حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ كثرت في الآونة الأخيرة الإشارات والتصريحات الواردة من بعض السياسيين “المتفائلين” او الذين يكتنفهم شيء من التفاؤل الحذر بان الأمور بدأت تسير وفق مايرام، و”التفاؤل” مقتضاه هو شيوع الهدوء السياسي النسبي على مجمل الفعاليات السياسية المنضوية في العملية السياسية الجارية ومن الممكن ان نصف المشهد السياسي العراقي حاليا بانه مشهد هادئ نسبيا وهي إشارات لم تكن من قبل بهذا المستوى من التفاؤل او كانت إشارات مشحونة بالتشاؤم. وبنظرة تحليلية فاحصة نستشف بعض الأسباب التي تقف وراء هذا الهدوء ونستقرئ من تلك الأسباب النتائج المترتبة عنها نجد ان هناك قضيتين رئيسيتين مهمتين تقفان وراء هذا الهدوء السياسي النسبي مبعث التفاؤل الحذر وساهمتا في ذلك (فضلا عن قضايا اخرى كتوجه العراق الى ترميم علاقاته الخارجية مع محيطه الإقليمي): الاولى هو الاتفاق التاريخي المبدئي الذي ابرم بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان العراق وفي محاولة لترميم العلاقات التي شهدت توترا ملحوظا في السنين الماضية ولتنقية الأجواء الوطنية لاسيما في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق والانطلاق نحو تأسيس قواعد وطنية رصينة مشتركة لأرضية تفاهمات تفضي الى حل المشاكل العالقة بين المركز والإقليم او المحافظات غير المنتظمة بإقليم وإزالة جو التوتر الذي لايخدم احدا، والقضية الثانية التي ساهمت في شيوع الهدوء السياسي النسبي بين الأطراف السياسية هي الضرورة القصوى للتلاحم الوطني والتكاتف السياسي الملازم لأجواء الانتصارات التي حققتها القوات الأمنية والجيش العراقي وفصائل الحشد الشعبي في معارك المصير التي تخوضها ضد الإرهاب الأسود بما يسمى داعش وهذا الاصطفاف هو الحد الادنى من القدر المتاح الذي من الممكن ان يقدمه الفرقاء السياسيون للشعب العراقي وهو شيء طبيعي مألوف تمر به اغلب الدول التي تمر بمنعطفات حادة وحساسة. وهي حالة طالما انتظرها الشعب العراقي ولسنوات طويلة عانى منها العراقيون الامرين بان يعمل الفرقاء السياسيون داخل الفضاء الوطني والتحرر من شرنقة الديماغوجيا المفرطة التي تلفعت بها اغلب الأحزاب والكتل السياسية وحبسوا أنفسهم داخل جدرانها الأيدلوجية العالية التي عزلتهم عن الجماهير وتطلعاتها في عيش كريم وآمن.وهاتان القضيتان كان لهما الأثر الرئيس في تحقيق الانسجام السياسي والوئام الوطني وتحقيق الحد الأدنى من التئام الشمل والشعور بالمصير المشترك الذي تهدده التنازعات والتوترات والمناكفات المتقابلة وتقوض أسسه الأعمال الإرهابية الهمجية، وقد أثبتت الوقائع ان المجتمع الأهلي العراقي كان اكثر انسجاما وتآلفا من المجتمع السياسي الذي عصفت به الأهواء السياسية والمزاجات الحزبوية والتخندقات الكتلوية من تلك التي أهدرت اكثر من فرصة تاريخية في مضمار الشروع في بناء دولة المؤسسات والقانون، وأضافت جوا في عدم الاستقرار المصاحب للوضع الأمني المتذبذب والهش الأمر الذي رسم اكثر من صورة سلبية وقاتمة عن المشهد العراقي وكانت هذه الصورة اكثر ضبابية أمام فرص الاستثمار العالمي بالدخول في الأراضي العراقية لاسيما في مجالي النفط والمرافق الاقتصادية الاخرى وساهمت في زعزعة ثقة المستثمرين الأجانب لانهم لم يجدوا مناخا مناسبا لنشاطاتهم التي تضيف موارد مالية اضافية ترفع عن كاهل الاقتصاد العراقي أعباء الاقتصاد الريعي واستفراده وهو ما أعطى الفرصة سانحة للقنوات الإعلامية المغرضة لتتصيد في هذا الماء العكر وتنقل صورة مرعبة ومشوشة عن العراق. ولايُخفى ماللهدوء السياسي في اية دولة ـ في العراق خاصةـ من اثر بالغ في تشكيل مناخ وطني ملائم لتحقيق البرامج الحكومية التي تصب في تنقية الأجواء ضمن البيت الوطني الواحد وتفعيل آليات المصالحة الوطنية بشكل ملموس وفعال وإعطاء صورة ايجابية للمحيط الخارجي وتبديد الصورة القاتمة التي رُسمت في مخيلة الرأي العام العالمي عن حيثيات الواقع العراقي ولهذا كانت دعوة الكثير من السياسيين الى استغلال حالة الهدوء السياسي النسبي للانطلاق نحو مستقبل افضل للعراق كانت دعوة لم تنطلق عن فراغ. إعلامي وكاتب مستقل/ باحث في الشؤون العراقية [email protected]
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!