في إطار التعاون والتنسيق الثقافي والمعرفي بين دائرة المعارف الحسينية والمراكز الثقافية والعلمية في باكستان، زار وفد المركز الحسيني للدراسات بلندن معهد الپنجاب للأدب واللغات في مدينة لاهور، والتقى الوفد بالمدير العام الأستاذ خالد محمد بشير القاضي واستمع الى شروحات مستفيضة قدمتها الدكتورة صغرى ولاية خان صدف، المديرة التنفيذية لمعهد الپنجاب، كما استمع الوفد الى شرح قدمه الفنان التشكيلي الشهير أسلم محمد شفيع كمال المولود في مدينة سيالكوت عام 1939م الذي قام بتحويل التراث الشعبي لسكان مقاطعة الپنجاب الى لوحات فنية تشكيلية وحروفية بديعة، حيث وقف الوفد الزائر على عدد من لوحاته الحسينية ومنها اللوحة الحروفية المتضمنة إحدى مثنويات الشاعر محمد إقبال اللاهوري يقول فيها باللغة الفارسية من الرمل المسدس المحذوف:
رمز قرآن أز حسين آموختيم
ز آتش أو شعله ها أندوختيم
ومعناه العام:
من الحسين أُلهمنا رمز القرآن
وقبسنا من ناره شُعَلَ الإيمان
وقدّمت الدكتورة صغرى صدف الى الجمهور الپنجابي وعبر الأثير مباشرة كلاً من الدكتور وليد البياتي والدكتور نضير الخزرجي، حيث تحدثا عبر إذاعة الپنجاب التي تبث من المعهد عن مشاعر وفد الموسوعة الحسينية وهو يلتقي بفعاليات وجمهور باكستاني لأول مرة، و عبّر البياتي عن سعادته لوجوده في باكستان، فيما أكد الخزرجي أن معرفته النظرية بباكستان وبالأدب الباكستاني ليست بجديدة وإن كان حضوره الى باكستان هي المرة الأولى، لأنّ تعامل المحقق الدكتور محمد صادق الكرباسي مع الأدب الباكستاني أكسب الباحثين في المركز الحسيني للدراسات معرفة بأدباء وعموم الأدب الباكستاني مستشهداً ببعض الشخصيات الباكستانية مثل الأديب المتصوف داتا صاحب علي هَجْوَري، فضلاً عن معرفة المجتمع العربي بالأديب الفيلسوف محمد إقبال وبمؤسس باكستان الحديث القائد محمد علي جناح.
واستمعت إدارة معهد الپنجاب لشرح عن دائرة المعارف الحسينية قدمه الدكتور نضير الخزرجي، في نهايته أهدى مجموعة من إصدارات المركز الحسيني للدراسات، كما قدّم المعهد مجموعة من إصداراته، معلناً عن استعداده للتعاون مع دائرة المعارف الحسينية في مجال الأدب الحسيني، وحضر اللقاء إلى جانب الوفد الإعلامي الباكستاني المحرر في جريدة جنگ والمقدم في إذاعة الپنجاب الأستاذ شهزاد علي ذو القرنين، والتدريسي في جامعة منهاج الحسين العلامة حسن رضا باقر.
في إطار متصل زار وفد الموسوعة الحسينية "متحف فقير خان" وسط لاهور الذي يضم مقتنيات إسلامية نادرة تعود إلى عهد الرسالة الإسلامية الأولى حسب تأكيد المتحف، وقدّم الأستاذ السيد سيف الدين فقير خان مدير عام المتحف شرحاً مفصلاً عن المقتنيات وعائديتها، مشيراً الى مقتنيات تعود إلى الإمام الحسين(ع) قال أنه يمتلك سند عائديتها من قبيل شعرة الرأس ومسبحته تعرض للجمهور في نهار كل عاشوراء من كل عام فقط، هذا فضلاً عن مقتنيات تعود الى النبي الأكرم وأهل البيت(ع) وعبد القادر الگيلاني، مضيفاً أن المقتنيات القديمة الموجودة في المتحف الملحقة بقلعة ومسجد بادشاه وسط لاهور تعود الى "متحف فقير خان".
من جانبه قدّم العلامة الدكتور محمد حسين أكبر كهچي راعي "مؤتمر الإمام الحسين الدولي على ضوء دائرة المعارف الحسينية" الذي انعقد في جامعة منهاج الحسين بلاهور في اليومين 15 و16 حزيران يونيو 2013م، شرحاً مختصرا عن دائرة المعارف الحسينية، وتابع عضو الوفد الزائر الشيخ هاشم الغديري توضيح معالم الموسوعة الحسينية، فيما دعا الدكتور نضير الخزرجي عضو الوفد الزائر الى التعاون المشترك بين المتحف والموسوعة لتوثيق المقتنيات الحسينية في دائرة المعارف الحسينية، معرباً عن سعادته في تحقيق ذلك، كما واطّلع الوفد الزائر على مقتنيات أثرية قديمة غير معروضة للزائرين تعود الى مئات السنين محفوظة في المتحف الذي يعود بناؤه الى 200 عام والملحق بمنزل أسرة فقير خان الذي يعود تاريخ بنائه الى 400 عام.
