- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حربهم الأهلية أمل لن يتحقق.. نقاط على حروف الحقيقة
حجم النص
بقلم:صالح الطائي منذ الساعات الأولى للتغيير في 2003 وشبح الحرب الأهلية يخيم على أجواء العراق بشكل مرعب؛ وكأنه خيمة حجبت عن العراقيين شمس نهارهم، والغريب أن الكثير من القوى الداخلية فضلا عن أعمال السياسيين العراقيين الذين شاركوا في العملية السياسية هي التي حملت الأعمدة التي دعمت هذا الشبح المرعب وأبقته واقفا، كما أن فصائل الإسلام السياسي بشقيها بدت وكأنها المحرك الذي يمنح هذا الشبح قوتي الصمود والتحدي اللتين يحتاجهما. أما دول الجوار فكلها، وبلا استثناء كانت تنفخ هذا الشبح ليبدو أكبر من حجمه، وأولا وليس آخرا كان التفنن الأمريكي القبيح سببا لكل ما حصل وسببا لتجمع هذه العوامل سوية لتنال من العراق، فمنذ الأيام الأولى للغزو صرح القادة الأمريكيون علنا أنهم يعملون على جمع الإرهاب في العراق لغرض القضاء عليه مجتمعا، دون النظر إلى ما يصيب العراقيين من هذا الفعل الغبي، ونجحوا فعلا في جمعه من كل الأصقاع بعد أن وطئوا له الحواضن المناسبة في بعض المناطق التي تضررت من التغيير أو التي تعترض على مشاركة فئات من العراقيين في الحكم الذي حرموا منه وُحرِّم عليهم طيلة قرون، ولكن الأمريكيين لم يتخذوا أي خطوة جادة للقضاء عليه، ليس لضعف فيهم، وإنما لأن وجود الإرهاب في العراق كان من مصلحتهم، ويصب في كفة ربحهم، ويحقق لهم الأهداف المرسومة التي من أجلها غزو العراق ودمروه وصادروا خيراته ونعمه. ومع أن هناك من يرى أن تفجير قبة الإمامين العسكريين كان المحاولة الأولى لإذكاء نار الحرب الأهلية إلا أن الواقع يثبت أن هذه الحرب التي أبكت الشرفاء وأبت كبرياء العراقيين الأصلاء أن يعلنوا عنها أو يعترفوا بوجودها، كانت قد بدأت مع أول استهداف يشنه الإرهابيون المتطرفون على الشيعة ولاسيما في المناطق المختلطة، وكان هنالك دفع صريح بهذا الاتجاه من خلال تكثيف عمليات الإبادة والتهجير، التي أدت إلى فعل مضاد، جاء للانتقام والدفاع أكثر منه للهجوم والاشتراك في إذكاء حرب أهلية، ثم جاء تفجير مزار العسكريين ليعطي زخما روحيا للاندفاع بقوة وتهور للرد على هذا التحدي الكبير، مما أدى إلى وقوع مجازر دموية يندى لها جبين الشرف والعقل والمنطق. وبالرغم من نزف الدماء وشدة الألم وثقل المأساة أبى العراقيون أن يحولوا النزاع إلى حرب أهلية بالمعنى العام للحرب؛ بالرغم من أن ما كان يحدث لا يبتعد كثيرا عن مفهوم الحرب الأهلية. وبالرغم من محاولات جر الشيعة إلى هذه الحرب منخلال الذبح والتهجير وحرب الإبادة التي تعرضوا لها في المناطق السنية التي آوت القاعدة وأذنابها، بقيت المجاميع السنية الموجودة في المحافظات الجنوبية محترمة مصانة آمنة، مما أدى إلى فشل تلك المحاولة، وحمى الله العراقيين خطر الانزلاق إلى الهاوية. اليوم وبعد أن أسهم العملاء الجبناء والمتطرفون الحاقدون والدعم السعودي القطري الإسرائيلي الكردي في سقوط محافظة نينوى بيد داعش وأخواتها من ممتهنات البغي والدعارة من خفافيش الليل التي