حجم النص
بقلم:احمد شرار :(سيدي لقد أقسمت على ألا أخون بلادي، فهل تعي ما تقول!! لن أستبدل أي وزير مخلص في حكومتي، أبلغ حكومتك بقرار هذا، هل تعلم أن الامريكان غير مرغوب بهم هنا!!) سيدي الرئيس لم أطلب منك خيانة، بلدك ولن تستبدل أي وزير او مسؤول حكومي رفيع، طلبنا هو استبدال أحد صغار موظفيك في وزارة غير سيادية لأنه يعرقل عمل الشركات والمصالح الامريكية، واأكد لك أننا لا نتلاعب على القانون أو نفعل ما يضركم، بل أننا سوف نقدم منحة مجزية لكم، أن نفذت لنا ما نريد، فجل ما نوده هو تحسين العلاقات التجارية بيننا وبينكم. : سالم الرئيس الافريقي ضيفه مودعا، ووعده بدراسة طلبه... كان هذا رد رئيس أحد الدول الافريقية، على المبعوث الأمريكي الخاص، في ذروة الحرب الباردة، والتي كانت تشتعل رحاها بين المعسكرين، الاشتراكي والرأسمالي، وكانت ساحته العالم، من ضمنها الدول الافريقية، بعد أن شعرت الولايات المتحدة، أن غريمها الاتحاد السوفيتي، أخذ ببسط نفوذه على دول القرن الافريقي، ومن ضمنها تلك الدولة، ذات الاقتصاد المستقر نسبيا. درس المستشارين الامريكان، سبب توازن الاقتصاد لتلك الدولة، فوجدوا أن هناك دائرة، مسؤولة عن تقديم تقرير الموازنة السنوية، يشغل رئاستها ذلك الموظف البسيط، لم يصل اليها الفساد، وبعد عدة محاولات فاشلة للأمريكان، لرشوة ذلك الموظف، الذي صد كل طلباتهم جملة وتفصيلا، فما كان منهم، ألا أن يلجئوا الى طريق المساعدات الخارجية كما أسلفت سابقا. وافق الرئيس الافريقي على الطلب، وأرسلت الولايات المتحدة مساعداتها، وتم ترقية ذلك الموظف البسيط. ولكن بعد مرور عامين، تدهور اقتصاد تلك الدولة، بشكل خطير، وقعت فريسة سهلة، للمعسكر الرأسمالي الذي ضمها اليه، بعد أن أملى شروطه عليها بكل قسوة، مقابل تقديم المساعدات وقطع علاقاتها مع الاتحاد السوفيتي، لم تأتي هذه الخطوة، دون أن تثير سلسلة من رود الأفعال، التي أثرت على خارطة المنطقة، والعالم فيما بعد... أثقلت عليكم سادتي، لكن في الدروس لعبرة، لم يكن هذا الموظف قاتلا، ولا ذو مسؤولية عظمى، بل مجرد موظف بسيط، لم يشغل منصبا، سياسيا أو عسكريا أو أمني أو استخباراتي، أستحلفكم بحق السماء، ما لذي يحدث اليوم في العراق! المتابع لشؤون الحكومة العراقية، يجد أن كبار القادة والمسؤولين البعثيين، يشغلون اليوم مناصب خطيرة في عدد من الوزارات السيادية، كما ولهم امتيازاتهم خاصة، ويتمتعوا بالتقاعد والعيش الرغيد. متناسين جرائمهم بحق الشعب العراقي، التي يندى اليها الجبين! اين العدل في ذلك؟ وكيف يتم تسليمهم مقاليد تلك السلطات؟ الى اين يقودون البلاد؟ سادتي الافاضل أنهم ثمان وثلاثون ألف شخص! وليسوا بشخص واحد، أي منطق هذا؟ هل حقا قمنا بثورة ضد الفساد أم قمنا بتغيير المسميات! أترك لكم التعليق... كاتب وأعلامي