تحتل الشناشيل عند البصريين مكانة مرموقة من حيث طرازها المعماري او من حيث الذكريات الاجتماعية التي يحملها عنها معظم المسنين الذين يروون للاجيال اللاحقة قصصها وحكاياتها الباذخة بالجمال والسحر.
الشناشيل ونهر العشار الذي يشطر المدينة الى شطرين والمرتبط بذكرى الطفولة وبراءتها وحيوية الشباب وعنفوانه، الاثنان اخيرا، وبعد ان ياس البصريون منتظرين اعلان وفاتهما، اعلنت المحافظة عن استكمال تصاميم مشروع لتطويرهما بالشكل الذي يعيد لهما سحرهما وبذخهما الأخاذ، مؤكدة انها ستعيد الحياة لهما وبتنفيذ شركات مختصة وبالمعايير الدولية خلال العام 2013.
وفيما بينت المحافظة ان الدور التراثية بعد تاهيلها ستستغل كمراكز ثقافية وتراثية متنوعة، لفتت الى ان تطوير نهر العشار سيخضع لذات المواصفات الفنية وستعود الحياة اليه كما كانت في السابق.
وفي مقابلة مع "صحيفة العالم" ، ذكرت زهرة البجاري، رئيس لجنة الاثار والسياحة في مجلس محافظة البصرة ان "تصاميم مشروع اعادة تاهيل الدور التراثية من ضمنها الشناشيل انجزت بالكامل، وستتم المباشرة به ضمن خطة مشاريع العام 2013"، مؤكدة على عدم "وجود مشكلة في التخصيص المالي الذي سيتم تحديده من موازنة المحافظة".
وتابعت ان تنفيذه "ياتي ضمن أولويات المجلس في احياء التراث والدور التراثية في البصرة القديمة، والبالغة 42 دارا مملوكة من قبل المحافظة".
وعرفت البصرة الشناشيل، كما يقول المختصون، في القرن السابع عشر الميلادي، وصارت الشناشيل تنافس النخيل في التدليل على الهوية الجمالية للمدينة، كما انها باتت من معالم المدينة التاريخية.
وتنتشر الشناشيل في مدينة البصرة بمناطق محددة، كمنطقة البصرة القديمة، وأبي الخصيب والعشار، وقد تعرضت هذه المعالم الاثارية إلى الإهمال والاندثار خلال العقود السابقة.
ولفتت البجاري الى ان "المشروع ذاته يتضمن ايضا اعادة تأهيل نهر العشار، والذي يعتبر من الانهر التراثية في المدينة، وبناء مقاه وكافتريات مطلة عليه".
وعن هوية الشركات المزمع تنفيذها للمشروع، بينت ان "تاهيل الدور بحاجة الى شركات عالمية متخصصة، لها باع وخبرة وليست شركات عامة تنجز المقاولات فحسب، بل تختص في المجال التراثي، لذا تم تكليف مديرة اثار البصرة لغرض التباحث مع الشركات المختصة وأخذ رأيهم في الاحالات".
بدوره، اشار عباس ماهر طاهر، مدير قسم التخطيط في مجلس محافظة البصرة، الى انه "سيتم هذا الاسبوع دعوة كافة الشركات بهذا الشأن، لوضع المشروع ضمن خطة العام 2013، لاعادة صيانتها وترميمها، حيث سيكون العمل بحسب المعايير الدولية المعتمدة وباعتماد المواد الاصلية للمحافظة على هذه الدور بالشكل المطلوب".
وعن طبيعة التأهيل الذي بحاجة اليه تلك الدور، قال طاهر في حديث مع "صحيفة العالم" ، ان "واقع تلك البيوت يختلف من بيت لاخر، فالبعض منها بحالة جيدة والبعض الاخر يعاني من ضرر كبير، وقد تمت ملاحظة ذلك ضمن الخطة".
الى ذلك، اوضحت ازهار جعفر هاشم، مديرة اثار البصرة لـ"صحيفة العالم" ، ان "اعادة تأهيلها جاء ضمن مشروع متكامل من بنى تحتية، وصيانة الدور والجسور، وإعادة النهر كما كان لتجري به المياه، وليس كما هو حاليا مستودعا للمياه القذرة، وستعاد الحياة لها ولنهر العشار"، متمنية ان "تسهم الشركات العالمية المتخصصة في مشروع ترميم الدور التراثية، ونأمل مشاركة ومساهمة اليونسكو بذلك".
وعن تاريخ تلك الدور وعمرها الزمني، استطرد هاشم، بالقول ان "غالبية الدور التراثية تميزت بعمارة الشناشيل والطراز الاسلامي، الى جانب دور اخرى لا تحتوي على الشناشيل، تعود بعضها الى العهد الانجليزي، ولها ميزة معمارية تخص العهد الذي تعود له".
وبشأن ما اذا كانت هناك خطة لدى مديرية اثار البصرة حول استغلال تلك الدور بعد تاهيلها وفي أي مجال، بينت "هذه الدور بعد مرحلة الانتهاء من الصيانة والترميم، ستتوزع على جهات، منها ستكون مراكز ثقافية، ومعارض، ودور للصناعات اليدوية البصرية، ومتاحف"، مضيفة "لنا رؤية ضمن الدراسة باستغلال احدى بيوت الشناشيل لمقر مفتيشة الاثار في البصرة وتأهيله كدار تراثي".
ودعت هاشم الى ضرورة ان "تكون هذه المنطقة بالكامل التي تضم الدور، منطقة طراز معماري خاص يتماشى مع التراث القديم الذي تتفرد به تلك الدور".
واردفت "لا يمكن ان تكون الدور الحالية الحديثة بالوضع الحالي من ناحية البناء، بل المفروض ان تكون لها واجهة معمارية خاصة".
صحيفة العالم - تقرير - حيدر الجزائري: