حجم النص
تقرير :مركز المعلومة للبحث والتطوير و منظمة تموز للتنمية الاجتماعية
أن الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حقوق الطفل، توضح ان لكل شخص حقاً في التعليم غير قابل للتصرف، كما قدم المؤتمر العام لليونيسكو في قراره 1141 الصادر عن الدورة الرابعة عشرة بالحاجة إلى جهد دولي متضافر ونشط، لتشجيع محو الأمية عالميا ، وقد أعلن يوم 8 أيلول اليوم العالمي لمحو الأمية.
يعتبر محو الأمية سبباً للاحتفال كل عام، إذ أن الإنسانية قد حققت تقدماً متميزاً في هذا المجال، غير أن محو الأمية للجميع (أطفال، شباب، ومراهقين ...الخ) لم يتحقق حتى الآن ولا يزال هدفاً متحركاً. يعود السبب في ذلك إلى عدة عوامل مجتمعة مع بعضها البعض، ومنها الأهداف الطموحة، والجهود المتوازية غير الكافية، والتقدير غير الصحيح لحجم وعظمة هذه المهمة. كما أثبتت التجارب خلال العقود الماضية أن من غير الممكن تحقيق هدف محو الأمية على المستوى العالمي، بتكثيف الجهود فقط بل بحاجة الى تجديد في الإرادة السياسية والعمل بشكل مختلف عن السابق وعلى جميع المستويات المحلية والوطنية والدولية.
وقد أعلنت الجمعية العامة للامم المتحدة بموجب قرارها A/RES/56/116 فترة العشر سنوات التي بدأت منذ 1 كانون الثاني 2003 حيث سُميَت هذه المدة بعقد الأمم المتحدة لمحو الأمية، كما رحبت بخطة العمل الدولية المتعلقة بعقد الأمم المتحدة لمحو الأمية وقررت أن تقوم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة بدور تنسيقي في الحث والتحفيز على الأنشطة المطلع بها على الصعيد الدولي في إطار هذا العقد.
واقع الامية في العراق
يتميز المجتمع العراقي بشعبه الفتي حيث أن نسبة السكان الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما تمثل اكثر من 42% من نسبة السكان. وان نسبة الشباب بين صفوف المجتمع تصل الى 62%، وإن معظم الإحصاءات المتوفرة حول نسبة محو الامية مبنية على بيانات عمرها يزيد على خمسة عشر سنة، حيث ان اخر إحصاء رسمي في العراق تم إجراءه في عام 1997. وتقدم المسوحات التي أجريت مؤخرا فكرة أحدث عن وضع الأمية لكنها ليست شاملة كما هو الحال بالنسبة للإحصاء الرسمي أو تقييم واسع النطاق موجه نحو التعليم، وعليه لا توجد إحصاءات ثابتة عن نسبة الامية في العراق في الوقت الحالي فإن البيانات المتوفرة تشير إلى أن نسبة التعلم الإجمالية في العراق تقارب 80% مع نسبة أمية تتراوح بين 18 – 20%. وتقدر الأمية بين النساء بـ 27% مقارنة بـ12% بين الرجال.
كما أن المجتمعات الريفية تأثرت بالأمية بشكل اكبر من المجتمعات الحضرية بالرغم من أن نسبة النساء الأميات في كلا المجتمعين هو أكثر من نسبة الرجال الأميين. إن أقل من 50% من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 – 24 سنة ممن يعشن في المناطق الريفية متعلمات مقارنة بـ72-80% من النساء المتعلمات من نفس الفئة العمرية في مناطق حضرية أكثر قربا من العاصمة.
واقر مجلس النواب العراقي في ايلول عام 2011 قانون محو الأمية الذي حدد المشمولين من أعمار 15 سنة وما فوق من الذين لا يجيدون القراءة والكتابة. ومن المتوقع ان يسهم تطبيق هذا القانون في تقليل نسب الأمية في العراق التي تفاقمت خلال السنوات الماضية بسبب ظروف البلاد الأمنية والسياسية والاقتصادية غير المستقرة.
واستحدثت وزارة التربية هيئة عليا لمحو الأمية مسؤولة عن إعداد الخطط لمشروع الحملة الوطنية لمحو الأمية، حيث تم افتتاح قرابة (5,000) مركز خاص في عموم العراق لمحو الأمية حسب ما افادت به وزارة التربية في كل مديرية عامة للتربية وفي جميع المحافظات عدا محافظات إقليم كردستان.
وبموجب قانون محو الأمية سيحصل الدارس المنتظم في الدراسة في مراكز محو الأمية على الشهادة الابتدائية، وبإمكانه تطوير مهاراته الحياتية، وتحسين مردوده المالي والمشاركة في الحياة العامة.
والجدير بالذكر أن العراق قد أعلن عام 1991 خلو البلاد من الأمية، بعد أن أطلقت السلطات أواسط سبعينيات القرن الماضي حملة واسعة للقضاء عليها، لكن أعداد الأميين ارتفعت خلال السنوات الماضية، ويعزو خبراء تربويون تنامي الأمية في العراق إلى عدم استقرار الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية.
أسباب الامية
ويرى خبراء مختصون ان الظروف القائمة حاليا والتي سبق التطرق لها من شأنها عرقلة نجاح الحملة الوطنية لمحو الأمية في بلد لا تقل نسبه الفقر فيه عن 30% ويعاني من تفشي البطالة بين الخريجين وحملة الشهادات، والتهجير القسري، والتسرب من المدارس.
فيما أشارت الإحصائيات التي قام بها الجهاز المركزي للاحصاء التابع لوزارة التخطيط إلى أن معدل معرفة القراءة والكتابة بين الشباب بعمر (15- 25) سنة بلغ 74% أي وجود 26% من هذه الفئة تضاف إلى شريحة ألاميين التي يعاني منها العراق أصلا, كما لوحظ تقلص الفجوة في التعليم بين الرجال والإناث والغريب أن ذلك لم يعكس تحسن مستوى الإناث بل تراجع في مستوى الذكور وكانت معدلات الرسوب مرتفعة في العراق وأن 20% من الأطفال رسبوا في المدرسة لمرة واحدة على الأقل وأن 31% من السكان في المنطقة الشمالية فوق سن 15 سنة لم يلتحقوا بالمدارس نهائيا علما ان اخر تعديل اجري على بيانات الجهاز المركزي للاحصاء عام 2010 - 2011.
ومن الاسباب الاخرى التي تسببت بزيادة الامية في العراق يرى خبراء تربويون ونشطاء مدنيون ان الانعكاسات الاقتصادية هي التي أدت الى تسرب عدد كبير من الطلبة ونزولهم لقطاع العمل في الشوارع والمحال وتحت ظروف قاهرة لأعمار مثل أعمارهم، و هناك موضوع البيئة التعليمية ايضا ومدى تطبيق طرق تعليمية حديثة تم تطبيقها عالميا وأثبتت نجاحها، فقد تمكنت الكثير من الدول من تحويل مدارسها لاماكن ليس للدراسة وتعلم النطق والكتابة فقط بل باتت مؤسسات تعالج الأمور النفسية والاجتماعية وتعليم الطلبة لحرف وفنون وتنمية المواهب، والتشجيع على التعلم باساليب متطورة مثل السفرات واستضافة مختصين والاشتراك بمسابقات على مستوى وطني و دولي .
ويضيف الخبراء والناشطين بأن وجود هكذا بيئة تدفع الطالب الى زيادة رغبته في الذهاب الى المدرسة وابعاد هذه المؤسسة عن كونها مؤسسة مملة.
وتعد الاسباب الامنية التي شهدها العراق خلال فترة ما بعد سنة 2003 وحالات التهجير الطائفي للعوائل بالاضافة الى سوء الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية اسبابا حقيقية وراء زيادة اعداد غير المتعلمين في العراق.
