حجم النص
بقلم:هادي جلو مرعي الجهاديون مختصون بفلسفة المأكولات والخضر الطازجة وبعض الفواكه، شريطة أن لاتكون دويتو مع محصول آخر، ربما لأن الحديث الذي يؤمنون به يشير الى إن كل إثنين أنثى وذكر ثالثهما الشيطان، ولهذا فالطماطم لوحدها تكون مقبولة ومزكاة، لكنها إذا إقترنت بالخياركان ثالثهما الشيطان، ولك أن تتخيل خيارة ذكر وطماطم أنثى ومعهما شيطان مريد، ماسيفعلان، وماسيكون مصيرهما؟ ربما سيتجاوز المصير في قسوته مصير أبينا آدم وأمنا حواء حين خرجا من الجنة محزونين لايلويان على شئ سوى إنتظار المصير الأكثر سوءا لأولادهما من بعدهما، وعددهم لايحصى حتى قيام الساعة، وتحكمهم الغرائز الحيوانية والأطماع والنوبات الهستيرية لإقصاء الآخر وإيذائه ودفعه ليكون مجنونا أو مهووسا بالخراب والفشل ونشر الدمار في كل مكان من العالم، ثم تخريب العمران والزروع والموارد الطبيعية وكل ماكانت فيه حياة.حسين عبد ربه مواطن عراقي محروم يقاتل الطبيعة البشرية السيئة، ويمتاز عن غيره، وربما يشابه في ذلك كثيرين في مجال الكفاح من أجل لقمة العيش، ولداه حمودي وعلاوي يعملان معه في بيع الطماطم والخيار، والفواكه، لم أكن أتخيل يوما أن أراهما مضرجين بالدم ومحاصيل الخضر والفواكه متناثرة على الرصيف وقد دمرت السيارة المحملة بالمحصول المعد للبيع على عشرات الفقراء والمساكين الذين يجمعون المال بقوة الصبر ويشترون لعيالهم ماتمكنوا منه من غذاء ليمر يومهم بسلام.. في تلك الظهيرة، وكنت أمر في طريق مخرب بسبب سوء الخدمات وفشل المسؤولين المريع في منطقة شرق بغداد متوجها الى نقطة تفتيش مرعبة تتكدس عندها آلاف السيارات، بينما الشارع الذي كان معبدا قبل عقود لاأكاد أراه، أو أفهمه، أو أستوضح معالمه فقد ذهب الإسفلت، ولم يعد له من وجود، بينما الناس تنتظر لتنغمس عجلات السيارات في الطين والحفر المنقعة في الماء الموحل. في الأثناء كنت أنظر الى الطماطم المغموسة في الوحل، والبرتقال الذي تغير لونه بينما بعض الشبان واجمين، والمحلات والمطاعم مدمرة، وإحدى السيارات لم يبق منها سوى أجزاء من محركها المحترق، وآلاف الشظايا التي ضربت في كل الإتجاهات والأمكنة، وكان عدد الضحايا يفوق الألم ومن بينهم الأخوين الشابين الذين كانت أمهما تنتظر عودتهما، وأبوهما يسألهما عبر الموبايل عن الوضع، وكيف تجري الأمور، كان محمد وشقيقه علي أصيبا إصابة مباشرة وقتلا على الفور، ولم يبق منهما سوى الذكرى.يقولون، إن رسام شهير صادف إمرأة جميلة فرسم لها صورة في بعض دقائق وتعجبت، وقالت كيف إستطعت أن ترسم بثلاثين ثانية مثل هذه الصورة الجميلة؟ قال لها، أنا عملت لثلاثين سنة، لكي أرسم في ثلاثين ثانية، ومن الذين قتلوا ظلما على يد القتلة من الجهاديين السفلة من تبلغ أعمارهم الثلاثين،بينما نسفهم هولاء بثلاثين ثانية وأقل. لوحتان رسمتا، واحدة أنهت الحياة بثلاثين ثانية، والثانية رسمت الحياة وروعتها وجمالها بثلاثين ثانية فقط. [email protected]