حجم النص
بقلم: نزار حيدر {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. ان واحدة من اعظم القيم التي يجب ان تشيع في المجتمع، اي مجتمع، لينجح، هي قيمة حب الانسان لغيره ما يحب لنفسه، فلا يستأثر بالخير، مثلا، ويمنعه عن غيره، أكان هذا الخير حياة فارهة او فرصة سانحة او ما الى ذلك، فكلما شاع حب الخير بين الناس، بعضهم للبعض الاخر، جرى بينهم التعاون عليه، والعكس هو الصحيح، وان مصدر هذا الحب هو الإيثار، الذي حث عليه القرآن الكريم بصفته مفتاح التكامل الاجتماعي الذي يعتمد التكافل اولا وقبل اي شيء آخر. ان المجتمع الذي يحكمه مبدأ الإيثار لهوَ مجتمع متكافل، يساعد بعضه البعض الاخر من اجل ان ينجح ويتقدم، والعكس هو الصحيح، فالمجتمع الذي تحكمه صفة الاستئثار والاستحواذ، فالحاكم يستأثر بالسلطة والغني يستأثر بالثروة والعالِم يستأثر بعلمه وهكذا، لهو مجتمع متسافل وفاشل لان الانسان - الفرد فيه يطغى على الانسان - المجتمع، ولذلك تنمو فيه الطبقية المقيتة التي تقتل التكافل والتكافؤ بكل أشكاله. علينا ان نشيع ثقافة الإيثار في المجتمع، ليساعد بعضنا البعض الاخر في النهوض والتنمية والتقدم وعلى مختلف الأصعدة، فلا يظنّنّ امرءا ان بإمكانه ان ينهض لوحده في مجتمع متثاقل الى الارض، فالفرد جزء من منظومة، لا ينهض أحدٌ فيها اذا ظلّت مرمية على الارض، والى هذا المعنى أشار أمير المؤمنين (ع) بقوله {لكِنِّي أَسفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا، وَطِرْتُ إِذْ طَارُوا}. ان الإيثار هو مفتاح النهوض بكل المنظومة الاجتماعية والتي نحن جزءاً منها، فلقد ورد عن أئمة اهل البيت (ع) في الحث على الإيثار، كقول الامام علي (ع) مثلا {الإيثار أعلى المكارم} و {الإيثار أعلى الإيمان} ما يعني ان هناك ارتباط عضوي بين اسلام المرء وإيمانه من جانب مع الإيثار من جانب اخر، كما ان {الإيثار غاية الإحسان} على حد قوله عليه السلام، وهو فضيلة وعكسه الاحتكار او الاستئثار فهو رذيلة، على حد قول أمير المؤمنين (ع). ليكن كل واحد منا مصدر خير لمن حوله، بكلمة طيبة او استشارة تهدي الى اقتناص فرصة او يدٌ كريمة تساعد في النهوض وتحقيق النجاح، وإيّانا والاستئثار فان نهايته الهاوية.
أقرأ ايضاً
- أُسُسُ التَّقييمِ (٢)
- أُسُسُ الحَرْبِ النَّفْسِيَّةِ في الخِطابِ الزَّيْنَبِيِّ ,,, أَظَنِنْتَ يا يَزيد!(٢)
- ظَنَنْتُهُ تَعَلَّمَ! (٢)