حجم النص
بقلم:عبدالزهرة الطالقاني لم يكن العراقيون يفكرون قبل الان بالجباية وفرض الرسوم على كثير من الاجراءات والتعاملات اليومية في المؤسسات الحكومية.. فالخدمات تكاد تقدم مجاناً 100% لولا بعض الاجور البسيطة التي تجبي هنا وهناك، وما كانت تشكل تلك الاجور شيئا ولا ثقلا ولا تمثل واردا حقيقياً.. الازمة الحالية وقلة الموارد المالية بسبب انخفاض اسعار النفط عالميا أدت الى اضطرار الدولة للبحث عن سبل جديدة لم تكن معهودة او معروفة من قبل المواطن العراقي الذي ألف أن يقدم له كل شيء "مجانا". ولذلك سعت المؤسسات بعد اطلاق اليد في جباية الرسوم الى ابتكار طرق جديدة للجباية ولعل استمارة الحج خير مثال على ذلك.. فهذه الاستمارة التي حدد سعرها ب(25) الف دينار ستوفر للهيئة موارد بمقدار (50) مليار دينار اذا افترضنا ان مليونين من العراقيين فقط سجلوا على الاستمارة.. فاذا ارتفع العدد الى اربعة ملايين فهذا يعني تحقيق موارد بمقدار (100) مليار دينار عراقي. غير ان المتوقع ان يسجل على الاستمارة ما يقارب عشرة ملايين عراقي يرغب في اداء الحج وفي هذه الحالة يصبح المبلغ (250) مليار دينار عراقي بالتمام والكمال. الذين سيفوزون بقرعة الحج لعام 2017 لم يتجاوز عددهم (30) الف مواطنا، وهكذا الامر بالنسبة لعام 2018، الا ان الجميع يرغب ان ينافس ويحظى بالفرصة التي لا تتوفر بسهولة، هذا مثل واحد.. هناك جبايات عديدة لجأت اليها مؤسسات الدولة بدأت تحقق موارد لا باس بها، واذا ما استمرت قد تصبح مورداً ثابتاً ومهما بعضها لم يكن منظوراً في السابق، منها تفعيل التعريفة الكمركية واستحصال الضرائب.. وكذلك استيفاء اجور الكهرباء، التي يمكن ان تصبح قطاعا استثماريا واقتصاديا يدر الموارد المالية لخزينة الدولة بدل كونه قطاعا خدميا يستحوذ على نسبة كبيرة من تخصيصات الميزانية العامة. مثلما هي الحال في قطاع الاتصالات.. ما يهمنا هنا الجبايات والرسوم التي اقرتها وزارة الصحة مؤخراً وعدلت على بعضها مما كان موجودا اصلا مثل اجور الكشفية والفحوصات المختبرية والتصوير الشعاعي والفحوصات بالأجهزة الطبية الحديثة(السونار – الرنين – الايكو) وغيرها كاجراء العمليات الصغرى والمتوسطة والكبرى وعمليات التضميد والتداوي وربما فحوصات اجازات السوق والاجراءات الصحية الخاصة بالتعيين بمؤسسات الدولة. وزارة الصحة نفت ما اشيع حول جباية اجور ورسوم على زيارة المرضى الراقدين في المستشفيات الحكومية.. والتبرع بالدم، وعمليات التشريح لمعرفة سبب الوفاة.. الوزارة اكدت ايضا ان الرسوم لا تجبى من المواطنين ذوي الدخل المحدود وهناك اعفاءات لشرائح اجتماعية حتى لا تثقل كاهلها. الجانب المهم في هذه القصة ان هذه الموارد الاضافية قد تساعد الوزارة في تطوير الواقع الصحي.. وهذا ما اشارت اليه الوزيرة عديلة حمود فعلاً.. الا ان للكاتب وجهة نظر اخرى تتعلق بجباية الرسوم على زيارة المرضى.. لان ذلك سينظم هذه الزيارات بشكل دقيق ويقلل من عدد الزوار الذي غاليا ما يكون عائقا امام الكوادر الطبية للقيامبمهامها.. كما ان العدد الكبير من الزائرين للمستشفيات الحكومية يسبب حالة من الارباك للإداريين والمنظمين والاجهزة الامينة اضافة الى حالة الفوضى التي يسببها هؤلاء اثناء الزيارة.. والمشكلة لا احد يستطيع منع هذه الاعداد الكبيرة من زوار المرضى فضلا عن محاولة هؤلاء دخول الغرف والردهات بشتى السبل. ان فرض رسوم على زيارة المرضى سوف يحد من كل هذا ويجعل الاعداد تنخفض تدريجيا وبذلك يتحقق الكثير، لعل اول المتحقق تحسين الاداء وتوفير الهدوء والاجواء المريحة للمرضى. وهذه النتائج العرضية قد تصبح غاية في حد ذاتها لم تجدي الاساليب السابقة في الوصول اليها، فتصبح الجباية حلا سحريا وتحقق مصلحة المريض والكوادر الطبية والادارية في المستشفيات في الوقت نفسه. قد لا تشكل الرسوم التي تجبى من زائري المريض موارد كبيرة مثل بقية الرسوم الا انها لا يمكن اهمالها او الاستهانة بها.. فمستشفى واحد من 400 سرير يمكن ان يحقق ما مقداره خمسة ملايين دينار في اليوم الواحد اذا افترضنا ان كل مريض يزوره اربعة اشخاص فقط وهذا المبلغ يعني تحقيق موارد بمقدار مليار ونصف المليار دينار شهريا، اي ما يقارب الـ (18) مليار دينار سنويا وهذا لمستشفى واحد فقط، فكيف اذا كان الامر لمستشفيات العراق انه امر غير منظور لكنه ذو ابعاد عظيمة على وزارة الصحة ان لا تهمله، بل تشكل فريقا مختصا لدراسته وتقديم تفاصيل وارقام عن الجدوى. قد لا نسمي ذلك (ابداعا) لكنه في كل الحالات التفاتة قيمة تحقق مجموعة من الاهداف في آن واحد دون ان تثقل من كاهل المواطن الذي يعد غير مضطر لزيارة المريض احيانا، بل زيارته في البيت بعد خروجه من المستشفى.. وهذا امر فيه مصلحة عامة قد لا تتفق عليه الكتل السياسية..!!