وكان الوفد قد زار في وقت سابق متحف مسجد باد شاه الأثري ووقف على المقتنيات المنسوبة الى النبي الأكرم محمد (ص) وأهل بيته الكرام.
وعلى صعيد آخر استقبل مدير عام "مجلس حوار الأديان" في باكستان أمين عام مركز بلال العلمي العلامة الشيخ محمد شفاعت رسول النوري الرضوي، في مكتبه وفد الموسوعة الحسينية، حيث عبّر في مستهل اللقاء عن قناعته بأن الوحدة الإسلامية هي الطريق السليم لدرء الخلافات المذهبية، معتبراً أن حضوره في "مؤتمر الإمام الحسين الدولي" جاء ليؤكد أن السنة والشيعة هما جناحا الإسلام، وأن دعوات التطرف والتكفير دعوات قاتلة لهذه الوحدة ولابد من التصدي لها، مستنكراً على الذين يعتبرون زيارة الرسول الأكرم(ص) شركاً، ومنتقداً هجمات هدم المقامات والمراقد الشريفة، داعياً الى مزيد من المؤتمرات الفكرية والعلمية والثقافية التي تصب في خدمة الأمة والبشرية بناءً على عالمية الرسالة الإسلامية في قوله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
العلامة الدكتور محمد حسين أكبر كهچي الذي رأس الوفد، رأى أن الإقتتال المذهبي على طول التاريخ لم يفض الى نتيجة ولم يقض على المذاهب، ولذلك لابد من الوحدة والتعايش لمواجهة الأعداء الداخليين والخارجيين، وأيّد الدكتور وليد البياتي عضو الوفد الزائر ما ذهب إليه العلامة محمد حسين أكبر، فيما أكد الدكتور نضير الخزرجي عضو الوفد الزائر على أهمية قراءة التاريخ بصورة سليمة لنكتشف أن الجهة التي أساءت إلى أئمة أهل البيت(ع) وأصحاب المذاهب الإسلامية هي واحدة، وهو ما يبرر الوحدة لا الإفتراق مستدلاً بذلك على الأذى الذي لقيه الإمام أبو حنيفة من بني العباس والموت الذي نزل في أولاد الحسن والحسين(ع) من القوم أنفسهم، مؤكداً أن المحقق آية الله الدكتور محمد صادق الكرباسي يعمل في الموسوعة الحسينية على غربلة التاريخ وبخاصة ما يتعلق بالنهضة الحسينية ليكون جلياً أمام الجميع القارئ والباحث، العالم والمتعلم. فيما انتقد الشيخ فاضل الخطيب عضو الوفد الزائر دعوات التخوين والتكفير الصادرة من قلّة قليلة التي تعمل جاهدة على مصادرة الصوت الإسلامي السني والشيعي على السواء، مؤكداً على أهمية الوحدة الإسلامية في بناء الحضارة الإنسانية مستشهداً ببيتن من الشعر للأديب والشاعر العراقي الراحل السيد مصطفى جمال الدين (1346- 1426هـ)، وهما من الخفيف يقول فيهما:
قاربونا نقرب إليكم وخلّوا *** الحقدَ تغلي قلوبُهُ وتفورُ
فسيصحوا الطهاة يوماً وقد ذا *** بت بنار الأحقاد حتى القدورُ
وتحدث في هذا اللقاء الذي جمع شخصيات مسلمة من مذاهب مختلفة إلى جانب شخصيات من أديان متنوعة، داعية الوحدة بين الأديان المسيحي السيد فرانسيس نديم راعي ومنسق "مجلس حوار الأديان" مفصلاً القول في النشاطات الثقافية والإجتماعية لكل الفئات العمرية التي تقام في باكستان ومن كل الأديان برعاية المجلس من أجل ترسيخ من أجل ترسيخ الوحدة المجتمعية على قاعدة المواطنة وحب الوطن. كما تطرق الى أهمية الوحدة الإسلامية المفتي الحافظ سيد عاشق حسين البخاري، والعلامة ملك جاويد محمد أكبر ساقي، وهو من علماء أهل السنة ومن دعاة التقارب بين المذاهب والأديان.
وفي نهاية اللقاء تهادى الوفد الزائر والمضيِّف مجموعة من المؤلفات والإصدارات باللغات العربية والأردوية والإنكليزية.