حجم النص
بقلم: عبود مزهر الكرخي أكتب مقالتي هذه بعيداً عن صخب السياسة وإحداثها المتأزمة والتي يبدو من خلال وقائع الأحداث أن شعبنا العراقي قد تعود عليها بحيث أن العراق والشعب لايكاد يخرج من أزمة حتى يدخل في أزمة ليدخل في أزمة جديدة بل وحتى تراه يدخل في عدة أزمات متداخلة مع بعضها وهذا ما يدور ويحصل في ساحتنا السياسية والتي يديرها حفنة من ساسة قد برعوا في اختلاق وافتعال الأزمات بحيث يتفننون في صياغتها وصناعتها وبشكل متقن وحرفي من أجل مصالح وغايات ومرامي خبيثة أهمها الحفاظ عل مناصبهم وكراسيهم الخاوية والمتعفنة ليأتي بعدها أرضاء لأسيادهم من الأجندات الخارجية وحقد متوارث من أجل عدم إنجاح تجربة العراق الديمقراطية.. ومن هنا وبعيداً عن أجواء السياسية وما يجري من الأعيب ومساومات لأكتب عن مواطن بسيط لدينا ويشتغل عامل نظافة في الحي الذي نسكن وأسمه حسن وهو شاب في عمر الزهور حفظه الله لعائلته ويشتغل عامل نظافة في سيارة لجمع القمامة والتي يحلو البعض من الأدعياء ان يسموهم (زبال!!) والتي ارفض هذه الكلمة جملة وتفصيلاً ولكل من يقولها لأن هذا العامل هو عامل يقوم بمهمة نبيلة وحضارية وحتى إنسانية في نفس الوقت حيث هو يقوم بجمع نفايات وقمامة الناس وينظف المنطقة وحتى البيت الذي نسكنه وهو عامل بسيط ارتضى العمل بهذه المهنة نتيجة وجود البطالة الموجودة بين الشباب والتي قد وصلت في العراق إلى نسبة(23%) ولكنه من اجل أن يعيش حياة كريمة وشريفة عمل بهذه المهنة وكالعادة يكون العمل بهذه المهنة وفق عقود يتم عملها مع الدوائر البلدية بدون إن توجد حقوق تقاعدية تضمن له الحياة في الكبر وبهذا الراتب المتدني ولكنه قبل بهذا العمل الشريف لأنه لا يريد إن يمد يده للآخرين أو ما يحصل في وقتنا من شيوع ظاهرة الإجرام بين شبابنا وذلك بالسرقة والخطف وحتى القتل من أجل الحصول على المال وبأسهل الطرق بل تعدى ذلك إلى الاتجاه نحو الإرهاب والعمل مع الإرهابيين وتنفيذ العمليات الإجرامية للحصول على حفنة من المال وهي حتى لا تساوي قتل إنسان بريء أو اختطافه أو القيام بالتفخيخ وقتل الناس بالجملة. ولكن الشاب وأخي حسن أرتضى العمل بهذا العمل المضني لأنه لا يريد أن يغضب ربه أولاً ثم يرضي ضميره بأنه يعمل ويكسب من عرق جبينه والفلس الذي يأخذه هو فلس حلال 100% ومن كده وعمله الشريف وان كان هذا العمل فيه جهد وتعب بحيث ينظر الكثير من المتخلفين لهذا الشغل نظره دونية مع العلم أنه عمل شريف وباعتقادي المتواضع أنه من اشرف الأعمال وأشرفها وهو عمل حاله حال الأعمال الأخرى. وترى في عمله الدؤوب مبتسماً وضاحكاً ويعمل بلا كلل ولاتعب غير متبرم أو متجهم وغاضب بل بالعكس يعمل على أرضاء الناس ويبتسم بوجوه الجميع ويحرص أن يمر على كل شوارع الحي ويساعد حتى النساء وكبار السن في حمل حاوية النفايات وكبها في سيارة النظافة وهو يعمل بكل أمانة ونزاهة وهذا الشاب الطيب حتى في غياب سائق الحاوية يقوم هو بسياقتها والقيام بدورين دور السائق ودور العامل الذي يجمع النفايات بالنزول من السيارة والقيام بهذين الدورين وهو وكما أعتقد هي مهمة صعبة في النزول ولم النفايات ثم العودة للسياقة وهذا المهمة يفعلها لمرات عديدة وشاهدته في العديد من المرات ويجامل هذا الرجل وتلك المرأة بالكلمة الطيبة ومساعدتها ولهذا أصبح معروفاً ومحبوباً من الحي كله ويفتقدونه في حالة عدم مجيئه ويسألون عنه زملائه الذين يأتون وهذا النموذج هو نموذج لإنسان عراقي بسيط يعمل من أجل كسب لقمة العيش الشريفة وتوجد من هذه النماذج الطيبة الكثير منها في عراقنا الحبيب لأننا شعب طيب وكريم وأمهاتنا دوماً أرحامهن تنجب النماذج الطيبة والكريمة والتي لا ترضى إلا بالعيش بشرف فهو إنسان عراقي بسيط وشاب لايقبل إن ينحرف ويحيد عن جادة الصواب بل بالعكس تراه في الزيارات الدينية يذهب هو وجماعته لخدمة الزوار مع الحاوية ليخدم الزوار بجمع النفايات وبكل إخلاص وتفان فهذه النماذج العراقية الأصيلة والتي أبو فلاح منها والذي أحب إن أناديه بهذه الكنية تحبباً أليس من المفروض أن نفتخر ونعتز بها لأنها تمثل صفحة مشرقة لكل عراقي وتمثل طيبة شعبنا ومدى أصالته في أنه يرفض كل مظاهر الانحراف والاعوجاج لأنه لا يقبل إلا بالصحيح وما تربى عليه من قيم ومبادئ بالرغم من تدني المستوى المعيشي لبيئته وحتى مستوى الثقافة التعليم له ولعائلته ولكن الشجرة الطيبة والفرع الطيب لا ينتج إلا ثمرة طيبة تعود بالخير والنفع للجميع فشعبنا ونحن أهل خير ونعمة كما يقولون وهذا ماتربينا عليه والعالم يعرف ذلك وهذا تعلمناه منذ نعومة أظفارنا من جيلٍ إلى جيل وأصبحت هذه القيم السامية مزروعة في وجداننا وضمائرنا وتسري مسير الدم بالعروق لأنه تعلمنا ومن خلال أبائنا وشيوخنا بأنه لايصح إلا الصحيح وكل طارئ ومستحدث هو زائل وكل مانجده من قيم منحرفة ومفاهيم خاطئة لسوف تزول أن شاء الله ويبقى ماهو ثابت وحقيقي مصداقاً لقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ}.[الرعد: 17] ولنأخذ مثال الشاب أبو فلاح نموذج حي ومشرق نفتخر به ولاننظر له نظره دونية ونعتبره مفخرة وعز لنا لأنه يعمل ويكسب قوته بالحلال ومن عرق جبينه ولنكون معه أصدقاء وإخوان نشاركه همومه وأفراحه ونكون له أخوان لأنه يعمل من اجلنا ويساهم في تقديم صورة جمالية وحضارية لعاصمتنا الحبيبة بغداد والتي تغفو بحنو ودلال على دجلة الخير والذين يحاول الكثير من الغادرين محو هذه الصورة عن بغدادنا وتدميرها وتدمير أهلها بزرع كل ماهو شرير وغدر وأجرام ومن قبل أجندات خارجية وداخلية باتت وأصبحت معروفة من قبل الجميع والذي اعتبره هذا الشاب أفضل بكثير وبأضعاف مضاعفة من الكثير من الموجودين من الساسة والذين لاهم سوى السرقة والحرمنة وتدمير العراق وشعبه وبمختلف الوسائل ولندعو كل أجهزة الدولة ومن ضمنهم أمانة بغداد أن تقوم بتكريم وتشجيع مثل هؤلاء الشباب الجميل والمشرق والذي يمثل صورة حية وواعدة والأمل ببزوغ فجر مشرق وجميل لعراق تزرع فيه كل بذور المحبة والتسامح والإخاء والعيش وبسلام وأمان من خلال أجيال تزرع كل القيم السامية والخيرة في عراق الخير والمحبة ولاتقبل بكل القيم المنحرفة والهدامة بل بالعكس تقف منها موقف الضد وتحاربها ولنعمل كلنا وهذه دعوة لكل كتابنا ومثقفينا لزرع ونشر كل هذه الصور المشرقة والكريمة لشعبنا العراقي الكريم وعدم الاكتفاء بكتابة ونشر كل ماهو سوداوي ومظلم وجعل العراق ليس له مستقبل مشرق وواعد وأنه يسير في نفق مظلم ولانهاية له. بل بالعكس بمثل بهذه النماذج البسيطة والعظيمة في نفس الوقت ينهض العراق من كبوته لأنه شعب الحضارات والقيم السامية وهو أول من علم الناس الكتابة والحضارات وهؤلاء هم أحفاد أولئك الخيرين من أجدادنا ولتحقق صدق مقولة (التي تقول نعم الخلف لخير السلف).
أقرأ ايضاً
- قصة حقيقية تبين التعامل الواعي مع الحسين (ع)
- الحفاظ على نظافة الأسنان .. جمال وصحة
- عامل الأخلاق في بناء الدولة