- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
في ذكرى مولد واستشهاد سيد الوصيين وامام المتقين الأمام علي(عليه السلام) )/ الجزء السابع
حجم النص
بقلم: عبود مزهر الكرخي حلقات خاصة بمناسبة أسبوع الولاية 4. في غزوة خيبر: دعا رسول الله(ص)أبا بكر فعقد له لواءً ثم بعثه فسار بالناس فانهزم حتى إذا بلغ ورجع، فدعا عمر فعقد له لواءً فسار ثم رجع منهزماً بالناس! فقال رسول الله: {لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله له ليس بفرار}.(1)فأي وصفٌ هذا الذي وصف رسول الله أخيه ووصيه الأمام علي روحي له الفداء والذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى والذي قال أن الله يحبه ورسوله فأي منزله حباه الله هذه الشخصية السامية والتي لم يصل إليها أحد من العالمين بعد نبينا الأكرم محمد(ص) والذي بعد انتقال نبينا الأكرم محمد(ص) إلى الرفيق الأعلى عملت أمة محمد على اغتصاب حقه في الخلافة وانتهاك حرمة بيته وغصب حق زوجته في فدك وإسقاط جنينه المحسن من زوجته الزهراء(ع) ليبقى هذا المسلسل من قتل وهتك حرمات رسول الله والأمام علي مستمر ولحد يومنا بهذا. ولنختم بما يقول الرسول الأعظم محمد(ص) عن الأمام علي إذ يقول في حديثه الشريف{ يا علي لا يعرفك إلا الله وأنا ولا يعرفني إلا الله وأنت ولا يعرف الله إلا إنا وأنت}.(2) و لما كان الغد أعطاها رسول الله (ص) عليا فاقتحم حصون خيبر و دخلها عليهم عنوة،و قتل بطلهم مرحبا ثم فتح الحصون جميع. وقد تطرقنا في مقالات بحثية سابقة إلى ماجرى من قتال بطولي للأمام علي(ع) والذي كان النر معقود بناصيته والذي ببطولته أنفتح حصن خيبر وقلع الباب ورماها ليدخل المسلمون الحصن والذي كان لايستطيع رفع هذه الباب أربعين رجلاً. ورد في رواية ان عليا قال (ما قلعت باب خيبر بقوة جسدية ولكن بقوة ربانيه)(3) وفي روايه تشبهها قال عليه السلام: (والله ما قلعت باب خيبر ورميت بها خلف ظهري أربعين ذراعا بقوة جسدية، ولا حركة غذائية، لكني أيدت بقوة ملكوتية، ونفس بنور ربها مضية، وأنا من أحمد كالضوء من الضوء، والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت، ولو أمكنتني الفرصة من رقابها لما بقيت، ومن لم يبال متى حتفه عليه ساقط فجنانه في الملمات رابط).(4) ولهذا فأن أمير المؤمنين هو مسدد ومنصور من الله وعن يمينه جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وظاهر من الملائكة المسومين. وهذا مصداق هذا الحديث الذي قاله نبينا الأكرم محمد(ص) وهو: وقال بعض الصحابة: ما عجبنا ـ يا رسول الله ـ من قوته في حمله ورميه وإتراسه، وإنما عجبنا من إجساره، وإحدى طرفيه على يده!. فقال النبي (صلى الله عليه وآله) كلاما معناه: يا هذا، نظرت إلى يده، فانظر إلى رجليه. قال: فنظرت إلى رجليه، فوجدتهما معلقين، فقلت: هذا أعجب، رجلاه على الهواء؟! فقال (صلى الله عليه وآله): ليستا على الهواء، وإنما هما على جناحي جبرئيل. ونقول: لا مجال لاعتبار هذا من الخرافة، فإن الله تبارك وتعالى يفعل أعظم من ذلك لمن يشاء من عباده المخلصين والمجاهدين. وقد قال تعالى في كتابه: {إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.