- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الأكراد.. وخيار الموت أو السخونة
حجم النص
يوصف العمل السياسي بان الحدود الأخلاقية فيه, أمر ثانوي, فيما تكون المصالح والمكاسب هي الأهم. يصل الحد ببعض المنتقدين للطبقة السياسية, لان يصفها بأنها كلها فاسدة, وكل من يشتغل بها انتهازي, يبحث عن أغراض خاصة, وان كانت الصورة العامة تؤيد هذا الكلام ظاهريا, إلا انه رأي متطرف بعض الشيء. من الأمور التي تجعل المواطن العادي يشكك في أفعال الساسة وكلامهم, ما يصدرعنهم من تصريحات نارية تكاد تحرق الأخضر واليابس, أو طريقتهم في الابتزاز السياسي لبعضهم الأخر, أو طريقتهم المبتكرة في التفاوض, في العلن أو الغرف المغلقة. بعض الكتل تفاوض بعضها الأخر بالسيارات المفخخة أو الانتحاريين, والتي دوما تستهدف مكونا بعينه, ربما لتضغط على ممثليه في مجلس النواب, وأخرى تستغل ما بيديها من سلطة للضغط على خصومها, وأخرى تستغل ظروفا معينة لتبتز حلفائها قبل خصومها, بغض النظر عن خطورة الأثر والنتيجة؟!. تميز الأكراد بطريقتهم الخاصة في التفاوض مع المركز وأحزابه, فرغم خلافاتهم الشديدة أحيانا, واختلاف علاقاتهم المنفردة كأحزاب مع القوى السياسية في المركز, من حيث المتانة أو التنسيق أو البعد التاريخي والإستراتيجي, إلا أنهم دوما كانوا موحدين في التعامل مع المركز. دوما كان الأكراد يتبعون سياسية خذ وطالب, بل ويرفعون سقف مطالبهم, إلى حد تعجيزي وغير معقول أحيانا, وإلا استخدموا ورقتهم دائمة الخضرة,إعلان الدولة المستقلة بعد استفتاء..معروف النتائج مسبقا. ما حصل من سقوط الموصل وتكريت وقرى صغيرة هنا وهناك, وتقدم الأكراد وسيطرتهم على المناطق المتنازع عليها, خلق وضعا جديد, استغله الأكراد للتحدث بصيغة الأمر الواقع, ووضع رجل في الدولة العراقية بسقف مطالب بعلو النجوم, ورجل اخرى في طريق إعلان الدولة الحلم..على الأقل إعلاميا. الانتهازية السياسية رغم قباحتها, إلا أنها صارت جزء من العمل السياسي في العراق, وتحرك الكرد بهذه الطريقة, وبهذا الظرف الحساس, قمة الانتهازية السياسية, وهذا سيحرج, بل وربما سيجعلهم يخسرون حلفاء تاريخين لهم, وخصوصا ضمن الجمهور الذي كان داعما لهم دوما, مع ملاحظة قوة الحملة الإعلامية الكبرى التي تسوق لزرع البغض للكرد كشعب. الكرد يجعلون حلفائهم بين خيارين, الموت بتأيد أو غض الطرف عن مطالب الأكراد المبالغ فيها, أو السخونة, وهو فسخ التحالف الإستراتيجي التاريخي معهم, وفي كلتا الحالتين سيخسر الكرد كثيرا. الأحلام جميلة, والكل يتمنى تحقيقها.. لكن الواقعية والمصالح المشتركة شيء أخر. المصالح الفئوية أو القومية مشروعة إلى حد ما.. لكن المعقول والمقبول منها شيء أخر.
أقرأ ايضاً
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً
- قل فتمنوا الموت إن كنتم صادقين... رعب اليهود مثالاً
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول