حجم النص
بقلم :لطيف عبد سالم العكيلي
عبر ثلاثة عقود من الزمان ،أفضت مجموعة من العوامل في مقدمتها قلة المياه المتأتية من خطورة السياسات المائية التي اعتمدتها دول المصب حيال مهمة الاستئثار بأكبر ما يمكن من حجوم مياه الانهار العراقية وحجزها في سدود وخزانات بقصد الافادة منها في مشروعات انتاجية لتدعيم اقتصاداتها ،اضافة الى تداعيات الحروب التي عاشتها البلاد ،وتنامي اثار مشكلة التغيرات المناخية إلى تقلص عدد بساتين النخيل ومساحاتها الخضراء في مختلف مناطق بلادنا بعد أن كانت النخلة فيما مضى عنوانا لنماء البلاد ووفير خيرها الذي يتوارى خلفه تاريخ شعب حافل بالعطاء والمدنية والحضارات .وعلى وفق التوقعات والتخمينات غير المستخلصة من قاعدة بيانات مفترضة والتي تدعمها رؤى المتخصصين واصحاب الشأن ،تراجعت أعداد نخيل العراق في الأعوام الأخيرة إلى نحو( 11 مليون ) نخلة بعد أن كان مجموعها في أواخر العقد السابع من القرن المنصرم يقدر بأكثر من ثلاثين مليون نخلة تقع معظم بساتينها في محافظات البصرة وذي قار واسط وميسان ،إضافة إلى محافظات بابل وكربلاء وديالى وبغداد ومدن أخرى .ولعل ما نقلته المصادر الخبرية قبل ايام قليلة عن رئيس المجلس البلدي لناحية مندلي (90كم شرقي بعقوبة) التي تعرضت في العقد الثامن من القرن الماضي إلى ضرر بالغ نتيجة العمليات العسكرية التي تسببت في هجرة القسم الأعظم من سكانها الى جانب تدمير اغلب بساتينها الزراعية من أن الناحية التي كانت في بداية العقد الثامن من القرن الماضي غابة عملاقة من أشجار النخيل التي تتميز بكثرة أنواع التمور فيها ،خسرت ما يقرب من ( 80% ) من بساتين النخيل خلال ( 30 ) عاماً مصداق على ما اشرنا اليه فيما تقدم ،مؤكداً في الوقت ذاته أنه لم يتبق في الوقت الحالي سوى ألف دونم تفترشها بساتين نخيل تعاني من انحسار مستمر في أعدادها ؛بالنظر لتفاقم المشكلات الخاصة بمصادر المياه التي تسببت بنقص كبير في ايرادات المياه الى بلادنا ،اضافة الى نشوب الحرائق فيها بفصل الصيف .ان الواقع الذي تقدم ذكره يملي على ادارة القطاع الزراعي التأسيس لمشروعات من شانها النهوض بقطاع النخيل في مختلف مناطق البلاد ،وبما ينسجم مع الاسهام في تعزيز الاليات المعتمدة في مهمة اعادة العراق إلى صدارة قائمة البلدان المنتجة للتمور بعد التراجع الكبير الذي افضى به إلى المرتبة السادسة بفعل الاهمال التي طال قطاع التمور خلال العقود الثلاثة المنصرمة ،اضافة الى تجريف البساتين وتحويلها جنسها الى مناطق سكنية او صناعية ،مثلما هو حاصل في تنامي ظاهرة العشوائيات .ولعل في مقدمة حزمة الاجراءات التي ينبغي تطبيقها هو إنشاء مركز تخصصي لتطوير وتوسيع زراعة النخيل في البلاد وتجديد البساتين القائمة من اجل زيادة اعداد النخيل والارتقاء بنوعية انتاج التمور .
في امان الله اغاتي .
المهندس لطيف عبد سالم العكيلي / باحث وكاتب .
أقرأ ايضاً
- اليمن افضل دولة تتعامل مع محنتها
- في بلادي... رائحة الموت والدم العراقي.. الرخيص
- في بلادي يحاربون النزيه و و يتخلون عن الكفوء