حجم النص
المثقف وعلاقته بالكتاب
الكتاب رافد يروي ظمأ المثقفون
فضل الشريفي ــــ محمد اليساري
لا يمكن لعالم وأستاذ او مثقف وأي اكاديمي بل حتى الانسان الذي لم يكن على مستوى عالي من الثقافة ان يستغني عن قراءة الكتاب فحتماً ان كل شخص من هؤلاء يقرأ و حسب تخصصه وميوله وولعه بالقراءة فما ان تدخل بيته حتى ترى مكتبة تحوي العديد من الكتب،وليس هذا فحسب بل اصبحت قراءة الكتب هي الهوية الثقافية لكل بلد، التقت وكالة نون الخبرية بالمهتمين بالكتاب وأجرت معهم عدد من اللقاءات وكان من بينهم الباحث الدكتور محمد سعيد الطريحي ليتحدث عن أهمية الكتاب ودوره .
وكالة نون : في ظل تطور وسائل الاتصال الحديثة هل تراجع دور الكتاب الورقي ؟
حسب المعطيات التي عايشتها سواء في البلدان العربية منها او الاجنبية ففي اوربا واسيا على وجه التحديد لا ارى هناك غنى عن الكتاب فقد حضرت العديد من معارض الكتب العربية او الاجنبية واجد الاقبال هو نفسه على الاقل منذ ربع قرن وحتى مع ظهور الكتابة الاليكترونية والتكنولوجيا الحديثة لم تؤثر على الكتاب وما يقال الآن هي استقراءات ليس بالضرورة ان تكون صحيحة فالكتاب الورقي مازال حاضراً حتى في اوربا التي هي مهد التكنولوجيا فهناك مثلاً معرض فرانكفورت فتجد فيه ان الكتاب الورقي هو المطلوب وانأ بصفتي مقيم في اوربا اجد معارض الكتب عليها اقبال جيد فالجامعات والمعاهد تعتمد على الكتب الورقية حتى ان أطاريح الدكتوراه او رسائل الماجستير ما تزال حتى الآن تعتمد على الكتاب الورقي ،وعندما يستشهد الباحث بموقع اليكتروني معين تكون هناك شروط معينة لاستشهاده ،بشكل عام انا اجد الكتاب باقٍ وسيبقى وهو اساس بالبحث العلمي والمعرفة البشرية والدليل على كل هذا بالإضافة الى مشاهداتي ومعرفتي بالكتاب وتجوالي في معارض الكتب او علاقتي مع الكتاب الدائمة ان الكاتب الورقي هو ملك المعرفة .
وكالة نون :البعض يرغب بجمع المعلومات من الانترنت ويفضله على الكتاب ما هو رأيك في ذلك؟
ــــ نعم نحن لسنا ضد الكتاب الاليكتروني وانه شيء مهم جدا حيث يمكن جمع آلاف الكتب في قرص صغير كما تفعل مكتبة الكونغرس الامريكية لكن هذا لا يلغي أهمية الكتب الورقية ولكنه يقلل من اهميتها اما بعض الكتب والمؤلفات الدينية كالكتب الحوزوية والقواميس فهب باقية على حالها اي انها ورقية وانا متفائل بما وصل اليه العلم ولكن الكتاب يبقى له شأنه".
وكالة نون :ما لدافع الذي يجعل القارئ يتعلق بالكتاب ؟
ـــــ الكتاب بالنسبة لنا ككُتاب ليس مادة القراءة والاستزادة بالعلم انما هناك رابطة بين وبينه فاشتريه ويكون بمتناولي وحتى بعض الامور التي اكتبها اكتبها برقة فالتعامل يكون حي فهناك روحانية تجذبني الى الكتاب الذي أقرأه لذلك أحافظ عليه كشيء من مفردات حياتي فعل سبيل المثال انت تستطيع ان تقرأ رواية او مسرحية او اي كتاب آخر وأنت مستلقي في غرفة نومك وهذا الامر لا يحصل مع جهاز اللابتوب ،اننا نحس بعلاقة روحية و نفسية تربطنا بالكتاب وربما لأننا نشأنا مع الكتاب فأنا شخصياً ولدت في مكتبة وبيتي عبارة عن مكتبة كبيرة فربما تكون هذه العلاقة لصيقة بي او لارتباطي بالكتاب من الصغر فقد لا يتفق الكثيرون معي فذلك على الاقل يمثل افكاري.
