أعرب ممثل المرجعية الدينية العليا سماحة السيد أحمد الصافي في خطبة الصلاة الثانية التي ألقاها في الصحن الحسيني الشريف في 5 جمادي الأول 1430هـ الموافق 1-5-2009م عن قلقه إزاء بعض الخروقات الأمنية التي حصلت في الأيام القليلة الماضية، مذكرا أن حياة الناس لا تقبل المجاملة وشعورها بالأمن والاطمئنان يجب أن يكون المطلب الأهم في كل مواقع المسؤولين، والأمن إذا فقد من بلد لأي سبب كان فالفوضى ستعم والعراق أبتلي في السابق بأنظمة استبدادية تقتل وتغتال، وأما الآن فقد ابتلي بهذه الهجمات الإرهابية التكفيرية التي جاءتنا من أفكار همجية متخلفة، النتيجة المواطن يشعر بحالة من القلق، الحمد لله قبل فترة الوضع استقر نوعاً ما والناس اطمأنت وأصبحت تخرج بشكل طبيعي إلى محالها وأسواقها، ولكن الأيام القليلة الماضية حدثت عمليات أودت بحياة مجموعة خيِّرة من أبناء شعبنا، سواء كان في مدينة الكاظمية أو مدينة الصدر، أو منطقة الحرية أو البياع، وأنا الآن لستُ في صدد عدها، ولكن بالنتيجة هناك حالة من حالات سقوط شهداء في بلدنا الحبيب، لا بد من تشخيص المسؤولية، ونريد أن نعرف هل هناك وضع أمني جيد أو أن هناك وضعا أمنيا هشا وهذه الخروقات دليل عليه، هناك حالتان الأولى أن الوضع الأمني جيد، والأرض ممسوكة من جهة العناصر الأمنية الرسمية وهذه الخروقات أعدت لها أعدادات كثيرة إلى أن وصلت إلى ما هي عليه وإن شاء الله لن تتكرر، وتارة الوضع الأمني هش وهذه الخروقات هي أمر طبيعي؛ ولكن لسبب ما تأخرت، والآن قد ظهرت، والمواطن يريد أن يشعر بحقيقة ما يجري، طبعاً المسؤول ممكن أن لا يستطيع أن يصرح ولكن بالنتيجة لابد من وجود وظيفة، أنا أسأل ما هي وظيفة رجل الأمن؟! قطعاً له وظيفة، هل وظيفته أن يحمل السلاح فقط! أو أن وظيفة رجل الأمن أن يوجد حياة آمنة للناس بحيث أنهم إذا رأوا رجل أمن يشعرون بالاطمئنان، أعتقد أن القضية من النوع الثاني، ليست لنا موضوعية برؤية رجل الأمن في الشارع، وأضاف قائلا: إن هذه الخروقات التي يذهب ضحيتها دائماً مجموعة من الأبرياء من الشيوخ والعجزة من الأطفال والنساء، ومن أي نوع كان نتيجته ثمة تهاون يجب أن لا نستهين بعملية الاختراق التي حصلت.
واستشهد بذلك أننا دفعنا أثمانا غالية بسبب التهاون، ومن الممكن أن رجل أمن واحدا خلال عشر دقائق، يترك النقطة المسؤول عنها تحدث فاجعة، من الممكن أن هذا الرجل يعطى له مال تحدث فاجعة، أنا قلت سابقاً إخوتي ينبغي أن نتحدث بلا مجاملة، أقول رجل الأمن الذي يتوسط ويدفع أربعمائة دولار حتى يصبح شرطياً كيف يستطيع أن يحمي الموقع؟! اختيار العناصر الأمنية في غاية الأهمية من أعلى جهة إلى أدنى جهة ما دام معنوناً بعنوان رجل أمن، إلى متى نحن ندفع ثمن الخروقات والاختراقات والتقصير؟! أعتقد هذه المسألة بحاجة إلى معالجة جذرية، ليست هناك مشكلة إذا طرد الفاسد من رجال الأمن، بالعكس فإن بقاءه يسبب خللا، وتساءل سماحته ما هي وظيفة رجل الأمن؟ أليس من ضمن وظيفته حماية الحدود وتوفير الأمن للمواطنين، وإن هذه الأمور إن لم تحصل إذاً أنت لست برجل أمن، أنت متزي بزي رجل الأمن، البلد أخذ يتنفس الصعداء، بدأ ينفتح، يريد نهضة قوية، لا يمكن أن تأتي هذه الاختراقات وترجعنا إلى نقطة الصفر والعياذ بالله، وطالب المسؤولين المعنيين بالملف الأمني بالمحاسبة الدقيقة والاهتمام بالعناصر الأمنية حتى لا تتكرر الخروقات، يجب أن لا نكتفي بالمحاسبة بعد حدوث الحادثة وإنما لابد أن نتهيأ للحدث قبل حدوثه حتى لا يحدث.