(5) وأن يضع جبريل جناحه تحت قدمي علي (عليه السلام) هو أحد مفردات تثبيت الأقدام، ومن أجلى مظاهر النصر الإلهي.(6) وللدليل على مصداق كلامنا ماقاله عمر بن الخطاب عن خيبر وتسليم الراية لأمير المؤمنين حيث يقول عمر: « لقد أُعطي الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ثلاث خصال لأن تكون لي خصلة منها أحبُّ إلىّ من أن أُعطى حمر النعم تزوُّجَهُ بفاطمة (عليها السلام) وسكناه المسجد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحلّ له ما يحلّ له والراية يوم خيبر».(7) فتح مكة وقد تطرقنا في مقالات سابقة إلى ما جرى من إحداث رافقت فتح بعد صلح الحديبية حيث نقضت قريش صلحها مع المسلمين وقامت بتحريض حليفتها قبيلة بكر فأغارت على قبيلة خزاعة والتي كانت مع حلف النبي محمد(ص) وقد ساندت قريش قبيلة بكر ولهذا نقضت قريش صلح الحديبية ومن هنا جهز نبينا الأكرم جيش كبير تعداده 10 الآف مقاتل لفتح مكة؛ أعطى لواءه إلى الأمام عليّ (عليه السلام) ووزّع الرايات على زعماء القبائل ومضى يقطع الطريق باتّجاه مكّة. ولمّا رأت قريش أنّها لا طاقة لها أمام النبيّ(صلّى الله عليه وآله)والمسلمين؛استسلمت ولم تجد بُدّاً من أن يدخل كلّ فرد منهم داره ليأمن على نفسه انقياداً للأمان الذي أعلنه النبيّ لهم(8). وروي: أنّ سعد بن عبادة كان معه راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على الأنصار ولمّا مرَّ على أبي سفيان وهو واقف بمضيق الوادي (في الطريق إلى مكّة) قال أبو سفيان: من هذه ؟ قيل له: هؤلاء الأنصار عليهم سعد بن عبادة مع الراية، فلمّا حاذاه سعد قال: يا أبا سفيان، اليوم يوم الملحمة، اليوم تُستحلّ الحرمة، اليوم أذلّ الله قريشاً، فلمّا مرَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بأبي سفيان وحاذاه أبو سفيان ناداه: يا رسول الله! أمرت بقتل قومك فإنّه زعم سعد ومن معه حين مرّ بنا أنه قاتلنا فإنّه قال: اليوم يوم الملحمة... أنشدك الله في قومك، فأنت أبرّ الناس وأرحمهم وأوصلهم. فقال (صلّى الله عليه وآله): (كذب سعد، اليوم يوم المرحمة، اليوم أعزَّ الله فيه قريشاً، اليوم يعظّم الله فيه الكعبة، اليوم تكسى فيه الكعبة). وأرسل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى سعد بن عبادة عليّاً (عليه السلام) أن ينزع اللواء منه، وأن يدخل بها مكّة.(9) ودخل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مكّة بذلك الجيش الكبير الذي لم تعرف له مكة نظيراً في تأريخها الطويل، ولواؤه بيد عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وأعلن العفو العامّ وهو على أبواب مكّة وأعلن العفو وهو على أبواب مكَّة، وقال لهم:« اذهبوا فأنتم الطلقاء». وأباح دم ستة رجال، ولو كانوا متعلِّقين بأستار الكعبة، وأربع نسوة، هم: عكرمة بن أبي جهل، وهبار بن الأسود، وعبدالله بن سعد بن أبي سرح، ومِقيس بن صُبابة الليثي، والحويرث بن نُقيذ، وعبدالله بن هلال بن خطل الادرمي، وهند بنت عتبة، وسارة مولاة عمرو بن هاشم، وقينتان كانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.