حجم النص
بقلم:فالح حسون الدراجي لو ألقينا نظرة على خارطة الخليقة عبر تسلسل جميع الأزمان، لوجدنا فيها العجب العجاب من المخلوقات، والصور، والوقائع المتناقضة. فبالقدر الذي ضم فيه الكوكب الإنساني نجوماً، وأقماراً وزرقة مدهشة، ضم أيضاً ظلمة حالكة، وعواصف مدمرة، وأعاصير مهلكة، كادت تودي بالحياة الى الفناء. ولا أظن أن هناك صعوبة في اكتشاف مثل هذه المتناقضات، أو الفوارق، أو المسافات الشاسعة بين مناطق الجمال، والقبح في التاريخ الإنساني. فروعة علي بن أبي طالب مثلاً، وجمالية روحه، ورفعة مبادئه، وسعة قيمه وخصائصه البشرية التي تقترب من خصائص الملائكة، لا تحتاج لعبقرية فذة ليميزها عن قبح ونذالة، وانحطاط، ودنيوية معاوية بن أبي سفيان.. لكننا سنحتاج حتماً لمعرفة السبب، أو الضرورة التي دعت لخلق شخصية وضيعة مثل معاوية بن أبي سفيان جنباً الى جنب مع شخصية سماوية كعلي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام. وإذا كان في روزنامة العصور، ومدن الحياة الواسعة جمال ساحر، وفتنة رفيعة، ومنتوجات خارقة في الدهشة الإبداعية، وروائع فنية باهرة، سواء أكانت من إبداعات الطبيعة أم من انتاجات القدر، أم من صناعة الخالق الأعظم. فإن علينا أن نعترف أيضاً أن ثمة مغالطات وجودية صادمة، ومخلوقات لا ضرورة لوجودها بين الخليقة، فهي ليست فائضة عن الحاجة البشرية والحياتية فحسب، إنما هي كارثية أيضاً، فيها من الضرر ما كاد يؤدي الى تدمير الإنسانية ألف مرة. فما الفائدة إذن من خلق يزيد بن معاوية والحجاج، وهولاكو، وهتلر، وموسوليني، وصدام حسين، وآريل شارون، وعلي كيمياوي، واسامة بن لادن، والزرقاوي، وأبي بكر البغدادي، ودولة قطر (شلع قلع كلها)، وابن تيمية، ويوسف القرضاوي، وحارث الضاري، وطارق الهاشمي، وجمهور(عراقي) يهتف (چيس چيس عراق)، والأردن الشقيق الذي قضى عمره يعيش عالة على خير الدول الأخرى، والطرطور عرعور، وبلاتر الفاسد، ومنصات العز والكرامة، التي دمرت كل ما بقي من (عزهم) وكرامتهم..! ثم ما هي الحكمة العظيمة من وجود جماعة (بوكو حرام)، إذا كانت الجماعة كلها حراما في حرام؟! صدقاً أنا لا أعرف كيف يعيش في زمن واحد، وكوكب واحد شخص مثل غاندي، مؤسس دولة التآخي، والوئام الهندية، مع شخص مثل عبد العزيز آل سعود مؤسس دولة الكفر، والقتل، والتخلف السعودية.. وكيف يمكن أن تعيش في كوكب واحد الفاتنة مارلين مونرو مع القاتلة گولدا مائير أو يعيش في بيئة واحدة، ناي الجنوب داخل حسن، مع المجرم ناظم گزار؟! ولماذا تتسع الحياة لقتلة مجرمين مثل حسين كامل، وبرزان، وشاكر وهيب ومحمد الدايني، وأحمد العلواني، وغيرهم من السفلة المجرمين. ولماذا (يرزقنا) الله بكل هذه (الخلق الزفرة)، وهو الجميل المدهش، الذي يحب الجمال، فيخلقه لنا بأحلى، وأجمل صورة؟ نعم ما الفائدة من وجود مثل هذه الكوارث في الحياة، ومعها الملايين الذين لا يسع المجال لذكرهم جميعاً غير أن وجودهم يضر بسلامة البيئة البشرية، خاصة وإنهم قادرون على تلويث الكرة الأرضية بسمومهم، وقذاراتهم..؟ فهل يرضى الله سبحانه وتعالى مثلاً، أن يكون لداعش وجود على اديم هذه الحياة، التي يلعب فيها فريق برشلونة الجميل؟ وكيف تسمح الطبيعة، والقوانين السماوية والأرضية في أن يعيش فريق ميسي، وسواريز، ونيمار، وتشافي، وأنستا، وغيرهم من صناع الجمال، وعازفي سمفونية المحبة الرياضية، الذين أمتعونا أمس الأول في ملعب برلين، وحصدوا الكأس الثالثة بكفاحهم وفنونهم الجميلة، وأمتعونا من قبل ويمتعونا من بعد. أقصد فريق برشلونة الذي يقال أن مباراته أمس الأول مع يوفنتوس قد أسكرت بسحرها (مليار ونصف شخص) حتى الثمالة.. كيف يمكن لهذا الفريق الإنساني الراقي أن يتزامن وجوده المعطاء مع وجود (فريق) داعش الدامي، الذي يلعب برؤوس البشر الأبرياء (كرة عدم). يعني الله يقبل ميسي وظافر العاني، مصنوعين من نفس الطينة البشرية!!
أقرأ ايضاً
- انهاء داعش... الكماشة ضرورة عسكرية
- انقذوا شبابنا قبل ان تنهشهم كلاب داعش..
- ما بعد داعش..ما قبل التحرير