حجم النص
عباس عبد الرزاق الصباغ الحراك الدولي الفعال والناشط الذي تمارسه دول عديدة انتظمت في تحالف تقوده الولايات المتحدة كشريك أساسي دخلت على الخط في القتال ضد داعش في مسعى إستراتيجي شامل وطويل الأمد بدأ يأخذ صفته العالمية والدولية والإقليمية فضلا عن المحلية.. وهذا الحراك له ما يبرره فعلى الصعيد الدولي ـ السياسي وجد المجتمع الدولي نفسه في مطب حقيقي بعد أن فشلت المساعي ـ او أُفشلت ـ في تحجيم خطر التنظيمات الإرهابية في سوريا من تلك التي أنتجت "داعش" التي توسعت وتمددت في قلب الشرق الأوسط ذي الأهمية الإستراتيجية العالمية الفائقة وعبَرَ هذا التنظيم الحدود باتجاه العراق ـ كمرحلة أولى ـ قد تعقبها مراحل اخرى باتجاه دول اخرى لها "أولويات" في خارطة أجندات "داعش" وهو الامر الذي حذر منه العراق من قبل حين اشتدت العمليات الإرهابية على أراضيه وقد واجه العراق لأكثر من مرة المجتمع الدولي (الذي كان يتفرج) بالوثائق الدامغة حول خطر الإرهاب الذي من الممكن ان يمتد في بقاع كثيرة إذا ما وجد الظروف مواتية من حواضن ودعم لوجستي وتكتيكي ومالي وغيره، لكن دون جدوى ومن الممكن أن يرتد حتى الى داخل الدول الداعمة له وقد حذر العراق مسبقا من ان التنظيمات الإرهابية قد لاتقتصر على سوريا فقط ولاتتوقف عند الحدود السورية وبمعنى اخر لن يقف أمامها حد او حاجز. ومن جانب آخر ان المجتمع الدولي لاسيما القوى الكبرى فضلا عن المحيط الإقليمي "المهتم" الان بمحاربة الإرهاب انشغلوا بمسألة إسقاط حكومة بشار الأسد فضلا عن "انشغالهم" وتوجسهم المبالغ فيه بالملف النووي الإيراني وتخبطهم في فك طلاسم الملف السوري وألغازه وتركوا العصابات الإرهابية تنشط على هواها وتتكاثر أميبيا وتنتقل بحرية مابين العراق وسوريا وتتخذ لها حواضن صارت منطلقا لنشاطاتها الإرهابية عبر حدود ماتزال مشرعة أبوابها لمن هب ودب لتتخذ هذه العصابات مجالا زئبقيا مرنا في التمويل او في التجنيد او في التعبئة بكافة أشكالها مرورا بالتخطيط والتنفيذ وضرب الأهداف التي تختارها بالزمان والمكان اللذين تراهما مناسبين لذلك كما تركوا المنابع والبؤر التي تعطي الزخم والدعم المطلوب للإرهاب تفعل ما تشاء فوقعوا في خطا إستراتيجي قاتل آخر وباهظ الثمن للجميع وللعراق خاصة الذي دفع الثمن الأكثر فداحة بسبب هذا الخطأ الإستراتيجي القاتل المتأتي من عدم الدقة في الحسابات الجيوـ ستراتيجية او عدم القراءة الصحيحة للخارطة السيا/ طائفية والديمغرافية ـ الاثنية للمنطقة او عدم تقدير خطر هذه التنظيمات تقديرا صحيحا والاستهانة بمدى فعاليتها على الأرض. وعلى الصعيد الدولي ـ الإنساني وجد المجتمع الدولي نفسه ايضا في مطب آخر يكمن في حقيقة لامجال فيها للتراخي او غض النظر عن بعض القضايا الخطيرة التي لها تداعيات وإسقاطات ومخاطر عابرة للحدود الوطنية للدول كونها بحسب أهميتها وخطورتها لم تعد شانا وطنيا محليا تخص دولة معينة بذاتها بل قد تكون شانا إقليميا او دوليا وحتى عالميا عاما وليس خاصا لتأخذ طابعا عالميا عابرا لجميع الحدود وهو ما يمثله اليوم خطر تنظيم داعش في العراق وسوريا الذي بات يهدد الأمن والسلم الدوليين ويضرب أية دولة يشاء في عقر دارها ما يستدعي تكاتف المجتمع الدولي بكافة أعضاء أسرته لمكافحة هذه الظاهرة مكافحة فعالة وعلى جميع الصعد وتجفيف منابع تمويله التي تعطيه ديمومة نشاطاته المتعددة ومحاسبة الدول او الجهات وحتى الشخصيات التي تدعم الإرهاب بكافة أنواع الدعم. والتبرير الآخر لهذا الحراك الإقليمي / الدولي في التخندق ضد داعش هو ان نشاطات هذه التنظيمات لاسيما في العراق من الممكن ان تعرِّض المصالح الحيوية الدولية (منها الدول الكبرى) في الشرق الأوسط الى الخطر خاصة ما يتعلق منها بإمدادات الطاقة والمصالح الحيوية العالمية باعتبار الموقع الجيوبوليتيكي للشرق الأوسط والعراق، ولهذا ليس اعتباطا ان تقود الولايات المتحدة التحالف الدولي بالتعاون مع بريطانيا (حليفتها الرئيسية) وفرنسا وبلجيكا والدانمرك وهولندا وألمانيا او ما يقارب من أربعين دولة كايطاليا والفلبين مثلا وغيرها اضافة الى دول عربية كالأردن والبحرين وقطر والسعودية والإمارات العربية بعضها يساهم بشكل علني وبعضها بشكل سري وذلك بتوجيه ضربات جوية قاصمة قبل الاستعداد لشن هجوم بري إذا ما استدعت الحاجة لذلك على ان يكون هذا التحالف ضمن اتفاقية لاتتعارض مع السيادة العراقية او تمس الوحدة الوطنية وضمن ميثاق الأمم المتحدة والأعراف والمواثيق الدولية وبالتنسيق مع الحكومة العراقية وبطلب رسمي منها في وقت أبدت بعض الدول كاستراليا رغبتها في المشاركة في هذا التحالف. ان استتباب الأمن في العراق يعني شرق أوسط مستتب ومزدهر ما ينعكس على العالم اجمع والعكس صحيح فلابد من خطوة لترسيخ وإدامة ذلك الاستتباب الآمن انطلاقا من العراق الذي هو قلب وعصب الشرق الأوسط والعالم في خطوة وان جاءت متأخرة إلا أنها تعد خطوة في الاتجاه الصحيح... إعلامي وكاتب مستقل[email protected]
أقرأ ايضاً
- التعويض عن التوقيف.. خطوة نحو تطور التشريع الإجرائي
- خطوات اقتصادية بالاتجاه الصحيح
- المؤتمر العلمي الاعلامي الاول ...خطوة بالاتجاه الصحيح