حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ لم تكن الصدمة المروعة التي أحدثها الانتحاري سعودي الجنسية فهد القباع بتفجير نفسه في حسينية الإمام الصادق في قلب العاصمة الكويتية مفاجِئة للمراقب السياسي. كما لم تكن مفاجَأة كحدث صار روتينا معتادا في يوميات الشرق الأوسط الذي أضحى مسرحا مفتوحا للإرهاب والجهات الممولة له وهي معروفة ومشخصة. المفاجأة كانت في وقوع حدث إرهابي صادم ونوعي وغير مسبوق في بلد آمن نسبيا ويعيش انسجاما سياسيا ومجتمعيا ورخاءً اقتصاديا ومناخا دينيا وطائفيا مستقرا ويتمتع بسياسة خارجية معتدلة وبنسق محايد ورغم وجود أطياف من جنسيات شتى تشكل النسيج المجتمعي الكويتي (غالبية سنية معتدلة ويشكل الشيعة نسبة 30 بالمئة) واكثرهم من جنسيات أجنبية وآسيوية قلما شهدت تنازعا اثنيا او مذهبيا عدا بعض المماحكات التي كان يثيرها بعض الأفراد من ذوي الاتجاهات الأصولية ذات التبعية للأجندات الخارجية المحسوبة على التطرف الوهابي الذي تنتهجه الحكومة السعودية. والذي يحاول ان يعكر جو الاستقرار السياسي الذي تتمتع به الكويت بضرب التعايش المذهبي العابر للطائفية في هذا البلد وتحقيقا لأجندات طائفية مبيتة في بلد كان يسمى بلؤلؤة الخليج. لكن ما حدث في الكويت لم يكن مفاجِئا للحكومة العراقية التي طالما حذرت المجتمع الدولي من ان الارهاب لايعترف بالحدود التي لا تقف في وجهه وهو يعتبر العراق مجرد مرحلة او قاعدة ينطلق منها الى بقية مناطق الشرق الاوسط والعالم فهو يتبع ستراتيجية التدرج في القضم وحين يتمكن من منطقة ما فانه لن يتوانى عن افتراسها كما حصل في الأمس في ليبيا وتونس واليمن وقبلها في العراق وسوريا واليوم في الكويت (وربما تدخل البحرين على ذات الخط). ان ما جرى هو محاولة لضم الكويت الى منظومة الحرائق التي أشعلها تنظيم "داعش" الذي بات يهدد العالم بأجمعه بأنه قادر على التمكن بالامتداد والتوسع والضرب لجميع الأهداف التي يتوخاها حتى وان كانت في قلب اوروبا كفرنسا او اميركا وتشير تقارير الى هجمات محتملة قد تستهدف عطلة يوم الاستقلال الامـيركي في الـرابع مـن الشهر المقـبل، أو زيارة البابا فـرنسيس للولايات المتحـدة. لقد كانت ردة فعل الحكومة الكويتية منفعلة وارتجالية ومتأخرة نوعا ما وقد تكون جاءت لامتصاص نقمة الشارع الكويتي ولوأد أية فتنة طائفية قد تشتعل، وبعد ان (وقع الفأس بالرأس) كما يقول المثل الدارج وعلى خطى الجنرال السيسي الذي قام بطرد قناة الجزيرة بعد غلقها فضلا عن غلق القنوات (الاخوانجية) التي كانت تحرض على الطائفية المدمرة لوحدة النسيج المجتمعي المصري فقد جاء الامر الاميري بغلق قناة) وصال) الفضائية الوهابية التي كانت تسمم الأثير بكل ما يساهم بضرب التوافق المذهبي والانسجام المجتمعي الذي عرفت به الكويت منذ تأسيسها واستقلالها عن الاحتلال البريطاني مطلع ستينيات القرن الماضي، وامام الحكومة الكويتية مشوار صعب آخر يتمثل بالبحث عن الجذور المجتمعية وارتباطاتها الخارجية للإرهاب وتطهير المناهج التربوية من ادران الفكر السلفي وقبل ان يتحول الى ظاهرة تشكل حواضن للخلايا النائمة. وتكشف جنسية الانتحاري السعودي عن محاولة الإرهاب في التغلغل في المجتمعات السنية المعتدلة لتغيير بوصلتها كما حصل في بعض مدن العراق، واذا كان المجتمع الدولي لم يستوعب درس العراق فهل سيتعلم درس الكويت؟ اعلامي وكاتب
أقرأ ايضاً
- الحدود العراقية الكويتية بين المطلاع والعبدلي..(وهب الأمير ما لا يملك)
- الفرق بين البند السابع والبند السادس لمجلس الامن واثر ذلك على الحدود بين العراق والكويت
- ماذا ستحكم محكمة العدل الدولية بشأن الحدود العراقية الكويتية في خور عبد الله؟