(10) علي (عليه السلام) وأم هاني يوم الفتح: ويقولون: بلغ علياً (عليه السلام): أن أم هاني بنت أبي طالب آوت ناساً من بني مخزوم، منهم: الحارث بن هشام، وقيس بن السائب، (وعند الواقدي: عبد الله بن ربيعة)، فقصد (عليه السلام) نحو دارها مقنَّعاً بالحديد، فنادى: (أخرجوا من آويتم). فجعلوا يذرقون كما تذرق الحبارى، خوفاً منه. فخرجت إليه أم هانئ ـ وهي لا تعرفه ـ فقالت: يا عبد الله، أنا أم هانئ، بنت عمِّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأخت علي بن أبي طالب، أنصرف عن داري. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أخرجوهم). فقالت: والله لأشكونَّك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله). فنزع المغفر عن رأسه، فعرفته، فجاءت تشتد حتى ألتزمته، وقالت: فديتك، حلفت لأشكونك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال لها: (إذهبي، فبري قسمك، فإنه بأعلى الوادي). قالت أم هانئ: فجئت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وهو في قبة يغتسل، وفاطمة (عليها السلام) تستره، فلما سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلامي، قال: (مرحباً بك يا أم هانئ وأهلاً). قلت: بأبي أنت وأمي، أشكو إليك ما لقيت من علي (عليه السلام) اليوم. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (قد أجرتُ من أجرتِ). فقالت فاطمة (عليها السلام): (إنما جئت يا أم هانئ تشتكين علياً (عليه السلام) في أنه أخاف أعداء الله وأعداء رسوله)؟! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (قد شكر الله لعلي (عليه السلام) سعيه، وأجرتُ من أجارت أم هانئ، لمكانها من علي بن أبي طالب).(11) ونورد هذه الحادثة للدلالة على مدى صلابة وإيمان الإمام علي(ع) وتنفيذه لأوامر الرسول محمد(ص)والذي لا تأخذه في الحق لؤمة لائم لأنه هو من قال عنه رسول الله (علي مع الحق والحق مع علي يدور معه أينما دار). صعود عليّ (عليه السلام) على منكب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لتحطيم الأصنام: روى الحافظ النسائي بسنده عن أبي مريم قال: قال علي (عليه السلام)(12): انطلقت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى أتَينا الكعبة فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) على منكبي، فنهض به علي (عليه السلام)، فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضعفي قال لي: اجلس فجلست، فنزل النبي (صلى الله عليه وآله) وجلس لي وقال لي: اصعد على منكبي، فصَعدتُ على منكبه فنهض بي، فقال علي (عليه السلام): انه يُخَيل إلي إني لو شئت لنلتُ أفق السماء، فصعدت على الكعبة وعليها تمثال من صفر أو نحاس، فجعلت أعالجه لأزيله يميناً وشمالا وقدّاماً ومن بين يديه ومن خلفه حتى استمكنت منه. فقال نبي الله (صلى الله عليه وآله): اِقْذِفهُ، فقذَفتُ به فكسرته كما تكسَّر القوارير، ثم نزلت فانطلقت أنا و رسول الله (صلى الله عليه وآله) نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية ان يَلقانا أحد.(13) قال سعيد بن المسيب: فلهذا كان علي (عليه السلام) يقول: سَلوُني عن طرق السموات فاِني أعَرفُ بها من طرق الأرضين، ولو كشف الغطاء ما أزدَدتُ يقيناً.