ويرى الناشطين والمختصين ان اغلب المعالجات الموضوعة لمشكلة زيادة الامية في العراق هي معالجات لا تخضع الى التخطيط العلمي الصحيح، وطالما ان القضية تنطوي على ابعاد وطنية فينبغي ان تتعاون جميع المؤسسات المعنية في تطبيق الحلول من اجل تظافر الجهود والقضاء على الامية في العراق.
ويبدو ان الظروف لم تتوفر بعد من اجل القضاء على الامية المتفشية في المجتمع العراقي والتي تعد مشكلة كبيرة لا تنفع معها الحلول الترقيعية، كإقامة دورات هنا وهناك لتقليصها. بل ان الموضوع بحاجة الى تشريعات فاعلة والى ميزانية كبيرة للقضاء على الامية.
وبعد كل ما عرض من واقع الأمية في العراق نرى من الضروري تطبيق مجموعة متكاملة من الاجراءات لمحو الامية، وأن يتم الحد من مسبباتها عبر سد منابعها والتي منها التسرب من الدراسة وهي في حقيقتها نتيجة للعديد من العوامل المتعلقة بالفقر والحاجة الى العمل والاحساس بعدم اهمية التعلم وأنه قضية ثانوية، لذلك يجب أن يكون التعلم والاستمرار به اولوية وهذا يعني توفير كل الظروف والاجواء التي تساهم القضاء على اسباب الامية فمن الصعب جدا القضاء على ظاهرة التسرب من الدراسة وهناك فقر مدقع يدفع العوائل الى تشغيل اطفالها فضلا عن عدم قدرتها تحمل تكاليف التعليم، وهذا يوجب ان تكون اجراءات محو الامية ومعالجة مسبباتها غير منعزلة عن الواقع الموضوعي العام للبلاد وتأخذ بنظر الاعتبار كل الظروف والتعقيدات الموجودة، كما نرى من الضروري العمل على التالي:
1. ضمان مجانية التعليم والزاميته.
2. وضع إستراتيجية وطنية شاملة لمحو الامية توضح فيها جداول بتواريخ الأنشطة والفعاليات المتعلقة بمحو الأمية على ان تعلن هذه الإستراتيجية ليتسنى مراقبة وتتبع مراحل تنفيذها.
3. اعتبار منظمات المجتمع المدني المهتمة بالتعليم شريكة في تنفيذ الحملة الوطنية لمحو الأمية .
4. تكثيف عمل منظمات المجتمع المدني في برامج تساهم في الحد من ظاهرة الامية.
5. تخصيص برامج اعلامية بخصوص موضوعة الامية والحد منها.
6. توفير موارد مالية وكوادر تدريسية كافية، حتى يتم القضاء على الامية بشكل تام.
7. توفير مواد دراسية تتناسب مع التطور العلمي والابتعاد عن الطرق التقليدية في التعليم.
8. الاهتمام برياض الاطفال كون ان هذا القطاع ينشئ جيلا جديدا محب للعلم.
9. توفير البيئة المناسبة الجاذبة داخل مراكز محو الامية لكي تجذب الفئات المستهدفة.
10. الاشراف على قطاع التعليم في اطراف المدن والمناطق الريفية وتفعيل دور المراقبة على هذه الاماكن مع توفير بيئة ملائمة للتعليم.
11. تفعيل القوانين الداعمة لجهود القضاء على الامية.
مركز المعلومة للبحث والتطوير و منظمة تموز للتنمية الاجتماعية
8 أيلول 2013
أقرأ ايضاً
- الشيخ يوسف دعموش لبعثة العتبة الحسينية بلبنان: استمروا بدعمنا ولابد لخط السيد السيستاني ان يستمر لتقوية خط اهل البيت (فيديو)
- صراع دولي وشبهات فساد.. هل تفشل الاتفاقية العراقية الصينية؟
- المالكي يدفع باتجاه انتخابات مبكرة في العراق