حجم النص
بقلم عباس الصباغ من خلال استقرائنا لأولويات رئيس الوزراء د.العبادي التي طرحها في برنامجه الحكومي نجد انه ماض ٍ في سياسته الرامية الى تفعيل إستراتيجية تصفير جميع الأزمات والاستعصاءات التي تكتنف المشهد العراقي والتي تعطيه توصيفا ازماتيا الى درجة ان الصفة الازماتية (مشهد مأزوم) ظلت ملازمة للمشهد العراقي المكتظ بالأزمات التي ظلت لأكثر من عقد من عمر العملية السياسية الديمقراطية تبحث عن انفراجات وحلول. وليس بجديد القول ان العراق حاليا يواجه أزمتين طاحنتين متلازمتين ومترابطتين في آن واحد وتؤثر إحداهما على الاخرى وقد تعرضان وجوده الى الخطر المحدق دولة وشعبا ومرتكزات اذا لم تُعالجا معالجات حاسمة وناجعة، ولكل أزمة منهما ملفات عديدة تدور في فلكهما أي ان كل أزمة لها متعلقات لاتنفك عنها إلا إذا أزيلت أسبابها ومحيت أثارها، تتمثل الأزمة الاولى بوجود الكيان الداعشي على الأراضي العراقية كطرف محتل ومعتدٍ وبمتطلبات إزاحة هذا الوجود نهائيا وتحرير الأراضي التي قضمها هذا الكيان القروسطي المتوحش فيما تتمثل الأزمة الثانية في التذبذب المستمر هبوطا في أسعار النفط وتأثير هذا التذبذب سلبا على تمويل الموازنة الاتحادية، ومما لايخفى مدى تأثير الاقتصاد على ديمومة عجلة التمويل الأمني والعسكري وإدامة ديناميكية هذه العجلة ومتطلباتها وتغذية مواردها وفعالياتها الميدانية وتحقيق نتائج طيبة لها أثرها المستقبلي على مجريات الأحداث على ارض الواقع. الأزمتان المتزامنتان في آن واحد (داعش ـ أسعار النفط) لهما تداعيات أمنية ـ اقتصادية مترابطة ايضا فالأزمة الأمنية ترتبط معها ملفات الحشد الشعبي وتمويل نفقاتهم فضلا عن النازحين وتوفير سبل معيشتهم ومتطلباتهم حاليا وإعادتهم الى مناطق سكناهم في المستقبل المنظور وإعادة اعمار البنى التحتية للمناطق المحررة من سطوة داعش فضلا عن تمويل ماكنة الحرب لاسيما السلاح الجوي الذي له تأثير مباشر على مجريات الفعاليات الأمنية والحربية لصالح قواتنا الأمنية والعسكرية وهنا يبرز الى الواجهة الازماتية الاقتصاد الريعي المعتمد على النفط فقط موردا شبه وحيد كأزمة اخرى تضاف ولها تماس مباشر مع الملفات المتعلقة بالأزمة الأمنية كما ترتبط ملفات اقتصادية متعلقة بالأزمة الاقتصادية التي سببها تذبذبُ أسعار النفط هبوطا كملف النفقات وضغطها وترشيدها الى أقصى حد ممكن باعتماد سياسة التقشف وفرض الضرائب وتأخر انجاز المشاريع الحيوية (التي تأخرت من العام الفائت الذي لم يشهد إقرارا للموازنة أصلا) وتمويل الموازنة العامة التي شهدت عجزا قياسيا (حوالي 25 تريليونَ دينار). هاتان الأزمتان تشكلان اهم التحديات التي تواجه حكومة د. العبادي التي واجهت تحديات وانسدادات داخلية وخارجية كثيرة عمل السيد العبادي على حلحلتها وتصفيرها نهائيا كون العراق بحاجة ماسة الى وضع آمن ومستقر وبعيد عن أجواء التوتر والمشاحنة والقلق والتجاذب والاستقطاب السلبي المربك داخليا وخارجيا لتتفرغ الحكومة الى معالجة الأزمات والمشاكل التي تهدد العراق بشكل مباشر ومن جملة هذه الأزمات التي تم تسويتها ولو مرحليا العلاقات المتوترة والمأزومة مع إقليم كردستان العراق وترميم العلاقات المتوترة مع دول الجوار والمحيط الإقليمي والخارجي وفتح صفحات جديدة من العلاقات الدبلوماسية الناجحة والتي تفتح آفاقا رحبة من التعاون السياسي والأمني والاقتصادي المشترك مع هذه البلدان بما يصب في مصلحة الشعب العراقي العليا بعد إزالة عوامل التوتر والبرود والقطيعة والتشنج التي كانت سائدة على هذه العلاقات. ومن ظاهر الحال نجد ان د.العبادي ماضٍ في ترتيب بيته الداخلي بعد تصفير الأزمات الداخلية التي كانت تشكل حجر عثرة في عجلة النجاحات الحكومية التي يسعى اليها د. العبادي التي يأملها من خلال برنامجه الحكومي الذي يشكل خارطة طريق نحو مستقبل أفضل وفي جميع المجالات ناهيك عن تفعيل آليات التوافق والمصالحة الوطنية وتحقيق السلم الأهلي وعلى ذات السياق اتجه د. العبادي الى تصفير الأزمات الخارجية من خلال تنقية الأجواء الخارجية التي تحيط بالعراق وإعادة العراق الى السكة الصحيحة واقامة علاقات متوازنة مع جميع دول العالم ورسم خارطة طريق خارجية على غرار خارطة الطريق الداخلية ومن المؤكد ان لا نجاح لأي مسعى حكومي في ظل وجود أزمات طاحنة وانسدادات محبطة تشعر المواطن بالقلق واليأس من الحاضر والمستقبل. إعلامي وكاتب مستقل [email protected]
أقرأ ايضاً
- الابعاد الاستراتيجية لتطوير تشريعات الاحوال الشخصية
- شراكة استراتيجية لابد منها
- النجف من الترقيع إلى الاستراتيجية!