وأما ما يتعلق بكربلاء المقدسة وقضية التصميم الأساسي للمدينة ولمركزها، ذكر سماحة السيد الصافي أنه سيتحدث بموضوعية بهذا الشأن من شاء قبل ومن شاء لا يقبل.
وفي معرض خطبته عن كربلاء المقدسة قال إن المدينة لها عمر زمني عريق، وتعد من المدن العريقة، وارتبطت بأعظم حادثة في التاريخ الإسلامي إلى يومنا هذا، واستطاعت أن تكسب محبة في قلوب المسلمين، وهذا ما يستدعي منا اهتماما بالمدينة، وقطعاً إن المدينة تعيش في زمن غير زمننا، نتيجة للسياسات السابقة، والمدينة بدأت الأنظار تتجه إليها مما جعل المدينة تحاول أن تضيق، وقد ضاقت فعلاً في أكثر من زيارة، أنا أشعر أن هناك حاجة أساسية إلى أن نفكر بالمدينة من أكثر من محور سواء عن أصل المدينة، أو تخطيط المدينة في العالم، أو في مركز المدينة، وفي اعتقادي أن هناك حاجة ماسة لذلك، لكن في نفس الوقت عندي بعض الأمور وهي تثار في وجه الأخوة المعنيين بالتخطيط.
الأمر الأول: أن هذه البصمة التي ستوضع في كربلاء، بلا شك ستكون بصمة تأريخية، وبصمة مهمة جداً، فلا بد أن تدرس بعناية فائقة وتترك المجاملات جانباً، نحن نبحث عن الأجود حتى يتناسب مع المدينة، نحن نبحث عن الكفاءة التي تعطينا مدينة تتناسب موقعها، هل هذا حصل أو لا؟! لا أعلم، الجوانب الفنية الأخوة مسؤولون عنها.
الأمر الثاني: الناس الذين لهم محال وفنادق وبيوت في مركز المدينة، قطعاً هؤلاء يحبون المدينة، ويريدون للمدينة أن تتطور، ولكن طريقة استفزازهم، طريقة تحتاج إلى إعادة نظر، أنا لو كنت صاحب محل أسأل نفسي إذا ذهبت من هذا المكان إلى أين أذهب؟! أنا أريد الصحن الحسيني أن يتوسع وأريد المدينة أن تنفتح، أنا ابن المدينة أحب عندما آتيها أن أتنفس فيها، لكن عندي أسئلة مشروعة، لماذا لا تأتي الجهة المسؤولة وتتحدث معي في ندوة في الهواء، لماذا هذا الخوف، القضية واضحة المدينة تحتاج إلى تطور، اليوم أو بعد عشر سنوات، مآل كل مدن العالم هكذا، هل كان الطرح بمستوى يطمئن الناس مع اعتقادي أن أغلبهم يريدون المدينة أن تتطور.
الأمر الثالث: البعض يعتقد أنه وبمجرد أن تنتهي المدة المقررة وهي شهر مثلا تأتي شفلات لتهديم المدينة، الأمر ليس كذلك، ولكن المشكلة لمن يريد أن يؤسس لمدينة ويجعلها مدينة عملاقة عليه أن يوضح أبسط شيء إلى هؤلاء الأخوة، وهذه المسألة غير موضحة لهم، الشخص المسؤول يجب أن يقول عندما نصادق على هذا البناء سنفكر ببناء مدينة أخرى، ينتقل إليها الناس ونطمئن على أرزاقها وحياتها، ثم نبدأ بعملية التوسعة بعد خمس سنوات أو عشر سنوات، نحن وإمكانياتنا، لماذا لا نشرح الأمور بشكل واضح حتى يطمئن الناس، وهناك بعض الشعارات التي كتبوها وبالرغم من ذلك فإنهم ليسوا أعداء المدينة، عندما نسأله يقول أحب أن تكون المدينة أفضل مدينة، لكن لم نشرح له القضية بشكل واضح، وعلى الاخوة المسؤولين أن يأتوا إلى المدينة ويجلسوا مع الناس بشكل مباشر ويسمعوا وتتوسع صدرهم لسماع ملاحظات الناس، قطعاً لا يوجد تصميم يرضي جميع الناس، لكن ممكن أنه يوجد تصميم يرضي أغلب الناس، هذا الأغلب مطلوب في مثل هكذا مدينة مباركة مقدسة، كل الناس بحاجة إلى توسعة ولكنهم بحاجة إلى إيضاح أكثر.
