يسعى مطرب المقام العراقي الأول حسين الأعظمي بشغف إلى احياء موسيقى كانت تستمع إليها النخب في العراق قبل مئات السنين من خلال تنظيم جولات فنية عالمية وكتابة البحوث للتنقيب في \"منجم أسرار\" هذه الموسيقى التي تكاد تكون في طي النسيان.
والأعظمي كان بطلا للعراق في المصارعتين الحرة والرومانية إلى أن أقنعه منير بشير، أشهر عازف عود عرفه العراق، عام 1975 بترك حلبة المصارعة والتفرغ لإحياء تراث المقام العراقي بعد أن استمع إليه يغني في حفلة خاصة.
وبدل أن يسافر الأعظمي في ذلك العام مع بعثة المنتخب الوطني العراقي للمصارعة إلى تركيا للمشاركة في إحدى البطولات أرسلته الدولة في جولة أوروبية استمرت 45 يوما أحيا خلالها العديد من الحفلات في بريطانيا وفرنسا وسويسرا وبلجيكا والنمسا وهولندا وألمانيا وفتحت له أبواب الشهرة على مصراعيها.
لكن الرجل البشوش المفعم بالحيوية البالغ من العمر 57 عاما يصر على أنه غير نادم على قراره هذا.
ويقول في مقابلة مع وكالة فرانس برس من منزله في عمان حيث يعيش منذ نحو ثلاث سنوات، \"عندما أغني المقام العراقي أشعر بسعادة غامرة ولا يساورني تعب أو جوع ولا عطش ولا ملل\".
وأحيا الأعظمي منذ انطلاقته الأولى عام 1975 حتى الآن أكثر من 370 حفلة في 74 بلدا في مسارح ومهرجانات عالمية حتى أنه بات اسمه في العراق \"سفير المقام العراقي\".
وترافق الأعظمي الذي يتمتع بصوت قوي مميز في حفلاته فرقة \"الجالغلي البغدادي\" التي تتألف من خمسة اشخاص هم عازفو الجوزة والسنطور والايقاعات، وغالبا ما يرتدون الملابس البغدادية الشعبية القديمة المعروفة بـ \"الصاية واليشماغ\".
ويقيم ثلاثة من اعضاء الفرقة في هولندا والاثنان الآخران في بغداد.
ويرى الأعظمي، وهو من أسرة دينية من حي الأعظمية في بغداد كانت تمارس الاداءات المقامية في الشعائر الدينية أبا عن جد دون احتراف، ان \"قارىء المقام لابد أن يكون قد تربى في بيئة يتوافر فيها أداء المقام بشكل دائم اضافة لامتلاكه صوتا قويا ذا طاقة كبيرة يمتد لمساحة جيدة من القرارات والجوابات في آن معا\".
ويؤكد الأعظمي الذي ألف العديد من الكتب عن أصول المقام العراقي تعد مرجعا، أن \"المقام العراقي ربما مرت عليه أربعة قرون وأن سبب اطلاق صفة العراقي عليه تميزه عن مقامات موجودة في دول أخرى مثل تركيا وايران اضافة الى أنه نشأ وترترع في بغداد\".
تخرج الأعظمي من معهد الدراسات الموسيقية في بغداد مطلع سبعينات القرن الماضي ليعمل فيه معيدا ثم استاذا ثم عميدا حتى استقالته عام 2005، وهو يقول إن \"الموسيقى تهذب المشاعر والاحساسيس والتفكير وإذا لم تعمل الموسيقى على هذا النحو فإنها ليست هي الموسيقى المقصودة\".
لكن الأعظمي الذي يدرس في المعهد الوطني للموسيقى في عمان، أعرب عن الأسى عن حال المقام العراقي بعد الآثار المدمرة التي خلفها الاحتلال الأميركي للعراق 2003 ويقول \"الدولة الآن منشغلة في كثير من الأمور ولم تعد تفكر بالموسيقى والغناء خصوصا بالمقام العراقي الذي يمر بفترة انحسار\".
ورغم هذا يؤكد \"أنا لم أغني في مطعم أو نادي أو ملهى ليلي رغم كل الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بي بعد 2003 فأنا معلم ومربي أجيال في الفن والموسيقى والغناء المقامي\".
ويعد الأعظمي امتدادا لمطربي المقام العراقي المعروفين أمثال رشيد القندرجي وحسن خيوكة ومحمد القبانجي ويوسف عمر وناظم الغزالي وعبد الرحمن العزاوي.
وللأعظمي عشرات الأسطوانات المدمجة بينها أسطوانة دينية أدى فيها الآذان بسبعة سلالم بطلب من الفرنسيين فضلا عن منقبة نبوية شريفة ومدائح نبوية.
وعن ذلك يقول إنه \"بهذه الطريقة حاولت ايصال التعابير العراقية الدينية والدنيوية الى كل انحاء العالم\".
ويؤكد الأعظمي أنه سيتوجه الى باريس غدا الاثنين بمرافقة فرقته من أجل احياء حفل في قصر الاليزيه بحضور الرئيسين العراقي جلال طالباني والفرنسي نيكولا ساركوزي.
وعن ذلك يقول \"الدعوة وجهت لي من قبل المركز الثقافي الفرنسي في عمان وأبلغوني أنني سأغني في قصر الاليزيه بحضور الرئيسين طالباني وساكوزي\"، مشيرا الى أنه سيجعل منها \"حفلة العمر\".
وكالات
أقرأ ايضاً
- العتبة الحسينية توزع ادوية ومساعدات على النازحين في برج ابي حيدر في لبنان (فيديو)
- التخطيط تعلن عن الأسئلة الخاصة بالتعداد السكاني
- الخارجية العراقية: سياسة العراق ترتكز على إقامة علاقات متوازنة