- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
السيد السيستاني صوت العراق في مقابل صوت الحزب
حجم النص
بقلم:عبد الحسين النجفي عندما نذكر السيد علي السيستاني فإننا نتكلم عن المرجع الأعلى للشيعة الذي تمتد شخصيته المعنوية على أرجاء العالم الشيعي دون أستثناء، هذا العنوان يشير لمنصب يحظى بتقديس الشيعة وإجلاله بغض النظر عن تقليدهم غيره لقناعات دينية هي من مترتبات فتح باب الأجتهاد وأختلاف الأراء فيمن هو الاعلم. عٓرف الشيعة وعبر عقود متطاولة هذا المعنى، وكل من يخالفه يكون في دائرة اللوم والتأنيب والتشكيك في توجهاته، ولقد تجلى هذا المعنى لدى علمائهم وعامتهم، يظهر ذلك بشكل واضح من خلال تعبيراتهم عنه بنائب الإمام وسلوكهم معه المملوء بالتقدير والإحترام، واعتبارهم تجاوز إرادته المعلنة فيما يتعلق بإدارة شؤونهم المفصلية ودعواته الإستباقية بمثابة خط أحمر لا يسمح بعبوره لماله من سلبيات لا تحصى ولا تعد. ولقد كانت الممارسة العملية لزعماء الحوزة وكبرائها أساتذة ومراجع على هذا النهج جيلا فجيلا. ولعل من أكثر الأمثلة حضورا هو سلوك سيدنا المعظم السيد أبو القاسم الخوئي مع المرجع الأعلى السيد محسن الحكيم، ونزول السيد الخميني عمليا لتوجهاته في ما يناسب العراق وما لا يناسبه في لقائهما الأول كما يعرف ذلك علماء النجف فهي سُنة متوارثة أثبتت التجارب صحتها تؤيدها القناعة الدينية اتجاه صاحب هذا المنصب الذي يُحرز رضا المعصوم بتوليه سدة هذا المنصب الخطير حيث لا يشكك أحد في أهميته ومكانته من حيث مؤثريته في توجيه دفة الأمور. ولو نظرنا لبيانات المرجعيات المعاصرة للسيد السيستاني من لزوم السير خلف هذه الإرادة ودعم مواقفها ومباركتها لها مما يكشف مدى معرفتها بحكمة هذه القيادة وقدرتها على الأخذ بمصالح الشيعة في العالم عموما وفي العراق خصوصا يدلل على ذلك البيانات الصادرة من مثل آية الله الصافي وآية الله الوحيد الخراساني وآية الله مكارم الشيرازي وآية الله الفياض وآية الله السيد محمد سعيد الحكيم، وكثير من مراجع النجف وقم، وإلتفاف علماء مناطق الشيعة المختلفة حول هذا الزعيم الكبير النابع من إيمان كل هولاء بوجوب الحفاظ على مصلحة المذهب الذي فيه رضا محمد وال محمد. ولقد أعترف القاصي والداني - بما للسيد السيستاني من أيادي واضحة البياض حسنة الإنجاز عارفة بأساليب القيادة -والتي تمثلت مؤخرا بزيارة الأمين العام للأمم المتحدة للسيد السيستاني كقائد منقذ وقادر على المشاركة الفاعلة في تصحيح الأوضاع المتأزمة الان في العراق نتيجة لمعرفتهم بملائمة الحلول السابقة التي قدمها السيد السيستاني للوضع العراقي مما سرع وسهل توجيه العملية السياسية مع كمال القناعة بمواقفه المتزنة من كافة الأطراف وسعيه الحثيث - لتحقيق جو من العدالة بين مكونات الشعب وتخفيف الإحتقان الطائفي الذي يحاول البعض اللعب على حباله - لطرح البدائل الواقعية التي تصنع انفراجا للأمور مع حفاظ كل مكون على مستحقاته، وهذا ما أنبرى له السيد السيستاني مؤخرا عبر دعوته تشكيل حكومة موسعة تحظى بمقبولية كل الأطراف كي تستعيد زمام المبادرة في دفع خطر داعش وترتيب البيت العراقي من الداخل كما دعا بعض سياسي العراق إلى عدم التشبث بمناصبهم - وطبعا التشبث لا يصدق الا على من كان في منصب ويراد منه التخلي- لما فيه من مصلحة الشعب العراقي، والعراقيون لا يعترفون الا بقائد واحد لا يرون له بديلا لما يعرفون منه صدق النية وحسن القيادة هو نفسه السيد السيستاني، ولا يتشبثون بغيره، ويعتبرونه هدية السماء لهم على صبرهم ومعاناتهم، وكل أحد سواه فهو لا يمثل الا اختيارا لظروف آنية اذا راى السيد السيستاني عدم صلاحيته - ولو من باب النصيحة والإرشاد او القناعة الدينية لما فيه مصلحة الشعب كمرجع لهم - فهم ايضا يعتبرونها انتهت، والقول عندهم ما قال السيد السيستاني، وهذا ليس نتيجة كهنوتية نفعية او ديكتاتورية دينية شخصية، بل نتيجة قناعة طبيعة كردة فعل اتجاه إرادة حكيمة تنطلق في تطلعاتها لما فيه مصلحة الجميع على حد اي زعامة آمنت الشعوب بها لما وجدته فيها من كفاءة ناضجة من جهة، ومن جهة أخرى لطبيعة الرؤية الدينية التي تعتقدها وتؤمن بها وفق أصول صحيحة وموروث أصيل. إلا ان هذا الجو العام أخترقته تغريدة نشاز تغرد خارج السرب عبر بيان أحتوى على دعوة مخالفة للتوجه العام للشيعة في تفاعلها مع المرجعية العليا بدعوى استحاق انتخابي وغيره لنقول إن الديمقراطية هي إرادة الشعوب، والشعب خلف قيادته وقيادته هي المرجعية العليا ولقد قرر الشعب كما قررت المرجعية بحكومة موسعة مراعية الاستحقاق الانتخابي - وهو اي الاستحقاق الانتخابي لا يتوقف على شخص هنا او هناك -وخلق فرص النجاح لها من خلال عدم التشبث في المناصب، فالسيد السيستاني هو مرجع أمة يؤمن بمصالحها ويسعى لتحقيقها، وليس مرجع حزب. والغريب ان من أصدر هذا البيان يؤمن بولاية الفقيه وينص على ان هذا الولي هو السيد علي الخامنئي -ويشير في بيان تأييد مرجعية السيد الخامنئي لإمور منها معرفته السياسيةوقدرته القيادية - ومن المعروف ان السيد الخامنئي لم يتخذ اي خطوة خلاف ماأتخذه السيد السيستاني في تحركاته السياسية عمليا بل صدرت مقولات منه- كما نشر- تُبين أقتدار السيد السيستاني على إدارة أمور العراق ووجوب أحترامها وعدم تجاوزها، هكذا تفاعل السيد الخامنئي مع مرجعية السيد السيستاني تماشيا - على أقل تقدير - مع الجو الشيعي العام في كيفية التعامل مع المرجع الأعلى، فكان ينبغي ممن ينسب نفسه لهذا الخط ان يحترم الإرادة والسلوك لهذه القيادة العليا - التي يؤمن بها- بدلا من الخروج عن كلا الحالتين، حالة التعامل العام وحالة القناعة الخاصة، مما لايتناسب مع مايضاف له - عند البعض - من تاريخ قديم وحديث. ونعيد القول إن البيان الذي صدر مؤخرا من بعض الشخصيات المرجعية المتناسقة مع دعوات بعض الأحزاب ضيقة الرؤية ولو من جهة ظرف صدوره وتوقيته - في حالة حسن الظن - مما لا يليق صدوره، بل هو تجاوز على مشاعر العراقيين الذين يُكنون لإرادة السيد السيستاني بالغ التقدير والعرفان والإطاعة وهو أمر لم نكن نتمنى وقوعه. ونرجوا أن يستدرك بما يرفع الإنطباع العام -السلبي -اتجاه من أصدر هذا البيان عند عموم العراقيين خصوصا والشيعة عموما. فكما ان المرجعية العليا في النجف آمنت بوحدة الصف واحترام الخصوصيات التي تصب في مصالح الشيعة، فعلى المقابل أن يراعي مصالح الشعب العراقي والإرادة العليا للطائفة التي يمثلها اليوم السيد علي السيستاني دامت بركاته.
أقرأ ايضاً
- حجية التسجيلات الصوتية في الإثبات الجنائي
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- خارطة طريق السيد السيستاني