- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
زيارة الأربعين مشروع مهدوي وحضاري
حجم النص
بقلم:عدنان السريح سميت هذه الزيارة بالأربعين, لأنها تمثل مرور أربعين يوم من استشهاد’ الأمام الحسين" عليه السلام" في العاشر من محرم سنة 61 للهجرة. كما أنها توافق في يوم العشرين من صفر، وهو اليوم الذي ورد فيه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري, الى كربلاء لزيارة الأمام الحسين "عليه السلام" فكان أول من زاره وفي هذا اليوم الذي وافق رجوع السبايا من الشام, مع الأمام السجاد "عليه السلام" ويسمى أيضا يوم مرد الرؤوس إلى الأبدان في كربلاء. ورد عن الأمام الباقر"عليه السلام" يذكر فضل زيارة الحسين لأحد خواصه قال: لو يعلم الناس ما في زيارة الحسين "عليه السلام" من فضل لماتوا شوقا, وتقطعت أنفسهم عليه حسرات, قلت وما فيه؟.. قال: من زاره تشوقا أليه كتب الله له ألف حجة متقبلة, وألف عمرة مبرورة, واجر ألف شهيد من شهداء بدر, واجر ألف صائم...الحديث وفيه ثواب جزيل وفي آخره: انه ينادي مناد: هولاء زوار الحسين شوقا أليه. نستشف من هذه الروايات وغيرها من الروايات, الحث على الزيارة وزرع الشوق في الأنفس, والتأكيد عليها وتعريف بفضل الذي لو عرفوه لماتوا شوقا, وهذا العمل يفعل ويؤسس إلى ظاهرة لم تسبق من قبل, كانت خاصة بالشعب العراقي. في المشي نحو قبر الأمام الحسين "عليه السلام" وبعد مرور سنين تلت سقوط نظام صدام, واضحة هذه الزيارة في السنوات القليلة تحقق أرقاما مليونية. أن هذه الزيارة هي مهد حضارة جديدة, في العالم لم ولن يعرف العالم مثلها, فتلك الجموع المليونية تسير على الأقدام, من داخل العراق نحو قبر الإمام الحسين عليه السلام لزيارة الأربعين. أن الزحف نحو كربلاء للحشود المليونية, هو مشروعا مهدوي ويؤسس لواقع, لكل فردا منتظرا للإمام القائم عجل تعالى فرجه الشريف, كما هو مشروعا لإعداد وتربية المجتمع للانتظار. يستمد روح المشروع من العلاقة بالإمام الحسين, لما يمثله المشروع المهدوي من امتداد للقضية الحسينية, من إيثار وتضحية وعطاء وصبر, والعمل لما تفرزه من معطيات على واقع المنتظرين. كما أخذت هذه الظاهرة أصداء دولية كبرى, لتشمل كثير من الدول تشير التقديرات الى أكثر من خمسين دولة, ولهذا أبعاد لما لها من تأثير, ديني وثقافي واجتماعي. فهم لم يعرفوا هذه الظاهرة, التي تجسد الواقع الحسيني والإسلامي الحقيقي, لا كما يدعي المدعين للإسلام والمتطرفين فكريا وإرهابيا, لتؤهل المجتمعات لمشروع دولة العدل الإلهي, لما في الزيارة من معطيات داخل المجتمعات الأخرى. تستمد كل تلك الآثار والعطاء والشموخ والإباء, من الزيارة المليونية التي هي واقع لحضارة جديدة, ومشروع دولة العدل دولة الإمام المنتظر.