حجم النص
بقلم:عبدالزهرة الطالقاني ونحن نعيش اجواء اربعينية الامام الحسين عليه السلام لابد ان نؤكد ان يوم عاشوراء لم يكن سوى "مهرجان دم" هذا المهرجان الذي لم تبدا طقوسه يوم العاشر من محرم الحرام عام 61 هجرية حيث انتهكت حرمات الامام الحسين (ع) وهو ابن بنت رسول الله (ص) وسالت دماؤه الزكية ودماء ابنائه واهل بيته واصحابه الكرام في المذبحة التي جعلها يزيد بن معاوية وعمر بن سعد بديلا للبيعة والولاء للحكم الاموي غير الرشيد. اقول لم تبدأ عاشوراء في العاشر من محرم بل قبل ذلك بكثير، حين قتل قابيل اخاه هابيل، وحين قتل اليهود الانبياء، وحين رميَ يوسف بالبئر، وحين طاردوا اصحاب الكهف ليقتلوهم، وحين رحل كلكامش صحبة صديقه انكيدو لقتل الوحش خمبابا في جبال الارز لانه عاث في الارض فسادا، وحين قتل البابليون والاشوريون والكلدانيون والحضريون والاكديون على الهوية. وحين حُورب الرسول عليه افضل الصلاة والسلام من قبل صناديد قريش وشياطينها الذين بنوا دولا بعد وفاته، وحين خالف المسلمون امر الرسول في خطبة الوداع، وحين أُقتيد علي بن ابي طالب عليه السلام عنوة ليبايع خليفة المسلمين، وحين أُقتحمت دار الوصي، وحين حوصرت الزهراء عليها السلام بين الجدار والباب حتى نبت المسمار في صدرها الشريف، وحين استل ابن ملجم عليه لعنه الله سيفه ليضرب به راس الايمان وهو راكع في محرابه، وحين ازيح الامام الحسن من الخلافة عنوة، وحين تصدى معاوية وجيشه الضال لجيش الايمان بقيادة خليفة المسلمين في صفين. وحين اشتدت الفتنة بيوم الجمل حتى اكتمل هذا المهرجان بيوم عاشوراء حيث ظهر الحقد كله والكفر كله والضلالة كلها في جيش يزيد فاوغلوا في دماء الحسين عليه السلام ومن معه طاعة ليزيد الفاسق وطمعاً بعطاياه وخِلعه. ومن ذلك اليوم وحتى اليوم تلون المهرجان باللون الاحمر. ولم يتوقف واستمر سيل الدماء في العراق. بل استمر حتى نهاية الدولة الاموية عام 132 هـ، وخلال خلافة الدولة العباسية حيث ضيق على الأئمة الاطهار وحُوربوا، وعاش الناس في ضيق وخوف من سطوة السلطة، وسطوة السلاجقة الاتراك على السلطة حتى سقوط بغداد. وسالت الدماء مرة اخرى غزيرة على ايدي الغزاة و في زمن الاتراك العثمانيين وعاش الناس فترة عبودية وتكميم افواه، وفي فترة الغزوات الصليبية وسقوط الاندلس والغزوات الاوربية للشرق، ودخول المحتل البريطاني ارض العراق، وثورات الشعب التحررية وظهور الاحزاب والاصطراع السياسي في الشارع العراقي ومحاربة الشعائر الحسينية وظهور المفخخات والعبوات والاحزمة الناسفة التي يحملها الجاهليون الجدد.. انه المهرجان الذي يتجدد كل عام.. ومن حضره هذا العام في كربلاء رأى ان المهرجان لم يبدأ في الساعة العاشرة صباحا كما تبدأ المهرجانات عادة بل عزف مزماره بعد انتهاء صلاة الفجر بدقائق اي في الخامسة فجرا واستمر حتى الحادية عشرة صباحا من يوم العاشر من محرم اكثر من (500) عزاء تطبير وزنجيل ضمت مئات من المشاركين، كل سال الدم من راسه او ظهره حتى غدت المدينة بحيرة دماء. دماء عاشوراء التي تتدفق كل عام لم تكن ظلما ولا عدوانا بل هي بعض ايذاء النفس تأسيا بما جرى لابي عبد الله الحسين عليه السلام واهل بيته الكرام واصحابه من الشهداء في واقعة الطف لتنتشر هذه الدماء في بقاع الارض وعنان السماء كما صور لنا ذلك الفلم الايراني الجديد الذي اطلق عليه اسم "القربان" خير تصوير. ما زالت دماء الحسين عليه السلام تسيل، ومازالت دماء اصحاب الحسين تسيل، وما زالت دماء محبي الحسين تسيل وما زال اتباع بني امية وابي سفيان حاضرين في المعركة وما زال اليهود يغذون معارك المسلمين بما تحتاجه من الديمومة والاستمرار.. فاضواء كربلاء ورؤوس المطبرين فيها وظهورهم وقلوب المؤمنين كلها تعلن ان مهرجان الدماء عاد هذا العام بلون قان اكثر من كل عام.
أقرأ ايضاً
- "والله لا يحب الفساد".. قراءة في كلمة الحاج "حامد الخفاف" بمهرجان الصادقين السادس 2023
- اعلامية مصرية تكتب: سماحة زين العابدين تتجلى بمهرجان تراتيل سجادية
- مهرجانات وفق "هندسة ثقافية" ضرورة وطنية واسلامية