وكالة نون: كيف نحافظ على الكتاب والموروث الثقافي في بلادنا ؟
ــــ هناك تقصير في الحفاظ على ثقافتنا وتراثنا وهذا وارد لان معظم او جميع الحكومات العربية ومنها العراق خاصة لا تهتم بالثقافة او التراث فكتبنا العظيمة وتراثنا الثر الناصع اكثره لم يترجم وكل ما نشاط موجود الان هو نشاط اهلي وغير جماعي ولكي نحافظ على تراثنا يكون ذلك من خلال الفهرسة والببلوغرافيا الحديثة و اود ان اشير الى اني قد زرت العتبة العباسية المقدسة ولاحظت المكتبة والمتحف فيها اجد ان هناك نهضة كبيرة في كربلاء المقدسة فلابد ان اعرج على ذلك فهناك ألاف المخطوطات تحفظ في خزائن حديثة جداً كما هو موجود في اوربا وفي امريكا وهذا شيء مفرح جداً كذلك مشفى الكتاب الذي يقوم بصيانة الكتاب الذي يقوم بصيانة الكتاب من الآفات وتجليده تجليداً محكماً كما اني وجدت المجال متاح للمثقفين للإطلاع على الكتب وبشكل مجاني وهذا يجعل الكاتب والباحث يشعر بالفخر وأتمنى ان تكون هذه الامور محفزة للمكتبات العراقية الآخرى ، حقيقة ان ما حققته العتبتان المقدستان الحسينية والعباسية ويجب ان يذكر دائماً فأن فالزائر الذي يقوم زيارة العتبات المقدسة يعتقد ان المراقد المقدسة للزيارة والتبرك بالضريح الطاهر فقط وفي الحقيقة هناك مكملات لهذه فهناك مكتبتين في كل من العتبتين المقدستين فانا ادعو الزائرين والجامعات ان يزوروا المؤسسات الثقافية والفكرية القائمة في هذين المرقدين
وكالة نون :تقيم بعض المؤسسات والجهات المهتمة بإقامة معارض للكتب كالمعرض الذي ترعاه العتبتان المقدستان فهل سيساهم ذلك في نشر ثقافة القراءة ؟
ــــ معرض الكتاب الدولي الثامن الذي ترعاه العتبتان المقدستان هو واحد من الانشطة المهمة بالإضافة الى مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الثامن وحينما زرت المعرض وجدت الالاف من الزائرين يشترون الكتب ويناقشون ويطرحون افكارهم فالمعرض تظاهرة ثقافية وما يميز هذا المعرض عن المعارض الاخرى ان المعرض يقام في مدينة مقدسة وهي كربلاء وهي بالأساس مدينة علمية لذلك انا اجد ان من الضروري ان يقام اكثر من معرض في مدينة كربلاء المقدسة كونها تشهد توافد الملايين من السياح وهم يحبوا ان يطلعوا ففي العراق تجربة رائدة ورصيد مختزن في فمن الواجب على العتبتين والمثقفين ان يكرروا من هذه الانشطة .
توجه واضح نحو التكنولوجيا
فيما يرى صاحب مؤسسة الاعلمي الاستاذ علاء الاعلمي"ان هناك توجه واضح نحو التكنولوجيا كالفضائيات والانترنت لسهولة الوصول للمعلومة وهذا ما أبعد الناس عن القراءة بالإضافة الى ظهور الكتاب الاليكتروني كمنافس فممكن حفظ آلاف الكتب في جهاز الآيباد وقراءتها ومع كل هذا الضغط على الكتاب الورقي فهو ما زال يقاوم فهناك روحية يجدها القارئ عندما يقرأ الكتاب بل انه يشعر بالإنس ويجد فارق بين الكتاب وبقية الاجهزة فالكتاب يتيح له امكانية مراجعة الصفحة ومناقشة الموضوع وتفنيد الابحاث التي فيه ".
وأضاف الاعلمي "الموضة هي التي تسير الناس فهم الان يهتمون بالجلاكسي ولكن سيعودون فيما بعد الى الكتاب لان الكتاب يعني التراث وكل العالم سيعود الى قراءة الكتب وقد لاحظت ان الدول العربية بدأت تعود الى قراءة و مطالعة الكتب،هناك تحدي بين الناشرين والقراء وأنصار التكنولوجيا وأتصور انهم سينجحون ونحن سننجح وكل في مجاله ومهما حاول البعض طمس الكتاب سيبقى الكتاب اساس الثقافة عند كل الشعوب،موضحاً "لكي نحافظ على الكتاب وأصالته يجب الاعتماد على الجانب التربوي والتوعوي حيث تبدأ العملية منذ الطفولة بتعليم الاطفال على حب القراءة وإيجاد مكتبات عامة في كل الاماكن وان توصل الدولة والمعنيين الكتاب الى الناس وبأرخص ثمن ممكن فبعض الناس لا يستطيعون شراء الكتب الباهظة كبعض التخصصات والنوادر وهذه الامور انا ارى انها ستؤثر في تنشيط القراء وازدياد عددهم ".
واستطرد الاعلمي "نحن نحتاج الى مسؤول قارئ لكن هذا الامر لم يكن موجوداً في عالمنا العربي ،والسياسيون يهتمون بالسياسة أكثر من الثقافة وان كان هناك من يهتم بالكتب والمكتبات لكن دوره ليس بذلك الاهتمام الكبير ونتمنى ان يكون التكاتف والتضافر من الجميع من معنيين ومراجع دين وكل شخص يجب ان يشجع على القراءة فالقراءة شيء رائع وفي كل البلدان المتقدمة يعطى الكتاب اهمية فمثلاً في اوربا تجد الشخص المتفرغ من العمل يمسك كتيب صغير ويقرأ فالوقت ثمين عنده ولو ان كل فرد عربي يقرأ كتاب معين وفي اي اختصاص لأصبحنا مجتمع يضاهي المجتمعات المتقدمة".
غذاء الروح على مر الازمان
اما صاحب مكتبة الكُتبي الاستاذ حميد حاجم الشريفي فقال عن الكتاب "ان الكتاب بالنسبة لعقل الانسان يعتبر بمثابة غذاء للروح والجسد على مر الازمان وهو من تخضر الروح به وتأنس له ويبقى لنفوس وعقول رواده ومقتنيه رغبةً جامحةً لتصفحه والانتفاع منه بالتالي يعطى له فحوى وجدوى مهما تطورت وسائل المعرفة الاخرى كونه يعتبر مصدر ومنبع بقية الوسائل الاخرى ولا تجد غنى لها عنه ".
وأضاف "ان لمعارض الكتب المتعددة المحلية والدولية جدوى وتعود بنفع كبير للأشخاص الراغبين في اقتناء الكتب وتسهم بالتالي بنشر الثقافة العامة للشخص مقتني الكتاب وتبث لديه ثقافة عامة هو بأمس الحاجة لها سواء في مجال عمله او حياته اليومية أي ان الشخص بطبيعته يحتاج للمعرفة والثقافة في مختلف نواحي الحياة العلمية والعملية ".
وعلل الشريفي علاقة عشقه للكتاب قائلاً "ان الكتاب بصفحاته الورقية يعد اصدق واقرب للنفس من بقية الوسائل المعرفية الاخرى بحكم مصداقيته وموثوقيته ".
