- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مُقْتَرَحاتٌ لِتَحْقيقِ الإصْلاحِ الإِسْتْراتيجِيّ
حجم النص
بقلم: نـــــــــــــــزار حيدر *ادناه، نصّ رسالة المقترحات التي قدّمتها لمؤتمر [النخب والكفاءات في المملكة المتحدة لدعم الإصلاح في العراق] والمنعقد الان في العاصمة البريطانية لندن. الإخوة الأعزاء في اللجنة المنظِّمة لمؤتمر [النخب والكفاءات في المملكة المتحدة لدعم الإصلاح في العراق] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ببالغ السّرور وكبير الامتنان تلقّيتُ دعوتكم الكريمة لحضور مؤتمركم الموقر المنعقد يوم الأحد (١٥ تشرين الثاني ٢٠١٥) في العاصمة البريطانية لندن. كنتُ اتمنّى ان أكون حاضراً لاشارككم الرّاي والمقترح ومناقشة ورقة العمل التي وجدتها غنيّة جداً سواء في العناوين او في اسماء الباحثين، لولا ظروف خاصة حالت بيني وبين ذلك. وتلبيةً لطلب الاخ الكريم المهندس عماد العبادي، عضو اللجنة المنظِّمة للمؤتمر، اسمحوا لي ان أتقدّم لمؤتمرِكم الموقّر بالمقترحات التّالية التي قد تساهم في دعم الإصلاح الجاري اليوم في العراق؛ أولاً؛ كما نعلم فانّ النظام السياسي في العراق الجديد هو نظامٌ برلماني، تنبثق من تحت قبة البرلمان كلّ مؤسسات الدولة، فمجلس النواب هو مصدر التأسيس والتشريع والرّقابة، والذي يرسم الناخب العراقي حصراً معالمهُ وصورتهُ وأغلبيّتهُ واقليّتهُ السياسيّة كلّ أربع سنواتٍ دستوريّة. هذا يعني انّهُ اذا صَلُح مجلس النواب صَلُح كلّ شيء في العراق والعكس هو الصّحيح، فإذا فسَدَ فسدَ كلّ شيء، ولذلك ينبغي بذل كلّ الجهد من أجل إصلاح البرلمان الذي لازالت كتل محدّدة تُمسِك بتلابيبهِ منذُ التغيير في التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣ ولحدّ الان، تتبادل المواقع فيما بينها غير مكترثة بأحدٍ أَبداً حتى وصل الحال بالعراق الى ما هو عليه اليوم، من دون ان نرى في الأفقِ القريب ايَّ أملٍ في تغيير منهجيتها وطريقة إِدارتها للبلاد. ومن أجل ان نساهم في تغيير مجلس النواب ينبغي؛ اولا؛ تغيير قانون الانتخابات بِمَا يحقّق مبدأ (صوتٌ واحِدٌ لمواطنٍ واحدٍ) لنكسر احتكار الكتل السّياسية الحالية للعملية السياسيّة برمّتها، ومن اجل إِفساح المجال واسعاً ليجد المستقلون والكفاءات والخبرات مكانها الطّبيعي في بناء الدّولة. ثانياً؛ تغيير قانون الأحزاب بما يضمن تأسيس الأحزاب السياسيّة على أساس معيار المواطنة حصراً وليس على أساس معايير الدّين والمذهب والإثنية والمناطقية وما الى ذلك. من جانب، ومن أجلِ وضع حدٍّ لتأثير خارج الحدود على سياسات الأحزاب من خلال الدّعم المالي لها، من جانبٍ آخر. ثالثاً؛ تشريع قانون الإحصاء العام لإجراء التّعداد السُّكّاني في أَقرب فرصةٍ. ثانياً؛ تشكيل لجنة من الخبراء والمختصّين لإعادة تقييم المرحلة السابقة من العملية السياسية ليجري على ضوئها التعديل الدستوري المطلوب لتجاوز الثغرات الكبيرة الواردة فيه والتي كرَّست مبدأ المحاصصة والفيتو وبالتالي شلّت عمل البرلمان والحكومة، وبقيّة مؤسّسات الدّولة. ثالثاً؛ وَنَحْنُ نسعى لانجاح الإصلاح المطلوب على صعيد الواقع الحالي، ينبغي ان لا نغفل عن الإصلاح الحقيقي والجذري الذي يبدأ بالتّعليم. ولإنجاز هذا الإصلاح الاستراتيجي اقترح تشكيل لجنة عليا من المختصّين وذوي الخبرة والتجربة والكفاءة والنّزاهة لإعادة النّظر بكلّ المنهاج التعليمي في العراق ولكلِّ المراحل، الأوّليّة منها والعُليا. لقد تدهور التّعليم بشكلٍ كبيرٍ جداً تسبّب بتراجع العمليّة التّعليمية والتّربوية، الامر الذي يُساهم في تكريس الفساد والتخلُّف على صعيد المجتمع الى جانب الفساد على صعيد الدّولة والسّياسة والإدارة. انّنا بحاجةٍ الى تغيير العقليّة لنغيّر طريقة التّفكير وفهم الامورِ والتّعامل مع المستحدثات والأمور والحوادث الواقعة، ولا يمكن إنجاز هذا التغيير الا بالتّعليم كما فعلت وتفعل كلّ الامم والشعوب التي تُنشد التغيير المجتمعي الحقيقي. رابعاً؛ وأخيراً، فبعد ان باتَ واضحاً حماس السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي وحرصهِ وتصميمهِ واصرارهِ على تحقيق الإصلاح ومحاربة الفساد، ينبغي بذل الجهد اللازم لدعمهِ وإسنادهِ لتقوية جبهتهِ ضدّ جبهة المتضرّرين من الحرب على الفساد التي وصفها الخطاب المرجعي بالمصيريّة والتي توازي الحرب على الاٍرهاب بكلّ المعايير. انّ دعم وتقوية جبهة الإصلاح ستمكّن السيد رئيس مجلس الوزراء وتشجّعهُ لتسمية كبار الفاسدين في منظومة الفساد المالي والاداري التي تسبّبت طوال السّنوات المنصرمة بسرقة المال العام وتعريض البلاد لمخاطر ماليّة واقتصاديّة جمّة. ينبغي حثّه على تسمية رؤوس الفساد الكبيرة لضربهم بيدٍ من حديدٍ كما اوصت بذلك المرجعية الدينية العليا، لتقديمهم للقضاء ليقفوا خلف القضبان للكشف عن حركة المال العام المنهوب، اذ لا يكفي التقشّف في الإنفاق والترشيق في مؤسّسات الدّولة، بل يجب الكشف عن ملفّات الفساد الكبيرة والضخمة لإعادة الأموال المنهوبة الى خزينة الدّولة ومعاقبة الفاسدين الكبار ليكونوا عِبرة لغيرهم، وبذلك نقف بوجه الفساد من جذورهِ وأساسهِ، فيتحقّق الإصلاح الحقيقي الذي يُطالب به الشّارع الغاضب والخطاب المرجعي الحاسم والذي يجب ان ينتهي بتحقيق العدالة الاجتماعية حصراً. شكرًا لكم. داعياً لكم بالتّوفيق والسّداد ولمؤتمرِكم بالنّجاح.