وعن الحقوق العامة التي ينبغي أن تحافظ على معتقدات الناس وقداسة مدينتهم ذكر ممثل المرجعية الدينية العليا إن المسؤولية مهمة وكبيرة، وهي مسؤولية تربوية، الدولة تتعامل مع دستور، الدستور يحفظ حقوق الأفراد، وفي نفس الوقت الدستور يتكفل بحرية الأفراد، القوانين التي تحفظ حقوقي كمواطن في الشارع، القوانين التي تحفظ حقوق المرأة العفيفة في الشارع، الضوابط التي تجعل عملية التفسخ شبه متلاشية، الجوانب التربوية سواء في التدريس أو في الوظائف أو الجهات المرتبطة بالدولة، لا بد أن يوجد برنامج يدخل في صلب وظائفنا إزاء مجتمعنا وأولادنا وبناتنا، الأب له مسؤولية، أخواني نتكلم بصراحة، الموبايل أصبح ضيفا ثقيلا على بعض الأسر، الفضائيات أصبحت منافسا قويا لتربية الطفل، هذه المسائل تحتاج إلى جهد مضاعف، تحتاج إلى جهد تربوي من الأب وكذلك الدولة، مثلاً هذه المحكمة سواء كانت في الجنح، القضايا الجنائية، القضايا الاجتماعية، نريد أن نتعاون حتى ندرس حالة المجتمع، أليس من المفروض إن هذه المحكمة الموقرة مع مراكز الشرطة، تعلن عن إحصائيات الجريمة، دوافعها، أسبابها، وترسل نسخا منها إلى الدوائر المعنية، نحن نرى أن في هذا الشهر عندنا كمعدل 10 آلاف جريمة قتل، وعشرة آلاف جريمة سرقة، ينبغي معرفة الدوافع لارتكاب الجريمة، هذه تحفظ في المحكمة فقط ونتعامل معها كمسألة شخصية، الدولة عندما تريد أن تبني مؤسسات لابد أن تحتاج إلى بيانات، وزارة التربية الموقرة، أليس من شأنها الآن أن تجعل المدرس يلتفت إضافة للبناء العلمي والتربوي البنـّاء للطالب، أليس هناك مشاكل جمة في وسط الطلبة وفي وسط الجامعات؟! هذه المشاكل التي بدأت تهدد الأسر من المسؤول عنها؟! لابد من وجود تنسيق لا بد من وجود متابعة جادة للجوانب التربوية، العقلاء تعارفوا فيما بينهم أن ينظموا حياتهم بشكل يمنع أن يكون الشارع ملاذاً لسوء الأدب، كل دول العالم هناك أنظمة خاصة للشارع، أنظمة خاصة للمدارس والكليات، هذا حرم جامعي، هذه مدرسة إعدادية أو ابتدائية ، وحتى هذه الأخيرة بدأ الآباء يعانون منها، وهم غير معذورين في الذهاب باكراً إلى الرزق والمجيء ليلاً وعدم الاكتراث والأولاد دون مراقبة، لابد من وجود وظيفة تجاه الأبناء، هذا الموضوع على إجماله موضوع كارثي، موضوع يهددنا، موضوع في غاية الأهمية، لا يمكن للدولة أن تتهاون إزاءه، إمكانات الدولة قطعاً أكثر وآلياتها أفضل، التنسيق بين الأجهزة المختصة والدوائر المعنية لمتابعة هذا الأمر، هذه مسألة اجتماعية تنخر فينا، تؤذينا وتؤلمنا، لابد من وجود حلول حقيقية، أرجع وأقول أحمل الآباء والأمهات الاهتمام بأولادنا هذه أمانة عندكم حافظوا عليها واهتموا بهم كما تهتمون بالأكل والشرب وباقي مستلزمات الحياة.
أقرأ ايضاً
- منفذ القائم يكتظ باللبنانيين العائدين إلى ديارهم
- العراق يدعو لإعداد منظومة قانونية وقضائية عربية منسجمة ومتكاملة
- ممثل السيد السسيتاني خلال استقباله ممثل الامم المتحدة يدعو للاسراع بوقف اطلاق النار في غزة