حجم النص
بقلم:فالح حسون الدراجي/ أمس كتبت النائبة فيان دخيل بدموع عينيها الشريفتين أروع قصيدة حب لأهلها الإيزيديين العراقيين، وأثبتت بضعفها الإنساني، أنها (أسبع) من الف رجل (مشورب) من رجال الوقت الضائع.. بعد أن أكدت هذه النائبة الرقيقة في درسها الوطني والأخلاقي الذي شاهده ملايين العراقيين، وغير العراقيين أمس، أن الشجاعة والبسالة والإقدام ليس حكراً على الرجال (الخشنين) فحسب، إنما هو حق مشاع لكل إنسان سواء أكان إمرأة، أو رجلاً!! لقد ألقت فيان قصيدتها (الدمعية) في حضرة التأريخ أمس، فأبهرت الدنيا بحرارة مشاعرها، وصدق إنتمائها، وروعة وفائها لأبناء جلدتها، مثلما أثارت إعجاب العالم (بإنهيارها) الصادق، ذلك الإنهيار الحقيقي الذي لم يكن فيه أي مجال لشبهة تمثيلية لا سمح الله.. أو خدعة سينمائية، أو (نيابية) لا فرق!! وليس غريباً أن تقف فيان دخيل أمس في قاعة مجلس النواب وهي مسكونة بعذرية الدمع، وبراءة اللحظة، ونبل الموقف، ولا أدراكية، أو تخطيطية لكل ما حدث من وجع تراجيدي إهتزت له القاعة قبل أن تهتز له أفئدة النائبات، وشوارب النواب، لتلقي على عاتق الجميع مسؤولية الدم الأيزيدي العراقي الذي يراق أمام كاميرات الدنيا وشبكاتها اللاقطة دون فعل حقيقي، أو رد فعل حقيقي من أحد، فأسمعت بصوتها الناعم خطابها المأساوي الذي أبكت به عشرة ملايين عراقي، لم يزل فيهم والحمد لله جفن يبكي حتى هذه اللحظة!! نعم، لقد وقفت فيان أمس بكل ألقها الإنساني، ودموعها الزكية، وطهرها الوجداني، لتستفز عراقيتنا النائمة، وهويتنا الوطنية المتشظية، وإنسانيتنا المنسية، لتكهرب بندائها الموجع ضمائرنا الراقدة في مقابر الأبدية.. وللحق فإن فيان القت علينا بيان مأساتنا نحن قبل أن تلقي على الناس بيان مأساة أهلها الأيزيديين، وحفرت بيديها الناعمتين نهر خيبتنا الطويل، حتى أشعرتنا بقصد أو بغير قصد بعجزنا وكذبنا وأمراضنا الوطنية المتعددة.. فهي لم تلق علينا كلمة نيابية، ولا شكوى مطلبية، أو عريضة مظلمية، ولم تعرض مأساة شعبها الذي يذبح بسكين عمياء، لا دين لها، ولا قيم ولا أخلاق فحسب. إنما القت هذه السيدة البالغة في التأثير، والأبكاء، شيئاً خارج نطاق وعينا، لكنه يقع داخل نطاق مصيبتنا العظمى.. وأقسم بأن ما قالته فيان في مرافعتها الأخلاقية، وما رسمته بفرشاة رمشيها المبللتين بالدمع من لوحة سريالية، هي لعمري أعظم من لوحات سلفادور دالي، وبابلو بيكاسو مجتمعين.. فدموع هذه النائبة المفجوعة كانت كافية جداً لغسل ذنوب جيل من أجيالنا (المشركة) بوحدانية الوطن، وقدسية الدم الإنساني..لقد كانت فيان تصرخ بوجه التاريخ أمس وهي تعرف حتماً أن سيف التأريخ لا يرحم، وتدرك إن قلمه الذي يكتب بالحق كل كلمة وكل دمعة، وكل موقف، وكل صرخة، سوف لن يغفر لمنصة مجلس النواب هذا الصمت المطبق المذل من عموم النواب، ولا يغفر لرئيسه سليم الجبوري إصراره على أسكات صوت الحق، والحاحه على أيقاف نداء الأستغاثة الطالع من روح فيان دخيل، بدلاً من أن ينزل من علياء منصته الرئاسية، ليهبط نحو دموع النائبة المفجع، فيجففه بمنديل عراقيته الحريري التي يفترض أن تكون حريرياً بحق.. شكراً لك فيان، وشكراً لدمعك الذي أحرج جنسنا العراقية، وأجرح كرامتنا الإنسانية.. والبقه براسج وراس العراق..