لاغنى عن الكتاب الورقي
محمد عباس مؤسسة مصر مرتضى للكتاب تحدث لوكالة نون الخبرية قائلاً "انه ومن خلال المشاركة في عدة معارض ومهرجانات للكتاب سواء المحلية او الدولية الحظ ان هناك اقبالاً كبيراً لدى العديد من الاشخاص على الاهتمام بمجال الثقافة العامة وكسب المعلومات والحظ من خلال دور المكتبات العامة ان هناك دوراً كبيراً لها في نهضة علمية رائعة ".
وبين "ان الكتاب يمتاز بسهولة اقتنائه وحفظه ويسر في حمله من قبل القارئ كأن يتم قراءة ومطالعة الكتاب في السيارة او الاماكن العامة الاخرى اما وسائل المعرفة والمعلومات الاخرى فيعاب عليها مسالة تغيير وتزييف الحقائق في بعض الاحيان لغرض تمرير غايات وأهداف معينة تصب في مصلحة جهة او اخرى ".
واكد عباس "لا اعتقد ان الكتب الالكترونية والوسائل الالكترونية الحديثة تستطيع ان تنفي او تحجم دور الكتاب الورقي ولا يمكن لها ان تنافسه في نشر الثقافة العامة وغزارة المعلومات وكذلك لا يستطيع المفكرين والمثقفين الاستغناء عن الكتاب الورقي مها تطور وسائل المعلومات الحديثة الاخرى ".
قداسة طلب العلم والمعرفة
القارئ عبد الحسن حنون من كربلاء المقدسة يرى طلب العلم قداسة فقال "ان الله جل شأنه أكد في كتابه الكريم على مسألة طلب العلم كما ورد في الآية الكريمة (وقل ربي زدني علما)فطلب العلم من الامور التي أكد عليها الاسلام ووظيفة كل مسلم هو ان يجهد نفسه في الحصول على المعلومة وطرق الحصول على المعلومة منها الكتب ولكن للأسف الكثير من الناس لا يملكون القدرة المادية التي تمكنهم من شراء الكتب فيلجئون الى الوسائل الاخرى الاقل قيمة وهي الانترنت ومعلوم ان الانترنت يوفر المعلومة لكن ليس كما يوفرها الكتاب فأنا أفضل الحصول على ما أريد من الكتاب كونه مصدر اساسي وأكثر توثيق ومصداقية من الانترنت ".
وأضاف "لدي مكتبة متواضعة فيها كتب أخلاقية وفقهية وكتب تعنى بتفسير القرآن وأخرى عامة لمجموعة كتّاب مسلمين معاصرين وغير معاصرين ،انا من القراء المواظبين على القراءة تقريباً فالقراءة تنقل لك تجربة الآخرين لكي تطور معرفتك ورصيد الثقافي وتوظفهما في خدمة المجتمع لكي تنال رضا الله سبحانه وتعالى ".
منهج للثقافة وديمومة الاهمية
القارئ سعد الخرسان يعتقد بديمومة اهمية الكتاب فقال "يبقى الكتاب منهج الثقافة الدينية والاجتماعية والسياسية وأنا امتلك مكتبة وأقرأ الكتب في بعض الاحيان بسبب انشغالي بالدروس الحوزوية اضافة الى الالتزامات الاسرية والاجتماعية ".
وأردف "كلما كان الكتاب ذات قيمة علمية رصينة كلما حافظ الكتاب على الاحتفاظ بأهميته وتداوله بين القراء بينما الكتب التي لا تحتوي على مضمون علمي وان كان عنوان الكتاب براق ويجذب القارئ ألا ان القارئ سرعان ما يهمله ويبحث عن كتاب آخر ذات منفعة ".
أقرأ ايضاً
- بعد سلسلة إخفاقات.. هل اقترب أسود الرافدين من حلم المونديال؟
- بمشاركة نساء.. القضاء يروي تفاصيل سرقات غريبة ويحدد اسبابها
- اب لطفلة مصابة بالسرطان يروي قصته لممثل المرجع السيستاني وما حدث معها في مؤسسة وارث لعلاج الأورام (فيديو)