- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
متى يُفرِّق معظم العراقيين بين وطنهم وحكومته؟!!
حجم النص
بقلم: جسام محمد السعيدي في بحثي الذي استغرق سنوات، من أجل اعادة بناء الشخصية العراقية ودراسة مشاكلها، والانطلاق من ذلك لحل مشاكل بلدنا، في جميع المجالات، تلك الشخصية التي تعرضت لأعتى هجمة تتعرض لها شخصية وطنية في التأريخ، وجدت أموراً عدة بعد اجراء دراسة مقارنة مع شعوب أخرى، منها ما يلي: 1. ربما يكون العراقيون – وأكاد أجزم بذلك لكن الاحتمالية من باب عدم الإحاطة الكاملة بالأمور توخياً للدقة- الشعب الوحيد الذي يسب الكثير من أفراده بلدهم ويشتمون شعبه ويتهمونه بأقسى الاتهامات الباطلة، ويضخمون مشاكله، وكأنه الوحيد فيها. 2. معظم أفراد الشعب العراقي لا يفرق بين الوطن والحكومة التي تحكمه، فيُسقط أخطاء حكومته على الوطن، فإن أحسنت صار الوطن جيداً، وإن أساءت ساء الوطن!!!!! وتم شتمه وكيل التهم له، لا يفرق هذا الأمر بين نخب وبسطاء. 3. معظم حكومات العالم تسعى لتزويق صورة بلدانها في عين الشعب لترفع من معنوياته، بل يضطر البعض لسرقة تأريخ غيرها من الشعوب ونسبتها لشعبها، فقط لرفع الروح المعنوية له وليكون نقطة انطلاق للحاضر وبناء المستقبل، وتجارب اليابان والمانيا وايران وتركيا وغيرها ممن نهض بسبب الحكومات التي استنهضت التأريخ (بل وزورته أحيانا)ورفعت المعنويات وربت الأجيال على الاعتزاز بالأرض والشعب، لهي تجارب تمثل اكبر شاهد على ذلك وما نقوله، وكما ثبت في محله في علوم التنمية البشرية والنفس والاجتماع، فالتأريخ المشرِّف حافز مهم في بناء الحاضر والانطلاق نحو المستقبل، على مستوى الفرد او الجماعة، بينما حكومات العراق المتعاقبة، تتستر على الكثير من تأريخنا المشرف وتحذف منه الكثير وتنسبه لغير العراقيين، بل وتصور العراق على انه بلد طارئ، رغم ان الحقائق التي لدينا من تاريخ العراق كفيل بالانطلاق الى مستقبل حالم مليء بالإنجازات، وحاضر خالٍ من عُشر ما نعانيه من صعوبات(العراق أول البلدان سكناً وحضارة وأكثرها منجبٌ لعظماء التأريخ من الأنبياء والمصلحين والأئمة والصالحين والعلماء وما زال) وتفصيل ذلك تناولناه في محاضرات بخصوص البحث يعرفها من سمعها. في مقدمتي هذه أوجه هذه الدعوة لشعبنا العظيم... إخوتي الكرام...علينا التفرقة بين الوطن والدولة التي تحكمه، والحكومة التي تترأس هذه الدولة.. بلدنا اسمه العراق، ودولتنا متعددة حسب الأزمان، تارة كانت تدعى مملكة أريدو(تأسست قبل 7315 سنة تقريبا أسست من قبل الفراتيون الأوائل ويعتقد انهم ابناء النبي نوح عليه السلام) وما تلاها من ممالك السومريين في الجنوب (أور وأوروك، ونفّر..