حجم النص
نـــــــزار حيدر قدْ يطولُ الزّمن قَبْلَ ان تنكشفَ الحقيقة، الّا انها في النّهاية ستنكشّف حتماً، وهذا ما يجري يوماً بعدَ آخر فيما يتعلّق بالارهاب، كانَ آخرها الجريمة البشعة التي ارتكبها الارهابيّون بحقّ مجموعةٍ من المواطنين المصريّين الأقباط المقيمين في ليبيا. في قصّة يوسُف عليه السلام أُخفيت الحقيقة اربعين عاماً الا انّها في النهاية تبينت بشكل واضح لا لبسَ فيه فآمن بها واستسلم لها كلّ الناس، حتّى أولئك الذين أخفوها او كفروا بها او تهرّبوا منها او تجاهلوها، فكل الناس اعترفوا بها رغماً عن أنوفهم، فالحقيقة كنور الشمس لا يقدر احدٌ على ان يحجبها، قد يقدر على ذلك بعض الوقت ولكن ليس كلّ الوقت ابداً. كنّا نتمنّى ان يكتشفَ او يَكشِفَ (أشقّاؤنا العرب) عن حقيقة المذابح التي ظلّ يتعرّض لها العراقيون على يد التكفيريّين الارهابيين منذ سقوط نظام الطاغية الذليل صدام حسين، فكنّا نقولُ لهم انّ ما يجري في العراق هو ارهاب تكفيري مدعوم بفتاوى فقهاء البلاط المحميّين مِن قِبَلِ نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية تحديداً، أهدر الدّم واستباح العِرض واغتصب الارض، ولقد بذلنا كلّ جهدٍ ممكن ومطلوب لإيضاح الحقيقة، الا انهم {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} واذا زدناهم حججاً لإثبات صحة ما نقول، كان جوابهم {قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فلم يشاؤوا ان يصغوا لنا ابداً. لقد تعاملوا مع جِراحنا ودماءنا وارواحنا وأيتامنا بِنٓفٓسٍ طائفي حاقد ودفين، يغذّيه بترودولار نظام القبيلة، فآثر جميعهم جيوبهم على دمائنا ومصالحهم على ارواحنا وانانيّاتهم على أعراضِنا. فهل تصوّروا ان الله يُهمِل؟ أعوذ بالله! إِنَّهُ قد يُمهل الّا انّهُ لَنْ يُهمل، فـ {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} وها هو الوقت قد حانَ ليرى الجميع انفسهم في مواجهةٍ مباشرةٍ مع نفس العناوين التي ظلّت تواجه العراقيين طوال العقد الماضي من الزمن وأكثر. لقد اختلفت الاسماء والمسمّيات والعناوين والّلافتات والشعارات الا ان الجوهر نفسه لم يتغيّر، كما تفعل الحيّة التي تغيّر جلِدها دون ان تمس حقيقتها في شَيْءٍ ابداً. كنّا نتمنّى ان يكونَ الثّمن بسيطاً وتافهاً قبل ان يكتشفوا او يكشفوا عن الحقيقة، الا انّ تماديهم وتجاهلهم واستمرارهم في غيّهم وفي تقديم انانيّاتهم على معرفة الحقيقة او التعريف بها، هو الذي جعل الثمن غالياً، فبالامس أحرق الارهابيون ضحيةً وبطريقةٍ وحشيّة، واليوم يرتكبون جريمتهم البشعة الجديدة، بحق مجموعة من المصريين الأقباط. وللاسف الشّديد ففي كلّ مرّة تدفع الشّعوب الثّمن، ويدفع الأبرياء الثمن، ثمن تجاهل الحكام والانظمة الفاسدة حقيقة الامور. هذه المرّة يجب على الشعوب ان تتحرك لإنقاذ نفسها من غول الارهاب الذي باتَ يُهدّدهم في عُقر دورهم، من خلال؛ الف؛ فضح كل من يتستّر على الارهابيين او يبرّر لهم ولو بحرف، حاكماً كان او فقيهاً او خطيباً او اعلاماً او ايِّ شَيْءٍ آخر. باء؛ مقاطعة كل فقهاء ومشايخ وخطباء التّكفير في كلّ مكان، وعزلهم عن المجتمع لمحاصرتهم وانهاء أثرهم في المجتمع والقضاء على تأثيرهم. جيم؛ تجريم الفكر التكفيري بكل اشكاله. دال؛ ان يضعوا جانباً كل انواع الخلافات والاختلافات من أجل التعاون وبأية طريقة من الطرق لوأد الارهاب. هاء؛ التحرك دولياً، سياسياً وحقوقياً ودبلوماسياً وشعبياً واعلامياً لمحاصرة الارهابيين. لا ينبغي ان يتفرّج احدٌ على جهود الاخرين في مجال مكافحة الارهاب، فالكُل يجب ان يشترك، من كلٍّ حسْبَ جُهده وإمكانيّاته. لقد كنّا نسعى دائماً لإشراك الاخرين في تظاهراتنا واعتصاماتنا ضد الارهاب والتي كنّا ننظّمها في العاصمة الأميركية واشنطن امام البيت الأبيض وسفارة نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، كونها الرّاعي الرئيسي والمنبع الأساس لكلّ هذا الارهاب، فكان (الاشقّاء) يتحجّجون ويتشبّثون بالاعذار الواهية للتهرّب من المشاركة، كون المشكلة طائفية ولا دخل لنا بها! على حدِّ قولهم، اما اليوم فلا يجرؤ احدٌ على هذا القول بعد ان وسّع الارهابيون من مساحة جرائمهم لتشمل سوريا ولبنان وإفريقيا، تشاد آخرها، وليبيا ومصر والحبل على الجرار، ما لم يعترف الجميع بان ضحايا العنف في العراق كانوا شهداءَ وليسوا قتلى! والحر تكفيه الإشارة. لقد برّرتم جرائمهم في العراق وسوريا والبحرين ولبنان، وبذلتم كل ما بوسعكم لتشويه حقيقتها بحجة الطائفيّة، ظناً منكم أنّكم في منأى عنها، حتى اذا لامست نيران ارهابهم ذيولكم اضطررتم للكشف عن الاقنعة، ولكن، وللاسف، فلقد كان الثمن باهضاً!. ولكن ما العمل؟ فهذه سنّة الله تعالى في خلقه، فمن لم يدفع الظلم عن الاخرين بثمن بخسٍ، سيكتوي به فيضطر لدفعه عن نفسه بأغلى ثمن وهذا ما يحصل اليوم. E-mail: nhaidar@hotmail. com