حجم النص
1- انتحار ثقافة و ولادة أخرى
بينما كنت أتجول في عاصمة الثقافة والابداع (بغداد) لفت نظري في بداية شارع السعدون لافتات معلقة على الجدران كتب عليها { المكتبة و ما فيها للبيع } ، وآلاف الكتب على الارض وقد علاها الغبار ، كراس ومجلد وموسوعة ، وقد بهرني التنوع والكمية ، تستغيث لإنقاذها قبل ان تحترق في أقرب تنور أو تغرق في نهر دجلة ، علما أني زرت مدينة العمارة وجدت مثل هذا الموقف ، تكلمت مع صاحب المكتبة الكبيرة جدا وقال لي : لن تراني في الاسبوع المقبل !!! مسافة اخرى مشيتها في بغداد الثقافة لأجد مكتبة أخرى للبيع ، سألت صاحب المكتبة ،لماذا تبيعها ؟ أجابني : انتحرت ثقافة قراءة الكتب .و حسب استطلاع للرأي أجريته في مدينة كربلاء المقدسة ؟ ظهر أن الاعمار ما بين 18 – 45 سنة يفضلون الانترنت وبنسبة 56% ثم الطرق الاخرى للقراءة والتصفح . الى أصحاب الاختصاص هل هذه التحولات السريعة في طرق كسب الثقافة تعتبر صالحة ام طالحة ، أم القديم أفضل . علما أن علم الكيمياء يقول : التحول السريع في المواد يغير الخواص الكيميائية والفيزيائية !!
2- المدينة الفاضلة
من يقرأ التاريخ يرى إن العراق اول أرض سكن عليها الحيوان البشري وغيره ، ولحد هذا اليوم و الاتصال و التوالد والنتاج الادمي منذ ادم عليه السلام ، والكيانات و الحكومات و الدول التي تشكلت على هذه الارض اقامت الدنيا ، والحضارات التي سادت ثم بادت أكثر مما يتخيلها الانسان .
المفروض العمر الطويل لهذا البلد ، أن يتولد فيه كيان ومجتمع متماسك منسجم ملتحم نتيجة للإرث التاريخي والضغط المتراكم لسنوات الحضارة وعقليا هو الارجح ، والاسباب الاضافية لما تقدم التجارب المتلاحقة والإرث الاجتماعي والديني والسياسي والعسكري .
ولكن العجيب ونحن في العام 2013 ميلادي و 1434 هجري والعراق أكثر دول العالم تشتتا وشعبه أبعد نقطة ممكنة عن الانسجام المجتمعي .
الساكن في المدينة غير منسجم مع ساكني القضاء و مركز القضاء غير منسجم مع القرية و ساكن القرية غير منسجم مع ريفه ، والمدن فيما بينها لا يوجد بينها بوادر الانسجام والوسط يرى له الافضلية على الجنوب والمنطقة الغربية لا تطيق الشرقية و الشمال لا يمكن أن ينسجم مع الاجزاء الباقية والقبيلة الفلانية ترى لنفسها الافضلية على القبائل الاخرى ، و وصل عدم التجانس الى العوائل وهي اساس البنية المجتمعية لكل كيان وطني . اليوم حالة اللاأنسجام اصبحت ظاهرة ، والعراقي الوحيد الذي ابناءه لا يحملون وثيقة عراقية فأما تبعية فارسية أو عثمانية ، ومن مبدأ عقلي على الذين يحكمون البلاد ويستعبدون العباد أن يجلسوا ليحددوا مسارات هذه الظاهرة و أسبابها ووضعها على طاولة البحث وايجاد الحلول وفق منهج مدروس ، وحل هذه الظاهرة قبل أن ينحل هذا المجتمع ويصبح أجزاء و كل جزء ينصهر في إحدى المجتمعات المجاورة له ويفقد العراق هويته كوطن و مواطن . إن التجانس في منظومة الدول المتقدمة هو مفهوم استراتيجي , لا تطبيق آني , تعمل عليه الدول من أجل الرفاهية والازدهار .
ولكن في العراق انتقلت حالة اللاانسجام هذه الى السلطة و الحكومات المركزية والمحلية ، وهذه علامة واضحة لانتهاء العراق كوطن .
أقرأ ايضاً
- فزعة عراقية مشرّفة
- اهمية ربط خطوط سكك الحديد العراقية مع دول المنطقة
- عْاشُورْاءُ.. السَّنَةُ الحادِية عشَرَة (12)