حجم النص
بقلم / حسين النعمة تصاعد الازمات في العراق عسكريا وأمنيا كانت مؤشرا قويا لصيف سياسي عراقي ساخن يعكس بضلاله على تحالفات واصطفافات سياسية جديدة ما إن تظهر بوادر تشكلها لتنهار ليخوض الفرقاء السياسيين جولة جديدة من المفاوضات والمساومات السرية والعلنية في سبيل الفوز برئاسة تشكيل الحكومة العصية للآن على الولادة. ومنه فمن الحري بالإعلام المتتبع للأحداث في العراق أن يسلط الضوء ويعمل راصدا لتلك المساومات وما ستؤول إليه ؛ لكنَ تخفيف حدة الهجوم الاعلامي لمحطات الاجندة المستفيدة من الأزمة في العراق مؤخرا هو محاولة منها لإرساء مفهوم يعطي فرصة لنجاح المساومات السياسية في العراق رغم الحفاظ على الثوابت التي دعا لها هذا الخطاب (القومية والطائفية وبالعكس) فالتحول المشهود في حال التهدئة لأخبار تلك المحطات الفضائية الى التحليل وفن الإيحاء والإقناع للمراقبين والمتابعين للأحداث يشير لمحاكاة الطبقة السياسية والمحللة والمثقفة في العراق وعلى الخصوص الشارع السني. ومع ما تشهده الساحة السياسية من مساومات ومفاوضات على تقاسم المغانم دونما أي تسليط إعلامي من تلك المحطات الفضائية بحسب ما أكدته عالية نصيف في حديثها لـ"ارم"، بأن "المالكي باستطاعته تشكيل حكومة الأغلبية السياسية وأن الرافضين له يساومون على مسألة تقاسم السلطة وتوزيع المناصب الحكومية". لكن في نظرة موضوعية على البعد الاستراتيجي وتحسن الأداء المؤسساتي للقوى الامنية في عملها المهني والعقائدي والاستخباراتي مؤخرا وما يبدوا أن وصول الطائرات وتحسين الوضع وأداء القوة الجوية العراقية قد دق ناقوس الخطر عند المعتدين على ارض العراق لذلك كانت الهجمة الإعلامية هذه المرة على ثلاثة محاور أولها أن الطائرات بقيادة طيارين إيرانيين وأنها تقتل المدنيين وتُهدم دور المواطنين وهي بهذا تحدث خروقا لحقوق الانسان وعزز هذه المحاور بخبر مقتل الطيار الايراني المنشور على المواقع العربية وحدث والتغيير كذلك خبر الاكاديمية العربية لحقوق الانسان ومطالبتها لوقف الطلعات الجوية وغير ذلك من اخبار تفيد بأنها تقصف المدنين. جميع هذه المحاور تزج بمفهوم إرساء الصراعات والتقاطعات للقوى السياسية التي تصاحب مشروع التغيير وتساعد الارهابيين على ترهيب الشعب وهدر دماءهم وتهديد مصالح الشعب اليومية وضرب وتشويه العملية السياسية وإحباط آمال وطموحات المواطن العراقي التي لم يتحقق الحد الادنى منها في العيش بكرامة الإنسان حيث الخدمات الضرورية والحيوية مشلولة في عطاءها. ورغم تلك المشاكل الامنية المتسارعة والمتراكمة التي تهدد العملية السياسية وقواها ومستقبل العراق ودولته الجديدة الا أن فرقاء العملية السياسية لا زالوا يعانون من أزمات وعقد حادة تؤكد بانعدام الثقة والتفاهم وتؤشر بعدم الاتفاق على جميع الوعود التي دارت خلف الكواليس وأمام الاعلام وجابت بلاد عديدة ولا تزال كابينة الوزارات الضرورية والمهمة شاغرة كالدفاع والداخلية والأمن الوطني ولا تزال المناصب المستحدثة محل جدل عقيم كمجلس السياسات الاستراتيجية ولا تزال الاطراف غير متفقة وغير راضية عن مكاسبها وغنائمها فقد ضرب الدستور وبنوده عرض الحائط وعمل الفرقاء السياسيين تشكيلة الحكومة الجديدة وبناءها على أسس الأعراف والتوافقات السياسية. وكلما كبرت الفجوة بين الفرقاء زاد سيل الدم في شوارع المدن العراقية لان هناك أطراف قناعتها بالمعارضة السلمية والحوار الديمقراطي ضعيف جداً. والأحداث التي يمر بها الشعب العراقي مضنية ومؤلمة للغاية وهي بحاجة إلى المزيد من التدبير والتفكير في وضع خطط استراتيجية وميدانية سريعة لتنتشل البلاد من الضياع وتنقذ العباد من نزيف الدم اليومي. فوضع الحلول وحدود لمشكلة التقاطعات السياسية وتوحيد الخطاب الرسمي ورسم رؤية مشتركة لواقع العراق ومستقبله, وليس الحل للقضايا والأحداث وتوزيع المغانم على حساب إراقة دماء الابرياء.
أقرأ ايضاً
- صفقات القرون في زمن الانحطاط السياسي
- ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
- ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي