حجم النص
البصرة – حيدر الجزائري
بعد ان ملك عدنان الهيام وسيطر عليه الوجد، سرح بافكار شتى وهو يخطو خطواته الثقيلة ذاهبا وراجعا في شارع الجزائر، توقف لبرهة، مرددا مع نفسه، "خيالك في عيني، وذكراك في فمي، ونجواك في قلبي، فأيْن المهرب"، وفي الأثناء لمحت عيناه متجرا لبيع الزهور الطبيعية، تفوح منها رائحة ورد الجوري المحببة اليه، مع روائح زهور أوروبية.
لم يشعر إلا وهو داخل المتجر ممسكا بهذه الوردة ومستنشقا تلك الرائحة الزكية، حيث سأل صاحب المتجر عن اسماء الورود التي احس بانه يتواصل معها بلغة خاصة.
حسم عدنان امره، وقرر ان يطفئ نار الشوق بشراء "شدة ورد" لخطيبته التي ستكون بعد ايام زوجته.
قبل 4 اشهر فقط كان مواطنون بصريون يتوقعون اخفاق متجر الورد الطبيعي لجهة المزاج العام الذي يسيطر على المدينة، الا انهم كانوا يشعرون بفرحة تلامس وجدانهم وهم يرون ان الحياة بدأت تدب في جسد مدينتهم بعد رقود مزمن.
وفي حديث مع "العالم"، قال عدنان الحمداني (31 عاما)، ويعمل مندوبا في شركة اتصالات، "كبصريين بالتأكيد لنا مشاعرنا وأحاسيسنا الخاصة كالأخرين، ما كنا نفتقره في البصرة هو متجر لبيع الورد الطبيعي"، منوها "شخصيا فرحت كثيرا لأني وجدت هدية مميزة يمكن ان تزيد من الرومانسية بيني وبين خطيبتي التي سيكتب عقد قراني معها قريبا".
وعبر مهدي خشان (30 عاما)، ويعمل موظفا في الشركة العامة لموانئ العراق، في لقائه مع "العالم"، بانه "على الرغم من ان كلفة شراء الورد الطبيعي تعتبر شبه باهظة، لكن علاقة الحب مع زوجتي تجعلني أغض الطرف عن السعر، لان تقديم الورد اليها سيرسم البسمة على وجهها، ويقرب بعضنا من بعض".
اما هناء التميمي (40 عاما) وهي موظفة حكومية، افادت لـ"العالم"، قائلة "انا متفاجئة من وجود ورد طبيعي في البصرة، وبيعه من قبل محل خاص بذلك"، معتبرة انه "مؤشر على حياة جديدة تدخلها البصرة ".
واوضحت أمينة المياحي (42 عاما) وهي معلمة ابتدائية، لـ"العالم" ان "من المعروف عنا عند زيارة العائلة او الاصدقاء، فاننا نصطحب معنا الهدايا التقليدية، التي عادة ما تكون عصائر او فاكهة او مكسرات او غيرها، لكن وبعد افتتاح متجر بيع الورد الطبيعي قمنا بإبدال تلك الهدايا بباقة الورد لنشعر الاخرين بالامتنان والمحبة".
الى ذلك، تحدث مرتضى حسن حمزة، صاحب متجر الورد الطبيعي في البصرة، عن اصل فكرة المشروع، قائلا "جاءت عن طريق عمي الذي يتردد على اوروبا وهولندا تحديدا، وله هواية بالورد، لذا ارتأينا فتح محل في البصرة قبل 4 أشهر وتحديدا في منطقة الجزائر، لانها مركز تجاري هام، وهي فكرة رائعة".
واشار حمزة في مقابلة مع "العالم" ان "محله هو الرابع في العراق حيث يوجد في بغداد (الكرادة والمنصور) محلان مماثلان، واخر في اربيل".
وفيما اذا كان افتتاح المتجر منذ 4 اشهر مجازفة في بيئة لم تعرف هذه التجارة منذ اكثر من 3 عقود، اجاب حمزة، "لا يخلو من مجازفة حيث هناك نسبة من التلف والخسارة، لا سيما في الاغصان والباقات وهو أمر مدروس ومتوقع، الى جانب تكاليف النقل عن طريق تركيا وشمال العراق".
وعن انواع الورد الذي يتوفر عليه المتجر والأكثر طلبا من قبل زبائنه، قال "نبيع الورد المستورد من هولندا باعتبارها الاكثر تلاؤما وتحملا لبيئة البصرة، كالجوري (الروز) وهو الاكثر شراء، والقرنفل، والليلوم، والجربرة، والصوفية، والكرز، وانواع اخرى، كالخضارات التي تسخدم بالباقة".
وبخصوص الاسعار التي يتعامل بها المتجر، بين حمزة، ان "الاسعار تختلف بحسب نوعية الورود، لكنها تتراوح من 10 الى 15 الف دينار، وسبب غلاء بعضها هو لان اسعارها مرتفعة في المنشأ ويضاف اليها اجور النقل".
وبشأن نوع الزبائن الذين يرتادون المتجر، اشار الى ان "أغلبهم من فئة الشباب ومن الفئات المثقفة التي ترتاد المحل في المناسبات، وكذلك الفنادق والدوائر الحكومية".
وختم حمزة كلامه مع "العالم" بان "هناك فكرة لتوسيع المشروع الى جانب استزراع هذه الورود الهولندية في البصرة
أقرأ ايضاً
- سعر النفط بموازنة 2025.. طبيعي أم يؤدي لأزمة؟
- هل تحدث فرقاً؟.. جولة تراخيص جديدة للغاز العراقي
- فيها تدريبات على جهازي "الروبوت" و"اريكو": العتبة الحسينية تقيم ورشة عمل للمعالجين الطبيعيين من عموم العراق