الخ)، ثم الإمبراطورية الأكدية، ثم الامبراطورية البابلية ثم الامبراطورية الآشورية ثم الامبراطورية الكلدانية، وخضع بعدها العراق للاحتلال الفارسي ثم الاغريقي ثم الفارسي ثم تبع للدولة الاسلامية الاولى ثم تكونت على أرضه أول دولة اسلامية حقيقية بقيادة أمير المؤمنين علي عليه السلام ومن بعده الإمام الحسن عليه السلام، ثم دخل تحت حكم الأمويين ضمن دولتهم، ثم قامت على أرضه الإمبراطورية العباسية التي حكمت نصف العالم لمدة 534 سنة، ثم جاء الاحتلال المغولي ودخل العراق ضمن الدولة المغولية، ثم الاليخانية ثم دولتي الخروف الاسود والخروف الأبيض، ثم الدولة العثمانية ثم الاحتلال البريطاني ثم المملكة العراقية ثم الجمهورية العراقية ثم جمهوية العراق... هل رأيتم اخوتي تعاقب الدول، واختلاف التسميات.. كلها دول عراقية -عدا فترات الاحتلال - قد نختلف مع بعضها، وقد نلعن بعض حكامها، لكن هذا يجب ان لا ينسينا ان العراق واحد وان تعددت التسميات، وتعدد من حكموه واتجاهاتهم، ويجب ان لا يجعلنا نلعن او نشتم العراق، مهما كانت تصرفات من حكموه،، فالدولة شيء والبلد شيء آخر. العراق كان وما زال عراقاً وسيقى حتى يوم القيامة كما تدل بذلك النصوص الدينية، كانت دولته قبل 74 قرنا تدعى مملكة أريدو، وهي الآن جمهورية العراق، ان أزعجنا حكام أي من هذه الدول يجب ان لا يزعجنا الوطن.. فالدول تزول لكن الوطن باقٍ. الفرق شاسع بين الدولة والوطن، الوطن هو الأم والأب، والحكومة هي الظروف التي تسير هذين العظيمين.. قد تجعل الظروف الأب قاسياً على أبنائه، لكنه سيبقى يحبهم ولا يوجد من يحبهم أكثر منه، والأم كذلك.. ويبقى فضل الأب والأم علينا ما حيينا، انكرنا ذلك او اعترفنا به، فأنهم سبب وجودنا المادي بل والمعنوي... وعلنا ان نرد لهم الديّن.. وأنى لنا ذلك..؟! العراق منحنا الكثير، يكفي أنه منحنا الطيبة والمروءة والأخلاق المتفردة بين الشعوب ومنحنا ارثا يمانياً لا ينافسنا فيه أحد، منحنا جيناته التي تعتير اقدم جينات في العالم بما تمتلكه من معلومات وراثية هي خزين كل الحضارات التي انتجها أجدادنا على أرضه، وهي أولى وأعظم الحضارات، فيها جينات عشرات الآلاف من الأنبياء.. يتراوح عمر معلومات جيناتنا بين 15 و20 الف سنة... فهل جزاء من ورثوها لنا - وهم آباء الحضارة والنبوة والإمامة - ان نكرههم ونكره الأرض التي أنجبتهم ونشتمها ونستحي من الانتماء لها لمجرد نقص في الخدمات بسبب تقصير حكومة او ظلم او ضياع حقوق أو تألأخير في معاملة أو طفح المجاري!!! أو غيره ؟!!! ما علاقة أشخاص هنا أو هناك أو حتى حكومة بوطن كان الأول وهو الأخير، به بدأت الدنيا وبه ستختم؟!!! ان كانت دولتنا وحكومتها مليئة بالسيئيين فوطننا مليء بالعظماء، ولا دخل لهذا بتلك.. وطننا أنجب أبو البشرية نبينا آدم وبعده أبوها الثاني نبينا نوح عليهما السلام وأبو الأنبياء النبي إبراهيم عليه السلام ونبينا اسماعيل عليه السلام جد نبينا الأعظم محمد صلى الله عليه وآله والنبي اسحاق ويعقوب ويوسف أجداد أنبياء بني اسرائيل جميعا ومنهم النبي موسى والسيدة العذراء أم سيدنا المسيح عليهما السلام.. احصائيات دينية ونسبية تؤكد أن أنبياء الله