- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
زوبعة "النمر" لم تكن في فنجان ....
حجم النص
.بقلم: إيمان ناعس* كاتبة من الحجاز
على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على اعتقال الشيخ نمر النمر إلا أن الشارع لم يهدأ وأصوات المتظاهرين لازالت تدوي في الأرجاء، ولا زالت المدرعات وقوات الأمن تلاحق الشباب وتقنص وتترصد في نواحي عدة في قرى وبلدات محافظة القطيف. أرض القطيف اهتزت بهتافات الآلاف من الغاضبين في تشييع الشهداء الأبرياء الذين سقطوا برصاص القناصة من جنود وزارة الداخلية.
لقد أضحى تشييع الشهداء موعد الألوف من القطيفيين للصراخ في وجه القاتل وللتعبير عن غضبهم ورفضهم في أن يبقى فوقهم قاهرا. وعلى الرغم من كل مساعي وزارة الداخلية في أن لا يصل ذلك الصراخ إلى أبعد من إقليمه ومداه إلا أن إرادة السماء حملته إلى أقاصي المشرق والمغرب ليشاهد العالم ويسمع صوت المقهورين بآلة الخوف والترهيب. إن ظهور الناس بالآلاف يهتفون ضد الظلم هو ما يجابه مسعى وزارة الداخلية التي تريد أن تحجّم هذا الحراك وتوسمه بالشرذمة القليلة الضالة المنحرفة التي يجب أن يتبرأ المجتمع منها ويزدريها.
ولقد حرصت وزارة الداخلية مؤخراً على أن لا يكون تشييع حرم الشيخ نمر النمر في صفوى (إحدى مدن محافظة القطيف) موعداً للقطيفيين ليصرخوا فيه من جديد، حيث قيدت مسيرة الجنازة وحددتها بما لا يتجاوز الأمتار، ومع ذلك خرجت المظاهرة الغاضبة وبنفس الهتاف إياه.
ظن من كان يظن أن اعتقال الشيخ نمر النمر سيكون بمثابة عزل الرأس عن الجسد وكأن المتظاهرين ما هم إلا تنظيم يستمد تعليماته وأوامره من قيادة منظمة، ولكن بدا هذا الحراك الشعبي بالنسبة لوزارة الداخلية وكأنه رجل الزئبق الذي يتشكل مرة أخرى بعد كل قتلة. إن اعتقال النمر واعتقال العشرات من بعده من عرض الشارع لم يجدِ نفعاً، وأضحت قوات مكافحة التظاهر تائهة غير قادرة على تحديد من أين تنبع قوة هذا الحراك، فهي تلاحقه اليوم في شوارع القطيف الرئيسية تارة وفي العوامية تارة أخرى وصفوى وتاروت وسيهات ولم تتمكن من تحديد رأس له لتصيبه في مقتل رغم مئات المعتقلين والجرحى المغيبين وراء القضبان.
رجال الأمن الذين يتجولون اليوم في شوارع القطيف وأزقتها وبلداتها ويقفون على أعلى المباني كغربان الموت، يلاحقهم طيف النمر في كل ركن وزاوية، ويزعجهم زئيره الخارج من كل جدار من جدرانها، لقد أعطى النمر شباب الحراك والمجتمع أدبيات وأصول المطالب السلمية وقوة الشكيمة في قول كلمة الحق أمام السلطان الجائر قبل أن يُغيِّب جسده أسود الرصاص، ولقد باتت كلماته شعارات المرحلة.