حجم النص
بقلم:هادي جلو مرعي يرد الناس بإنفعال واضح، ولم لا مادام الآخر لايرغب في شراكتي، لكن حتى نوع الشراكة غير واضح، دعونا من الأكراد هذه اللحظة، ولنتحدث عن بغداد، وعن السنة والشيعة. السنة الذين حكموا لمئات من السنين، وكانوا قادة الخلافة الإسلامية التي عاصمتها بغداد، وحكموا منها نصف العالم القديم، يبدو إنهم لايستطيعون التعاطي مع أسلوب حكم لايتناسب ورؤيتهم الدينية والقومية، فهم يشعرون إن الأمور تذهب على الدوام بإتجاه إيران الفارسية الشيعية، هم لم يتعودوا التعاطي مع النموذج الديني للشيعة، ولا مع البعد القومي في العلاقة بين العرب والفرس، وكانت المشاكل القومية سابقة للدين حتى في أيام تسنن إيران، وقبل إن تعلن تشيعها الرسمي منذ بضع قرون، وليس أبعد من ذلك. لم يستطع السنة قبول فكرة وجود حكم شيعي للدولة العراقية التي يعدونها سنية، ولا مثل هذا الوجود لبغداد التي هي حاضرة الخلافة السنية، ولم يتحملوا فكرة أن تكون بغداد صديقة حميمة لطهران، هي بنظرهم اليوم أشبه بالعاصمة الشيعية، فهل أخطا صدام حسين حين سمح للشيعة أن يفدوا من الجنوب بكثرة خلال سنوات حكمه المملة، أم إنه أخطأ في نوع الإبادة التي مارسها سواء حين دفع بمئات ألوف الشيعة الى جبهات الحرب ليتقاتلوا مع شيعة إيران، أو حين حفر لهم القبور بعد هزيمة الكويت في 1991، أو حين جعلهم يأكلون الطعام الفاسد والحنطة الفاسدة من مستودعات فاسدة طوال أحد عشر عاما من الحصار الأمريكي الذي إستمر حتى سقوطه في 2003 وتلك كانت لحظة الحقيقة الكافرة مع شكل ووجود مختلف للدولة التي ستؤثر في المحيط وتقلب موازين كل شئ؟ صحيح إن إجراءات صدام حسين كانت قاسية، ولكن يبدو إن الفكر الشيعي سواء على مستوى القبيلة، أو على مستوى الحياة الحضرية كان له تأثير مختلف، فنسبة الولادات كانت مرتفعة جدا أخذ الناس يعوضون القتلى من أبنائهم في الحروب العبثية بمزيد من الأعراس والزيجات، دخل العراق حربه مع إيران بثلاثة عشر مليون إنسان، وخرج منها بثمانية عشرة مليونا، لكن هذا الرقم تصاعد بشكل مخيف خلال سنوات التسعينيات، وبعد سقوط صدام، وعدد سكان العراق قد يصل الأربعين مليونا، بينما بغداد تكاد تكون مدينة شيعية بالكامل. وقد فسر العديد من سكانها تصريحات بعض مشايخ السنة وسياسييهم عندما هتف البعض منهم بعبارة(قادمون يابغداد) على إنها محاولة لتأطير رغبة بإستعادة مدينة مغتصبة، وهذا ماأشار إليه الدكتور عدنان الدليمي أحد القادة المبرزين قبل سنوات في مؤتمر عقد في تركيا، إن بغداد محتلة من الفرس، ويجب تحريرها، بالطبع المقصود من العبارة ليس الفرس على وجه الحقيقة، بل المجاز الذي يعني وجود كثافة سكانية شيعية وطبقة سياسية، ومثلها طبقة تجار تمتلك الثروة والنفوذ وهي فئات وطبقات حليفة لإيران. يأس السنة يدفعهم للقبول بالتقسيم، بينما الكرد الذين لايعبأون بمايجري كثيرا يركزون على الناحية الأهم في الصراع وهي بناء الدولة الكردية الموعودة، فالتقسيم لديهم هو الحل.