حجم النص
بقلم:سامي جواد كاظم قضية فدك وما تركته من اثار مؤلمة على اهل بيت النبوة عليهم السلام وعن تداعياتها كتب الكثير عنها بين المؤيد والمعاند ولكن الذي كنت دائما اقف عنده هي اسباب منع فاطمة عليها السلام فدكا ؟ وكانت الاسباب حسب قناعتي ليست قوية، ومنها ان الغاية من سلبها حتى لايمكن اهل بيت النبوة من التصرف بغلاتها الهائلة والتي قد يستطيع الامام علي عليه السلام من تكوين قوة معارضة بسبب هذه الاموال، والبعض الاخر قال ان الخليفة الاول لو اعطاها فدك فستاطلبه غدا بالخلافة، وما الى ذلك من تفسيرات. انا ارى ان قضية فدك هي قضية اكبر من ذلك بكثير، انها حلقة من حلقات التامر على الاسلام منذ ان بدات بوادر البعثة بل وحتى قبل البعثة بدليل ان النصارى واليهود كانوا يتابعون قريش لما لديهم من اشارات بخصوص خاتم الانبياء فالمؤامرة معدة سلفا وفدك حلقة من حلقاتها نفذها عملاء التلمود، لا تقولوا منعت فاطمة من ارثها بل انه حقها غصب منها. نعود الى الحالة المالية لدى علي عليه السلام وهنا نسال هل ان فدك هي النحلة الوحيدة نحلها رسول الله (ص) في حياته ؟ كلا بل ان هنالك كثير من النحلات غيرها فلماذا فدك دون غيرها ؟ بالنسبة للامام علي عليه السلام كانت له كثير من الاموال فأهم املاكه ينبع حتى ان البكري يقول:ينبع وادي علي بن ابي طالب (بكري 1310) ويقول الشافعي:ولم يزل علي بن ابي طالب (رض) يلي صدقته بينبع حتى لقى الله عز وجل (الأم3/276). ولكن من منح علي ينبع ؟ فهنالك من يقول رسول الله وهنالك من يقول الخليفة الثاني وهنالك من يقول اشتراها بثلاثين الف درهم وهذه الرواية جامعة للدليل يقول: جعفر بن محمد ان عليا: اقطعه عمر ينبع واضاف اليها غيرها (ياقوت 3/903 وفاء 2/ 356) ويروي عمار بن ياسر:اقطع النبي — عليا بذي العشيرة من ينبع ثم اقطعه عمر بعد ما استخلف قطيعة واشترى علي اليها قطيعة وكانت اموال علي بينبع عيونا متفرقة تصدق بها.(وفاء 2/393)، وكل هذه الاقاويل تدحض من يقول ان سبب سلب فدك لعدم تمكين علي عليه السلام ماديا لقيادة معارضة ضد الخلفاء. فلو كانت من رسول الله فلم لم يغتصبها الخليفة الاول ؟ وان كانت من الخليفة الثاني فهذا يعني انهم لا يخشون امكانيته المادية، وان كان ابتعاها بثمن فمن اين للامام علي ثلاثين الف درهم وفي ذلك الزمان ؟ وعن بقية اموال علي عليه السلام يقول ابن شبة فيما نقل في صدقته:وكانت امواله متفرقة بينبع ومنها عين يقال لها عين البحير وعين يقال لها عين ابي نيرز وعين يقال لها نولا وهي التي يقال ان عليا (ع) عمل فيها بيده وفيها مسجد النبي وهو متوجه إلى ذي العشيرة وعمل علي ايضا بينبع البغيبغات)(وفاء 2/248)، وهذا لا يتفق والراي القائل ان سبب الغصب اضعاف علي ماديا. ولكن فدك اصبحت ماثرة في صفحات التاريخ بحيث ان اختلاف التصرف بها يدل على مظلومية الزهراء عليها السلام وان تصرف الخليفة الاول بها حسب حديث انفرد هو بذكره (نحن معاشر الانبياء لانورث) جعلته موضع نقد ورد حتى من قبل انصاره، وهذه اطلالة سريعة على تصرفات بعض الخلفاء بفدك. الخليفة الاول اغتصبها، الثاني منحها لبني هاشم بما فيهم ابن عباس وعقيل، الثالث اعطاها الى مروان، معاوية غير ملكيتها عدة مرات اخذها من مروان واعطاها لوالي المدينة ومن ثم ليزيد ومن ثم اعادها لمروان، عمر بن عبد العزيز اعادها لاهل بيت النبوة،: فلما ولي يزيد بن عبد الملك قبضها فلم تزل في أيدي بني اُمية حتى ولي أبو العباس السفاح الخلافة فدفعها إلى الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فكان هو القيم عليها يفرقها في بني علي بن أبي طالب (عليه السلام).فلما ولي المنصور وخرج عليه بنو الحسن قبضها عنهم.فلما ولي المهدي بن المنصور الخلافة أعادها عليهم.ثمّ قبضها موسى الهادي وفي زمن هارون العباسي طلب من الامام الكاظم عليه السلام ان يحدها له كي يعيدها فقال عليه السلام: أمّا الحدّ الأوّل فعدن، فتغيّر وجه الرشيد، وقال: هيه! قال (عليه السلام): والحدّ الثاني سمرقند، فأربدَّ وجهه، قال: والحدّ الثالث أفريقية، فاسودَّ وجهه وقال: هيه! قال: والرابع سيف البحر ممّا يلي الخزر وأرمينية.قال الرشيد: فلم تبق لنا شيئاً! فتحول من مجلسي.قال موسى (عليه السلام): قد أعلمتك أنّي إن حددتها لم تردّها، وفي أيام المأمون ردها على الفاطميين سنة 210هـ، ثم عاد المتوكل فاغتصبها واعطاها عبد الله بن عمر البازيار.فدك فقط لها تاريخ في تغيير ملكيتها والسؤال لماذا فدك دون غيرها ؟ من كل هذه التنقلات لملكية فدك لم يتصرف بها ولا غاصب كما يدعي انها فيء المسلمين فيجب ان يكون ريعها للمسلمين بل ان ريعها كان يذهب لجلاوزتهم وليس للمسلمين. هنالك كثير من الحوادث تصبح لها رمزية للثوار مثلا ميدان اللؤلؤة في البحرين وميدان التحرير في مصر وهكذا، فان فدك اصبحت على مر التاريخ مفترق طرق بين الحق والباطل وهي رمز للحق ودليل على الباطل.