ألقت (الزيتوني) وطبعات (التقرير المركزي) على المزابل، وهربت إلى الجحور والكهوف المظلمة، وتفكك الجيش العراقي نتيجة الخيانة المقننة والمنظمة، وقلة الخبرة وسوء وجهل القيادة، وتنوع الولاءات داخل الجيش، والهجمات التي وقعت في عشرات الجبهات، والتهديد بالزحف على المدن المقدسة لتدميرها، عاد شبح الحرب الأهلية الذي يُلوح به الإرهابيون ودول الجوار إلى التحليق فوق رؤوس العراقيين بما يبدو وكأنه الأكثر خطورة من كل المحاولات السابقة، وكان من المتوقع طبقا لحسابات الأشرار أن تتم السيطرة على جزئين حساسين ومهمين جدا من أرض العراق الطاهرة ليكونا القوة الدافعة باتجاه الحرب الأهلية: الأول: مدينة سامراء، التي كانوا يأملون إذا ما سيطروا عليها تفجير المرقد المقدس مرة أخرى بما يوحي للشيعة بتصميم هذه العصابات على تحديهم، ويؤكد صحة نوايا المجرمين في تهديم باقي المزارات المقدسة في النجف وكربلاء والكاظمية؛ التي وصفها المجرم المنحط "العدناني" الناطق باسم بغايا العصر بأوصاف لا تليق إلا به وبمن يدعمه. والثاني: مدينة تلعفر التي تضم أغلبية شيعية، لغرض ارتكاب مجازر إبادة وحشية بحقهم تؤجج روح العداء وتدفع الشيعة في العالم كافة إلى التجمع وفتح الجبهات للانتقام لقتلاهم الأبرياء. وكما حمى الله العراق من المحاولات الإجرامية السابقة حماه هذه المرة أيضا بأن هزم الأشرار، وأفشل محاولاتهم الشريرة الدنيئة للنيل من وحدة الشعب العراقي الباسل. منه يبدو أن تحقيق النصر على داعش وأخواتها البغايا في تلعفر وسامراء يعتبر بكل المقاييس نصرا مؤزرا عظيما مهما، ولذا يجب على القيادتين السياسية والعسكرية تكريم الوحدات الشجاعة البطلة التي أنجزت هذا العمل الكبير، الذي رد داعش على أعقابها خاسئة خاسرة، لأن صمود هؤلاء الرجال وبمعونة الله سبحانه هو الذي حمى العراق، وحمى شعبه الصابر من الانزلاق في خطر حرب إبادة أهلية لا تبقي ولا تذر، تمتد مصائبها إلى عموم المنطقة. نقول هذا ونحن نعرف أن أصل ومنشأ وتاريخ وحضارة الشعب العراقي تأبى عليه أن ينزلق إلى مهاوي الحرب الأهلية التي يخطط لها الأشرار وعصاباتهم الغبية، ونرى أن سقوط بعض المدن من التي سقطت فعلا بأيديهم؛ حتى لو كانت مهمة لن يسهم في تأجيج هذه الحرب المؤجلة التي يروم الأعداء وقوعها لكي تتورط إيران والبحرين ورجال الأحساء وحزب الله لبنان ودولا إقليمية أخرى بالدخول على خط المواجهة، فيفرح عبد الله الثاني صاحب نظرية خطر الهلال الشيعي لأن تحقق تحذيره للأمريكان يدل على ذكائه المفرط. وهذا التورط برأي الذين يحركون القاعدة ولقيطتها داعش هو الذي يمكنهم من خلط الأوراق وتقديمها لأسيادهم ليختاروا منها الأوراق التي تضمن لهم ربح اللعبة، وتحقيق ما يصبون إليه. ولكن خاب سعيهم ورد الله كيدهم إلى نحورهم، والأيام دول وقد أفلت شمس دولتهم الوهمية، وأشرقت شمس دولة العراقيين الأصلاء الشرفاء بشيعتهم وسنتهم ومسيحييهم وباقي أديانهم، والنصر قريب، وما النصر إلا من عند الله، لا من عند دول الاستكبار وإسرائيل ومهلكة آل سعود وقطر وأسيادهم. ولكل حادث حديث والأيام سجال بيننا.