(14) ومن سخريات القدر ان نجد في أفلامهم التمثيلية وحتى كتبهم الناصبية وفي فيلم الرسالة بالذات أن من كان قائد الجيش وصاحب اللواء هو خالد بن الوليد مع العلم إن كتبهم وصحاحهم تشير على غير ذلك وغير ما أوردناه أنفاً ثم لتكتمل مهزلة تزييف التاريخ بأنه في فيلم الرسالة يوضحون إن بلال هو من اسقط هذا الصنم من فوق الكعبة وهي إشارة واضحة لمقدار كبر ماكنة التزوير التي تشتغل وبقوة ضد الأمام علي(ع) وأدلتنا نوردها كلها ليكون في كل ذلك الحكم هو القارئ الحصيف والفاهم لكي يحكم على كل الأمور. وختام جزئنا نورد هذه الحادثة عن خالد والذين يعتبرونه سيف الله المسلول لتبين مدى تأصل أفكار الجاهلية لدى هذه الشخصية والتي لم ينقها دخوله في الإسلام وإسلامه وهي: وفي الخبر: « بعث خالد بن الوليد إلى بني جذيمة بن عامر، وقد كانوا أصابوا في الجاهلية من بني المغيرة نسوة، وقتلوا عم خالد، فاستقبلوه وعليهم السلاح وقالوا: ياخالد إنا لم نأخذ السلاح على الله وعلى رسوله، ونحن مسلمون، فانظر فإن كان بعثك رسول الله (ص) ساعياً فهذه إبلنا وغنمنا فاغد عليها، فقال: ضعوا السلاح، قالوا: إنا نخاف منك أن تأخذنا بإحنة الجاهلية وقد أماتها الله ورسوله (ص) ..الخ. فانصرف عنهم وأذَّن القوم وصلَّوا، فلمَّا كان في السحر شنَّ عليهم الخيل فقتل منهم ما قتل وسبى الذرية، وجاء رسولهم إلى رسول الله (ص) فأخبره بما فعل خالد بهم، فرفع يده إلى السماء وقال:اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد وبكى! ثم دعا علياً (ع) فقال: أخرج إليهم وانظر في أمرهم، وأعطاه سفطاً من ذهب، ففعل ما أمره وأرضاهم».(15) وأقبل إلى النبي (ص) فقال: ماصنعت؟ فأخبره حتى أتى على حديثهم، فقال النبي (ص) : أرضيتني رضي الله عنك. يا عليُّ أنت هادي أمتي، ألا إن السعيد كل السعيد من أحبك وأخذ بطريقتك، ألا إن الشقي كل الشقي من خالفك ورغب عن طريقك إلى يوم القيامة ». فتمَّ بذلك موادُّ الصلاح، وانقطعت أسباب الفساد. وفي خبر من مصدر آخر: «فأدى إليهم ديات رجالهم، وما ذهب لهم من أموالهم وبقي معه من المال زعبة فقال لهم: هل تفقدون شيئاً من أموالكم وأمتعتكم؟ فقالوا: ما نفقد شيئاً إلا ميلغة كلابنا فدفع إليهم مابقي من المال فقال: هذا لميلغة كلابكم وما أنسيتم من متاعكم. (16) فهذا هو سيف الله المسلول والذي فعلها أيضاً في بني تميم وضع السيف عندما غدر بهم وقتل سيدهم مالك بن نويرة ودخل بزوجته وهي لم تكمل العدة والحادثة معروفة وموثقة في كل كتب التاريخ العامة والخاصة. 5. في غزوة حنين: و في غزوة حنين فر المسلمون فلم يبق مع رسول الله (ص) غير علي(17)والعباسوبعض بني هاشم فكان النصر بعد دعوة المسلمين لميدان القتال وكان الظفر. ومن هنا لابد من الإشارة إلى أن رأس الشرك والنفاق أبو سفيان(لعنه الله) وكان معه الطلقاء من قريش قد تآمروا على قتل الرسول الأعظم محمد(ص)وهذا ما ذكر في التاريخ حيث ورد: كشف النضير خطة الطلقاء بصراحة، فقال كما رواه الواقدي: ((خرجت مع قوم من قريش هم على دينهم بعدُ: أبو سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو ونحن نريد إن كانت دبرة على محمد أن نغير عليه فيمن يغير. فلما تراءت الفِئَتَان ونحن في حيز المشركين حملت هوازن حملة واحدة ظننا أن المسلمين لا يجبرونها أبداً، ونحن معهم وأنا أريد بمحمد ما أريد، وعمدت له فإذا هو في وجوه المشركين واقف على بغلة شهباء حولها رجال بيض الوجوه، فأقبلت عامداً إليه فصاحوا بي: إليك! فأرعب فؤادي وأرعدت جوارحي! قلت: هذا مثل يوم بدر، إن الرجل لعلى حق وإنه لمعصوم! وأدخل الله تعالى في قلبي الإسلام، وغيَّره عما كنت أهم به)).(18) ولكن يابى إلا أن ينصر رسوله ووصيه والمؤمنين فنصرهم وانزل ملائكة وجنود تقاتل مع الرسول والأمام علي(ع) والذين ثبتوا مع الرسول(ص) وقد أشار الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه إلى انهزام هؤلاء الصحابة والذين هي الصفة السائدة لغلب الصحابة وهي سمة النكوص والانهزامية وخذلان نبينا الأكرم محمد(ص)إذ يقول{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ}.(19) هذه صور يسيرة من مواقف الصمود التي سجلها الإمام علي (ع) بين يدي قائده رسول الله (ص) في أدق الساعات و أكثرها حرجا.(20) و من نافلة القول أن نعيد إلى الأذهان أن عليا (ع) قد اشترك في حروب رسول الله جميعا غير تبوك وذلك بأمر من الرسول (ص)بنفسه،و كان له في جميعها القدح المعلى،هذا عدا الغزوات التي قادها بنفسه (ع).(21) و الباحث المنصف حين يتناول حياة الإمام علي (ع) بالدراسة و في شطرها الجهادي بالذات يقف مذهولا أمام بطولته الفريدة وتضحياته المعطاءة،لكن البطولة بما هي بطولة ليست هي الميزة في جهاد علي (ع) و إن كان ميدانها الواسع و شمولها يبقى سمة من سماته (ع) و لكن الأهم فيها إنما هو الإخلاص لله تعالى و التضحية في سبيله. فإيمان علي (ع) بالله تعالى يبقى هو الحافز و المحرك الوحيد لتلك البطولات العظيمة التي سجلها تاريخ الإسلام في أنصع صفحاته بشكل لم يسجل مثلها لسواه. و حسبك في ذلك أن كثيرا من المواقف العسكرية ـ كما رأينا ـ يتعرض فيها علية القوم فضلا عن عامتهم للوهن بل و الهزيمة النكراء،غير أن التاريخ لم يسجل لعلي (ع) إلا الثبات و الفداء و التضحية في كل موقف،صمد الناس فيه أم انهزموا،الأمر الذي لا يفسر إلا ما يتمتع به علي (ع) من صدق اليقين و عمق الاستعانة و التوكل على الله و العبودية له و اللامبالاة بما سواه كبر ذلك أم صغر،إضافة إلى ما يتمتع به علي (ع) من علو الهمة و قوة العزيمة و رباطة الجأش و سمو النفس. (22) وهذه هي صفات وخصائص وصي رسول رب العالمين وخليفة الله في الأرض من بعد نبيه والذي كانت هي الشجاعة والبطولة هي إحدى هذه الخصال يرافقها كل الخصال السامية والعظيمة التي من الله بها عليه بحيث كان باب مدينة العلم والحكمة وهي أعلى منزلة لم يصل إليها من العالمين بعد نبينا الأكرم محمد(ص) والذي كان معلم الأمام علي(ع) ومربيه بحيث كان يقول أمير المؤمنين(ع) في وصف أتباعه لنبيه في خطبته المسماة بالقصعاء حيث يقول{ولقد كنت اتبعه إتباع الفصيل(23)اثر أمه،يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما(24) يأمرني بالاقتداء به}.(25) ونضيف أنه بالرغم من شجاعة أمير المؤمنين في سوح القتال والتي شهد العدو بها قبل الصديق ولكن كان يقتدي برسوله ومعلمه الأول حتى في الشجاعة ولايتقدم عليه ولهذا كان يقول الأمام علي(ع) عن ذلك وفي معركة بدر «كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله وسلم)، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَّا أَقْرَبَ إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ». ومعنى ذلك أ نّه إذا عظم الخوف من العدو واشتد عضاض الحرب فزع المسلمون إلى قتال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بنفسه فينزل الله عليهم النصر به ويأمنون مما كانوا يخافونه بمكانه.(26) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المصادر: 1 ـ (سنن النسائي:5/108، وصححه في الزوائد:9/124). 34ـ البلاذري/أنساب الأشراف/ج 2/ص 93 و 94،عن أبي هريرة و ابن عباس بلفظ متشابه،النسائي/خصائص علي بن أبي طالب/ص 9 و ما بعدها،و في الإصابة و الإستيعاب و حلية الأولياء و مسلم في صحيحه بألفاظ متقاربة. 2 ـ كتاب (مناقب آل أبي طالب) أو كتاب (تأويل الآيات)، وكتاب (مختصر بصائر الدرجات)، وكتاب (مدينة المعاجز)، بالإضافة إلى(بحار الأنوار). الأمام علي(عليه السلام) من المهد إلى اللحد تأليف العلامة الخطيب السيد محمد كاظم القزويني باب الليله الثامنة{علي(عليه السلام) والعلم}.. 3 ـ المواقف للإيجي ج3 ص628 و 638 وتاريخ الخميس ج2 ص51 عن شرح المواقف، وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج20 ص316 والطرائف لابن طاووس ص519 وشرح مئة كلمة لأمير المؤمنين لابن ميثم ص257 وكتاب الأربعين للشـيرازي ص430 وبحـار الأنـوار ج55 ص47 وج70 ص76 وج84 = = ص32 وج99 ص138 ومناقب أهل البيت (عليه السلام) للشيرواني ص222 والدر النظيم ص271 وكشف اليقين ص141. 4 ـ الآمالي للشيخ الصدوق - ص 604. 5 ـ [سورة محمد: 7] 6 ـ الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام)- ج05 (لـ جعفر مرتضى العاملي) ص 48 - 49. 7 ـ مستدرك الحاكم 3 / 135. 8 ـ تأريخ الطبري: 2 / 332، والكامل في التأريخ لابن الأثير: 2 / 243. 9 ـ تاريخ اليعقوبي ٢: ٥٩، وانظر الطبقات لابن سعد ٢: ١١٠. 10ـ طبقات ابن سعد ٢: ١٠٣، وانظر الكامل في التاريخ ٢: ١٢٣، وفيه ثمانية رجال وأربع نسوة. 11 ـ تأريخ الطبري: 2 / 334 ط مؤسسة الأعلمي، الإرشاد للمفيد: 121 الفصل 34 الباب 2. بحار الأنوار ج21 ص131 و 132 وج41 ص10 و 11 وإعلام الورى ج1 ص224 و 225 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص376 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص111 والإرشاد للمفيد ج1 ص137 و 138 وكشف الغمة ج1 ص218 والدر النظيم ص180 والمستجاد من كتاب الإرشاد (المجموعة) ص79 وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص829 و 830. 12 ـ خصائص النسائي: 31. 13 ـ رواه الحاكم في مستدرك الصحيحين (ج2 ص366). ورواه الحافظ أحمد بن حنبل الشيباني في المسند (ج1 ص84 وص 151) مختصراً. وذكره المتقي الهندي في كنز العمال (ج6 ص407) وقال: أخرجه ابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن جرير. وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة (ج2 ص200) وقال: أخرجه أحمد وصاحب الصفوة وأخرجه الحاكمي. ورواه في مستدرك الصحيحين (ج3 ص5) وقال: هذا حديث صحيح الأسناد. ورواه الخطيب البغدادي في تاريخه (ج13 ص302). ورواه الحمويني في فرائد السمطين (ج1 ح193 ص249) بسنده عن أبي مريم الثقفي المدائني. رواه السيد شرف الدين النجفي في تأويل الآيات الظاهرة (ج1 ح26 ص286 ط قم). وفي مصباح الأنوار 148. وفي البرهان: ج2 ح2 ص441. وأخرجه في غاية المرام: ح2 ص430 عن مناقب الخوارزمي. رواه العلامة القندوزي عن جمع الفوائد في ينابيع المودة (الباب 48 ص139). رواه ابن المغازلي في الحديث 240 ص202 من مناقبه، والحافظ ابن الكلابي المطبوع معه (الحديث 5 ص429). ورواه الخوارزمي في الفصل 11 من مناقبه (ص71 ط الغري). رواه أيضاً أحمد بن حنبل تحت الرقم 644 في مسند علي من كتاب المسند (ج2 ص57) عن اسباط بن محمد، حدّثنا نعيم بن حكيم المدائني، عن أبي مريم.. الخ الحديث، ثم قال: قال أحمد محمد شاكر في تعليقه: اسناده صحيح، نعيم بن حكيم المدائني وَثقَهُ ابن معين وغيره، وترجم له البخاري في التاريخ الكبير (ج4 ـ 2 / 92) فلم يذكر فيه جرحاً، وأبو مريم هو الثقفي المدائني وهو ثقة، وترجم له البخاري أيضاً في (ج4 ـ 1 / 151) ولم يذكر فيه جرحاً. ورواه ايضاً أحمد تحت الرقم (1301) من المسند (ج2 ص325) باختصار. والحديث ذكره في مجمع الزوائد (ج6 ص23) ونسبه لأحمد وابنه وأبي يعلى والبزار، وقال: رجال الجميع ثقات. ورواه ابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن جرير والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (ج2 ص432). والحاكم في المستدرك (ج2 ص37 و ج3 ص5). ورواه المتقي في كنز العمال برقم 430 ج15 ص151 ط2. ورواه السبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص (ص34 وفي ط / 27) 14 ـ قال أحمد في اسناده عن أبي مريم عن علي.. الخ الحديث، ثم قال: قال سعيد بن المسيب: فلهذا كان علي (عليه السلام) يقول: سَلوُني عن طرق السموات فاِني أعَرفُ بها من طرق الأرضين، ولو كشف الغطاء ما أزدَدتُ يقيناً. 15 ـ إعلام الورى: 1/228. 16 ـ أمالي الطوسي/498. انظر: تاريخ اليعقوبي ٢: ٦١ إعلام الورى ١: ٣٨٦، إرشاد المفيد ١: ٥٥. 17 ـ (سبل الهدى: 5/321). 18 ـ (سنن النسائي:5/108، وصححه في الزوائد:9/124). 34ـ البلاذري/أنساب الأشراف/ج 2/ص 93 و 94،عن أبي هريرة و ابن عباس بلفظ متشابه،النسائي/خصائص علي بن أبي طالب/ص 9 و ما بعدها،و في الإصابة و الإستيعاب و حلية الأولياء و مسلم في صحيحه بألفاظ متقاربة. 19 ـ [التوبة: 25، 26]. 20ـ محسن الأمين/سيرة الرسول/ج 1/ص 279،نقلا عن السيرة الحلبية و ابن قتيبة في المعارف،و تفسير الميزان للطباطبائي/ج 10/تفسير آية 25 من التوبة و البحث الروائي،المفيد/الارشاد/ص 74. 21ـ للاستزادة يراجع كتاب الإمام علي لعبد الفتاح عبد المقصود،و أعيان الشيعة لمحسن الأمين/ج 1/ص 79،بألفاظ متشابهة،و الارشاد للمفيد،و سيرة ابن هشام،و الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي/ص 44 بألفاظ متشابهة. 22ـ راجع أنساب الأشراف للبلاذري/ج 2/ص 92،مستدرك الصحيحين/ج 3/ص 111،ابن سعد في طبقاته/ج 3/ص 10،ابن حجر في تهذيب التهذيب/ج 3/ص 475،ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة/ص 39،راجع كذلك فضائل الخمسة من الصحاح الستة/ج 2/ص 309،للمزيد من المصادر. 23 ـ الفصيل:ولد الناقة. 24 ـ علما:اي فضلا ظاهرا. 25 ـ نهج البلاغة(صبحي الصالح)الخطبة 192 ص.300 26 ـ نهج البلاغة: 4/61، قصار الكلمات: 261.