الـ 124 ألف إما عراقيين أصلاً وفصلاً ودما ولحماً وثقافة ومعيشة ومدفناً، وإما أن تكون أصولهم من هذه الأرض.. العراق المقدس. آلاف العلماء في شتى العلوم الدينية والمادية ولدوا وعاشوا وتعلموا على هذه الأرض أو نشأوا فيها وأخذوا علومهم منها.. أئمة الهدى الإثني عشر صلوات الله عليهم أجمعين، الذين نتفاخر بالانتساب لهم أصلهم من هذه الأرض، ونصفهم مدفونين فيها، وخاتمهم عجل الله فرجه سيتخذ العراق وطنه الذي وُلد فيه عاصمة دولته العالمية... ولماذا اختار قبله الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام إقامة دولته في العراق، ومن بعده الإمام الحسن عليه السلام، ومن بعده الإمام الحسين عليه السلام في نهضته؟!! ألا يعني هذا أن العراق البلد الوحيد القادر على استيعاب هذه الدولة وقيادة العالم، ومن قبلها استيعاب فكر النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم، بما يمتلكه من مؤهلات بشرية قبل المادية؟!!! وطننا مؤسس أولى الحضارات، وأبنائه يعملون ويبدعون ويخترعون في جامعات وشركات ومصانع ومؤسسات بحثية وقد ملأ الدنيا علمهم، في الصناعة والزراعة والطب والهندسة والبرمجة في امريكا والمانيا وغيرهما.. وطننا ما زال ينجب المبدعين وسيبقى لأنه وطن الحضارات والأنبياء... وطننا أنجب آلاف الأطباء الذين تقوم بهم السياحة الطبية في بريطانيا، وبهم تسمى أم الطب، فوزير الصحة البريطاني عراقي وتخرج من اعدادية عراقية، وأكثر من 1500 بروفيسور طبيب في لندن يعالجون كل مشاهير العالم وحكامه، وبسببهم يدخل بريطانيا سنوياً مليارات الدولارات... هذه محطات بسيطة من مفاخر بلدنا، تجعلنا نفتخر به، وفي ذات الوقت لنا الحق بأن نكره حكومتنا كلها او بعضها ان خانت أو قصّرت، وننتقدها ان أساءت التصرف، ونمقت من يهين نفسه ولا يحترم تأريخه من وزرائها. لكن لا يحق لنا لا دينياً ولا وطنيا ولا أخلاقياً أن نمقت بلدنا، فنحن بذلك نكون كمن يمقت أمه وأباه، ويتنكر لأصله، ويخون اليد التي أعطته وأوجدته وربته، ولا يفعلها إلا شيطان.. من منع الرواتب لمستحقيها وظلم وبغى وطغى وسرق وهدم وقتل ليس العراق بل أفراد في حكومة العراق... متى نفرق بين الوطن وحكومة الوطن؟!!! هل من صحوة تعيد الأمور إلى نصابها يا عراقيين.. الى متى يحتقر البعض منكم نفسه بسبب ما يتناقله الجهلة من مكذوبات أعداء العراق من الأمويين والصداميين والحاقدين، مصورين لنا العراق وطناً يأنف الانسان من الانتماء اليه، وهو في الحقيقة البلد الذي يحق لنا ان نفتخر به... متى يبدأ مشروع إعادة بناء الشخصية العراقية؟ وإعادة كتابة تأريخنا المسروق والمزور لنصلح الحاضر وننطلق لمستقبل نسود فيه العالم من جديد.. ونحن أهلٌ لذلك لأننا عراق الأنبياء والأوصياء والصالحين والعلماء والحضارات... ولكن في الحلق شجى وفي العين قذى...
أقرأ ايضاً
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟
- متى .......نتعلم ؟