطي. المنظمات والمؤسسات الدولية، أعتبرت العراق بلداً محتلاً من قبل أمريكا وحلفائها، لأن لم تحصل أي موافقة دولية في هذه الحرب، وعليه يجب على أمريكا، حماية المواطنين، وإدارة شؤونهم، وحفظ الممتلكات والمؤسسات العامه للدولة العراقية، حسب ما تفرضه القرارات الدولية على المحتل، وعلى أثر ذلك تشكّلت الإدارة المؤقته برئاسة بريمر، إلى أن يقرر العراقيين مصيرهم. كان هناك خيارين أمام الزعامات العراقية:امّا المقاومة المسلحة لاخراج المحتل، وامّا المقاومة السياسية وبالطرق القانونية، مع العلم ان كليهما مباحان، لكن السؤال يدور حول أيهما الأكثر واقعياً وسياسياً؟ في ظل احتلال أمريكي، وغياب أمني وسياسي، وفوضى عارمة من النهب والسرقة في ممتلكات الدولة، وفي ظل شعب أنهكته الحروب الصدامية، وأخذ مأخذه منه الحصار الأقتصادي، فأصبح الشعب العراقي لا يستسيغ القتل والقتال، لذا فخيار المقاومة السياسية، هو الأفضل والأنجع لأخراج المحتل. الزعامات السياسية والدينية في العراق، وكانت الغالبية المطلقة، اختارت المقاومة السياسية على المسلحة، وكان رأي في غاية الرجاحة والعقل، وقد أنتصر أصحاب هذا الرأي، وتحقق لهم ما أرادوا، وخرج المحتل الأمريكي من العراق، بخلاف الذين اختاروا المقاومة المسلحة، التي تسببت في استياء الناس منهم، وأحدثت الفوضى هنا وهناك، بل ان اصحاب هذا الرأي، عادوا وانضموا إلى العمل السياسي. كانت المرجعيات الدينية الأربعة في النجف الأشرف، بالأضافة إلى الزعيم السياسي الاسلامي الكبير، المعارض والمجاهد الشهيد"محمد باقر الحكيم"طاب ثراه، تبنوا المقاومة السياسية، بالطرق القانونية والشرعية الدولية، وبما أن امريكا ادعت انها جاءت لتحرير وخلاص العراقيين، وتريد ان يكون العراق بلداً ديمقراطياً، فلماذا لا نلزم أمريكا بما ألزمت به نفسها؟! من هنا أصرّ المرجع الديني الأعلى للشيعة، السيد السيستاني"دامت بركات وجوده"، على إجراء الانتخابات، حتى تنبثق منها حكومة عراقية، تسحب البساط، وترد السلطة للعراقيين، من إدارة الاحتلال الأمريكي، فالديمقراطية التي تدعيها أمريكا، هي حكم الشعب، وهذا الحكم يأتي عن طريق الأنتخابات، فألزم أمريكا بما ألزمت نفسها، وما كان على أمريكا إلاّ القبول، فأصدر سماحة المرجع، الفتوى الشهيرة بوجوب الأنتخابات على كل العراقيين، فكانت فتوى سياسية بحتة، لأخراج المحتل الأمريكي بطريق قانوني، على خلاف فتوى الجهاد ضد الأنگليز! وهذه الامور يختلف فيه من فقيه لآخر كل حسب رؤيته. كان لابد عند تشكيل أول حكومة عراقية خلال الاحتلال الامريكي، من وجود قوانين مصادق عليها من أبناء الشعب العراقي، تكون مرجعاً عاماً عند حصول الخلافات السياسية بين الفرقاء، وكذلك تكون ملغاة لقانون الإدارة الامريكية المؤقته، فكان الدستور العراقي، الذي حث على التصويت عليه سماحة المرجع الأعلى، وهو أيضاً يصب في إطار المقاومة السياسية، لتجريد المحتل من كل أدواته. بالرغم من ان هناك بعض المعترضين على شرعية الانتخابات والدستور، إلا ان السيد السيستاني كانت رؤيته واضحة عند أهل الخبرة والدراية، فهو يريد طرد المحتل، وبناء دولة عراقية حديثة من:جيش، وشرطة، ومؤسسات، وسلطات: تشرعية، وقضائية، وتنفيذية، بأيد عراقية، وإذا كان هناك بعض الثغرات في الدستور، فهو امر يترك للعراقيين بالمستقبل، وبأمكانهم ان يصححوه، لكن اهم شيء في كان وقتها هو إيجاد دولة، وتأسيس نظام كامل لها، ومن الصعب تفهيم من لا يفهم! بعد ذلك كان دور سماحة المرجع الديني، دور النصح، والإرشاد، والتوجيه، في تشخيص الأخطاء، وإعطاء الحلول، وترك للناس إختيار ممثليهم في مجلس النواب، ولم يتركهم سدى، بل حدد لهم آلية الأختيار:(النزاهة-الكفاءة-القدرة)، وحرّم أنتخاب الفاسد، ثم ترك للسلطة التشريعية اختيار رئيس الوزراء، ومراقبة عمل الحكومة، وترك للسلطة التنفيذية والقضائية، محاسبة ومعاقبة المفسدين، ونصح الحكومة بما يكفي، ووأصاها بالمواطنين خيراً على حداً سواء، فالسيد السيستاني يحترم القوانين، ولا يريد ان يتجاوزها، وليس هو حاكم على دولة اسلامية حتى يفرض رأيه على الجميع، بل هناك سلطات ودستور، يجب الرجوع إليها. نعم! كان سماحة السيد يتدخل في القضايا المصيرية، التي تمس حياة العراقيين، والدولة العراقية، كالهجمة البربرية الوحشية من داعش الأرهاب على العراق، وإحتلال بعض المحافظات، التي انتهكت فيها الأعراض، وسفكت فيها الدماء، وأرادوا ان يرجعوا بالعراق إلى المربع الأول، بعد الاحتلال الأمريكي، فحمى العراقيون ودولتهم من الانهيار، بفتوى الجهاد، كما حماها من قبل وأخرج الأحتلال بفتوى الأنتخابات! مابين الفتوى السياسية، والفتوى الجهادية، السيد السيستاني يريد دولة في العراق، وليس فوضى! اقول:متى يستفيق الساسة في العراق من رقدتهم، ويتنازلوا عن رغباتهم ونزواتهم الشخصية من أجل العراق والعراقيين؟! ومتى يتعظوا ويأخذوا العبرة من هذا الرجل العظيم، ويقدروا تضحياته وجهوده في بناء الدولة؟! أطال الله بعمر سماحة السيد السيستاني،ودامت بركاته على العراق!
أقرأ ايضاً
- الأولويّةُ للمواطنِ وليسَت للحاكم
- كربلاء دولة الإنسانية والحسين عاصمتها
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة