- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
قراءة في مرحلة ما بعد المالكي
حجم النص
بقلم:علاء الرضائي لاشك ان فترة رئاسة وزراء السيد نوري المالكي لجمهورية العراق لم تكن فترة مثالية او ما يطمح اليه الشعب العراقي بكل طوائفه ومكوناته، لكنها كانت مسعى لبناء الدولة وفق رؤية وطنية، مع الاخذ بنظر الاعتبار لخصوصيات الشعب العراقي وضرورات حكم الاغلبية وفق المنطق الديمقراطي الذي يحكم البلدان المتقدمة والمتحضرة في العالم. وللأسف الشديد فأن هذا المسعى اصطدم بعدة عقبات في خطوطه العامة، أدت بالنهاية الى التكاتف ضد ولاية المالكي الثالثة واسقاطه كشخص من سدة الحكم رغم ان السلطة بقيت بيد الائتلاف الذي يقوده، وهذه من المفارقات التي لاتجدها الا في عراق ما بعد الاحتلال، وهو تعبير عن فردية القرار في الموالاة للسلطة او معارضتها، ولعل بيان هذه العقبات يبين سمات المرحلة القادمة في العراق… مرحلة قد يتفاءل بها كثيرون لاسباب تبدو مقنعة برأيهم، لكنني بالتأكيد لست منهم، لا لأن المالكي كان المثل في ادارة الدولة ولانه لم يخطئ! بل لأن الاخطاء التي قامت على اساس التوافق والمحاصصة تجذرت وأصبحت واقعاً مدعوماً بسياسة تفتيت العراق التي تتبعها الادارة الاميركية، ولعل اخطاء المالكي الفردية التي هي في جزء منها نتاج العقلية والثقافة السائدة في العراق اقل ضررا من تلك التي تطال منظومة الوطن وعموم المواطنين. وهذه العقبات أجملها بالنحو التالي: 1 ـ تعميق الشعور بالمظلومية خلال الفترة الماضية لدى الاغلبية الشيعية، وشعورها بالتمايز عن السلطة، لذلك بقيت بعض قطاعاتها تبحث عن قوى وسلاح تلجأ اليه في مقابل السلطة، حتى لو كانت هذه السلطة تمثلها في انتخابات حرّة… وبالتالي فأن ضرب بعض هذه القوى من منطلق الدولة والقانون في حكومة المالكي ولد عداء ألقى بظلاله على التعامل داخل البيت الشيعي، علماً ان حكومة المالكي عجزت (بغض النظر عن الاسباب) في احتواء الحالة وتعاملت معها أمنياً في حين كان عليها ان تشكل مظلة لاحتواءها رغم صعوبة المهمة، لكن البحث عن نتائج سريعة وانجازات محدودة ادى الى الخطأ الذي وقع فيه السيد المالكي. 2 ـ عدم وجود اجماع حول قيادة موحدة للمكون الاكبر بأمكانها ابوة البيت الشيعي واحتواء المكونات الاخرى التي اصبحت كل واحدة منها تمثل اجندات خاصة بها غير وطنية، فالكرد عمقوا خلال 24 سنة من حكمهم لكردستان مشاعر الكراهية والنفور للعراق والعلم العراقي والعرب بكل طوائفهم واشربوا نفوس جماهيرهم فكرة الانفصال، في خطوة استباقية للأنفصال الذي يمثل حلمهم، فصار هناك شعب كردستان وعلم كردستان وجيش كردستان وحكومة كردستان ونفط كردستان في مقابل الشعب العراقي والعلم العراقي والجيش العراقي والحكومة العراقية والنفط العراقي. والسنة الذين يشعرون انهم فقدوا مراكز السلطة خلال عملية اسقاط النظام البائد، صار كل همهم وبدعم من دول الرجعية العربية، عرقلة العملية السياسية وقتل المشاركين فيها بأسم المقاومة تارة والحراك وثورة المهمشين تارة اخرى، في حين انهم في احضان الاميركان الذين اسقطوا نظامهم السياسي وأخرجوا اسطورتهم زعيمهم الاوحد من حفرته. ان دعاة الانفصال، وخلال 11 عام من سقوط النظام، يحاولون استغلال العراق وثروات أهله لتكريس انعزالهم وانفصالهم، و للأسف بينت الحوادث الاخيرة ان كردستان ابتعدت عن الجسد العراقي دون رجعة، حيث شاهد العالم بأسره قوات البيشمركة التي قامت بأموال نفط الجنوب من خلال النسبة المئوية التي يحصل عليها الاكراد من الميزانية وهي تترك الجيش العراقي لوحده امام قوى الارهاب، بل تستغل الموقف للتمدد والسيطرة على مناطق خارج حدود الاقاليم، مما يعزز فرضية التواطؤ مع الارهاب، خلال الزيارات التي تجري بين قيادات الارهابيين والمسؤولين في الاقليم. 3. عدم استيعاب المكون الاكبر لعمق الحدث في انتقال السلطة اليهم وتحولهم من المعارضة التاريخية الى السلطة وتحول الاخرين المدربين والمدججين بالسلاح والخبرة والمدعومين من انظمة متعددة لاحتلال مواقعهم في المعارضة.. عدم الاستيعاب هذا الذي ظهر على شكل شغب سياسي وحزبي وفئوي افشل كل محاولات الاحتواء للموقف، خاصة وان البطانة السيئة للسلطة حالت دون تحولها الى مشروع احتواء.. فاقصي الكثير من الخيرين وتم تقريب العديد من المتملقين والفاشلين. لذلك من الطبيعي ان يكون الشعور الكردي في مواجهة حكومة المالكي التي تريد ان لاتكون هناك سلطة فوق سلطة المركز وان يبقى الاخير محور سياسات الدولة العراقية، شعوراً ايجابياً وهكذا بالنسبة للمكوب السني وحتى المتضررين من الفقرة الثالثة في التحالف الوطني وداخل حزب الدعوة نفسه… ان مايجري اليوم من حديث بشأن: 1 – زيادة مخصصات الاقاليم! 2 – تشكيل اقليم سني في المحافظات الثلاث (نينوى، صلاح الدين والانبار). 3 – انشاء قوات عسكرية مسلحة ومدربة في كردستان وفي الاقليم السني من قبل الاميركان. 4 – قيادة محلية بعيدة عن المركز… 5 – زيادة المشاركة في القرار العام (الدولة الفيديرالية) للحد الذي طالب فيه العرب السنة بـ 40 بالمائة من السلطة ومؤسساتها وهم لا يتعدون 15% في احسن الاحوال! 6- عودة الوجود الغربي وخاصة الاميركي الضامن لكل هذه الاملاءات. سيكون ثمنة الشيعة وثروات مناطقهم وحرية قرارهم باعتبارهم الاغلبية، لذلك من الافضل لهم اعلان اقليم الوسط والجنوب وحصر خيرات مناطقهم بأهلها وإلّا…! لابد من تعديل المادة 111 من الدستور وان تختص خيرات كل اقليم ومحافطة باهلها مع دفع نسبة معقولة للدولة الاتحادية لايتجاوز 30% من عائداتها، والى حين ذلك تفعيل قانون الـ 5 دولار لكل برميل مستخرج بل ورفع سقفه الى 10. فما الذي يجنيه أهل الوسط والجنوب من كل هذه السياسات غير نهب ثرواتهم ومشاركتهم القرار السيادي بأسم التوافق والشراكة الوطنية في تجاوز فج وصلف لاستحقاقات العملية الديمقراطية، وغير قتل وذبح انباءهم من قبل شركاء الوطن المتحالفين مع الارهاب والتكفير والرجعية العربية.. ولايظن احد اننا ضد وحدة العراق من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه، لكن الوحدة التي تكون فيها العزة والكرامة لابناء الوطن،فلماذا يلهث أهل الجنوب خلف “شركاء الوطن” يتوسلون بهم من أجل البقاء ضمن العراق وبعض اولئك يدعوا علانية الى الانفصال عن العراق والانضمام للملكة الاردنية، بل ان بعضهم صار يكيل المدح لحكومة “داعش” التي خلصتهم ـ حسب وصفه ـ من الحكومة الصفوية وكتائب المالكي.. علينا ان لا نكابر، ألم يصف “المعتدل” منهم أثيل النجيفي أهل الوسط والجنوب بالفرس والهنود الذين لايشتركون معه بدين او لغة!! ان أهل الشمال والغرب هم الذين يجب ان يقدموا التنازلات لأهل الجنوب والوسط لان الجنوبيين اولياء نعمتهم وهم من يمثلون العراق في كل ابعاده الحضارية والدينية والاقتصادية، لا ان يحولها فشل السياسيين الشيعة الى قضية معكوسة ويجعلون الجنوبي يتوسل بالمفلسين البقاء على مائدته يأكلون من خيراتها ويقلبون صحونها! ولأن الجنوب هو من يغدق على العراق وعلى وحدته منذ قيام العراق الحديث، فهم اصحاب الفضل في تأسيس الدولة العراقية بثوراتهم المتلاحقة واستمراريتها، وهم من تنازلوا عن الحكم لصالح الاقلية المتعاونة مع العثمانيين من قبل ثم الانجليز بعد ذلك، على مدى 80 سنة من عمر العراق، بينما لم يتحمل شرفاء الاقلية حكمهم الذي يشاركهم فيه الكرد والسنة والاميركان وداعش مجرد 10 سنوات!! فأما ان يذعن الآخرون لصوت العقل ويقبلوا بفضل الجنوب وأهله وأما ان يخط الجنوب مساراً وفق مصلحة أهله وناسه وحفاظاً على خيراته وثرواته ودماء ابناءه…
أقرأ ايضاً
- الصيد الجائر للأسماك
- ضمانات عقد بيع المباني قيد الإنشاء
- إدمان المخدرات من أسباب التفريق القضائي للضرر