- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
السياسي بين بناء الدولة ودور الأحزاب فيه ؟!!
حجم النص
محمد حسن الساعدي الحديث عن الإصلاحات في العراق ملف عميق جداً ومعقد جداً، وتحقيق اي تقدم في مسيرة الإصلاحات بات أشبه بالمستحيل خصوصاً بعد مرور أكثر من اثني عشرة سنة على الفوضى الامنية والسياسية وسيطرة العصابات الارهابية على أجزاء واسعة من البلاد، وانهيار اقتصادي كامل بسبب تغلغل الفساد المالي والإداري الذي لم يشهد مثله العراق في تاريخه الحديث، وانتشار مافيات وعصابات كبيرة وخطيرة في مفاصل موسسات الدولة، كما ان مؤسسات الدولة التشريعية والقضائية وحتى التنفيذية اصابها الترهل بسبب المحاصصة الطائفية والقومية، وبعد الإصلاحات التي تم طرحها في مجلس الوزراء، يتساءل الكثيرين هل إن هذه الإصلاحات والتي يطالب بها الشعب العراقي وحصلت على تاييد المرجعية الدينية العليا نفذت لم انها كانت حبراً على الورق ؟ كما ان المطالب الاخرى التي أطلقها المتظاهرين والمطالبة بإصلاحات جذرية في شكل النظام السياسي، وتقليص عدد النواب، وحل مجالس المحافظات والقاضية والنواحي، وإلغاء المحاصصة الطائفية، وتعديل بعض مواد الدستور، لا يمكن لرئيس الوزراء وحده إن يقوم بها، لأنها تحتاج إلى توافق سياسي بين الكتل السياسية والى تعديلات دستورية، فشكل النظام السياسي وتقليص البرلمان، وتعديل بعض مواد الدستور، تحتاج إلى تعديل دستوري من خلال تشكيل لجنة برلمانية ومن قانونيين مختصين، وبهذا بدات المشكلة إذ إن تشكيل أي لجنة لتعديل الدستور تحتاج هي الاخرى الى التوافق السياسي بين جميع المكونات السياسية. الإصلاحات التي قام بها العبادي لم تصل لحد الآن إلى ضرب التوافقات السياسية، والغاء الخلايا المفسدة في هياكل الدولة، بل كانت عبارة عن عملية ترقيع لا أكثر، وتغيير للوجوه، فالدستور مثلا لم ينص على عدد الوزراء أو عدد المستشارين أو عدد نواب الرئيس أو رئيس الوزراء، وبهذا فان تقليصهم ليس مخالفة دستورية، كما إن توفير الخدمات وضبط الامن يجب ان يكون جوهر ز الحكومة، لهذا لم نرى عزل الوزراء غير الكفوئين وتعيين غيرهم من ذوي الخبرة والاختصاص خارج التوافق السياسي، وأما تقليص الوزارات فهي عملية دمج وزارات هي غير ذات أهمية، وأن توفير الخدمات للمواطن هي الأخرى لم تلامس الواقع، ناهيك انه لم نرى لحد الآن تقديم أي مسؤول سابق أو حالي للقضاء بتهم الفساد المالي والاداري، لذا فان الإصلاحات التي قامت بها الحكومة لحد الآن ماهي إلا ذر الرماد في العيون وهي لن تخرج من خانة كونها لم تلامس جوهر عملية الإصلاح الحقيقة لأركان الدولة، خصوصا وان اغلب الكتل السياسية أبدت امتعاضها لهذه الإصلاحات بعد سنوات من التخبط السياسي وأث كبير من الفساد وسوء الخدمات ونهب المال العام دون محاسبة او توقيف. الإجراءات الاخيرة لمجلس النواب وسحب تفويض العبادي لاجراءات الإصلاحات ما هي الاخطوة خرجت الى العلن نحو تغييره، وبذلك سيكون الاخير اخر حكام دولة القانون وحزب الدعوة، وذلك لان الإجراءات الإصلاحية لم تملك اي رؤية او قراءة للواقع السياسي والاقتصادي للبلاء، بل اعتمدت على مجموعة من المراهقين في المنطقة الخضراء يضعون رؤيتهم لبناء دولة ويقدموها الى السيد العبادي لتخرج ميتة قبل ان تصل الى الهدف. إن عملية الإصلاح في جوهرها هي الغاء المظاهر الطائفية من الواقع السياسي، وهي الخطوة الاولى لخروج البلاد من التشرذم والانقسام، والعمل الجاد على اعادة بناء الدولة العراقية على اساس مؤسساتي، وتفعيل الدور الرقابي للسلطة التشريعية على مؤسسات الدولة، وغلق ملف المناصب بالوكالة لأنها كانت سبباً مباشراً في ضياع البلاد وخراب موسسات الدولة كافة. القوى السياسية هي الاخرى عليها واجب سياسي ووطني ان ترقى بنفسها من الحزبية الى الانتماء الوطني لإنقاذ البلاد من هذا المنعطف الخطير الذي تمر به العملية السياسية، وضرورة ان يكون نداء المرجعية بالإصلاح بحجم نداء الجهاد الكفائي، ونحن اليوم بأمس الحاجة إلى رجال مخلصين واثبات انتماءهم الى الوطن مثلما اثبت رجال الحشد الشعبي المرابطين في سوح الوغى انهم ابناء هذا الوطن السليب.
أقرأ ايضاً
- رمزية السنوار ودوره في المعركة
- البرلمان العراقي يقر راتبه سراً ؟!!
- صفقات القرون في زمن الانحطاط السياسي