حجم النص
fبقلم :عباس عبد الرزاق الصباغ
حكومة الشراكة الوطنية التي أسست وفق نظام التحصاص التمثيلي والتوافقات والارضاءات والصفقات الحزبوية والكتلوية والمناطقية بسبب ما اقتضت مرحلة ما بعد التغيير وطبيعة المشهد السياسي/ الاجتماعي العراقي فان طبيعة تشكيل هذه الحكومة من جهة وطبيعة عملها من جهة أخرى أدت الى عرقلة الكثير من مفاصل الدولة العراقية والى إعاقة مزدوجة مابين السلطتين التنفيذية والتشريعية فضلا عن السلطة القضائية فعلى سبيل المثال، أدت الشراكة الظاهرية الى إضعاف آليات واذرع السلطة التنفيذية إضافة الى هيبتها وإضعاف الدور الرقابي وآليات السيطرة وإقرار الكثير من القوانين في السلطة التشريعية وبعد ان ذهبت فكرة عقد المؤتمر "الوطني" الذي طال انتظاره أدراج رياح المناكفات السياسية والاستعداءات المتقابلة والتخندقات المتعاكسة والمتنافرة وضمور الحد الأدنى من الانسجام بين الفرقاء السياسيين وفي بعض الأحيان داخل الكتلة نفسها ، وان كان لم يكن مقدرا له ان يكون "عصا" سحرية في هذا الأتون السياسي / المجتمعي المعقد !!! .
إن مشكلة الاستعصاء الحالي في المشهد السياسي فقط لا تكمن فقط في تصدع العملية السياسية التي ولدت متصدعة وهشة وغير متناغمة وإنما تكمن في تكرار "تجربة" توافقية "الشراكة" مستقبلا وهذا يعني بقاء الاستعصاء ذاته ـ وان تغيرت الوجوه ـ واستنساخها ما يعني إضافة مشاكل واستعصاءات جديدة تضاف الى المشاكل القديمة المرحلَّة ربما تكون المشاكل الجديدة أكثر استعصاءً من القديمة.
يضاف الى ذلك إن الحكومة الحالية دخلت في الشوط قبل النهائي ولم يبق من عمرها الكثير وقد يكون الهامش الزمني غير كافٍ لتشكيل حكومة أغلبية قد تصطدم بالكثير من الهوامش القانونية والمناكفات السياسية والمشاكل الحزبية التي تعيق تشكيل حكومة أغلبية ـ وهي ذاتها التي تعيق عمل وأداء هذه الحكومة وأية حكومة ان شُكِّلت ـ ولحد الآن لم تتفق الأحزاب والكتل على أية صيغة لتشكيل أية حكومة أغلبية ـ !!!!!!!
كما تكمن المشكلة في المخاوف من تصدع النسيج السيوسولوجي العراقي نفسه إذا ما استمرت بوصلة العملية السياسية سائرة وفق هذا المنحى وهي مخاوف لا تختلف عن المخاوف المترتبة عن التصدع السياسي ما يسبب خسارة المجتمع الأهلي الحاضن للمجتمع السياسي وتكوين الفعاليات السياسية وتفعيل قواعدها الجماهيرية المطلوبة وكنتيجة لا بد منها هي تشكيل حكومة أغلبية سياسية مستقبلية وبقرار "شجاع" وتاريخي مسؤول من أية كتلة فائزة في الانتخابات لتصحيح مسار العملية السياسية من جهة وتصحيح أخطاء التأسيسات الدولتية وعبور مرحلة التجاذبات والتخندقات السياسية والطوائفية والعرقية والمناطقية وفك حزمة الاشتباكات مابين مفردات الواقع السياسي وعبور مرحلة الارضاءات والمناكفات وسقوف المطالب العالية والشروط التعجيزية والمطالبة باستحقاقات غير واقعية والعبور على الدستور، وفرض الإرادات الجهوية على الدولة وليّ الأذرع والتهديد والوعيد والقفز وراء الحدود والتغريد خارج السرب الوطني.
اعلامي عراقي مستقل [email protected]
أقرأ ايضاً
- نصيحتي الى الحكومة العراقية ومجلس النواب بشأن أنبوب النفط الى العقبة ثم مصر
- لماذا تصمت الحكومة أمام عقود أندية دوري "لاليغا" ؟
- ما هكذا تُورَدُ الإبلُ يا حكومة السوداني