حجم النص
بقلم :حسين الخشيمي
كنا نترقب بشغفٍ واشتياقٍ كبيرين سماع نتيجة الانتخابات الرئاسية في مصر, حيث اجتمعت انا وزملائي في مقر مجلة الهدى أمام الحاسوب نتابع عبر الانترنت النتائج النهائية لهذه الانتخابات التي باتت أمل الكثير من الشعوب, والتي فاق متابعيها حتى متابعي "اليورو" كأس أمم أوربا الأخيرة, وبينما كان رئيس لجنة الانتخابات يقرأ النتائج النهائية استحضرت أمامي صورة الدكتور محمد مرسي مرشح حزب العدالة الإخواني وهو يتهيأ لتسلم الحكم في مصر, وفوزه أمام حسرة مبارك وهو على فراش الموت, وخيبة شفيق تلك الشخصية التي باتت مشبوهة لدى المواطن العربي لأنها من قلب النظام السابق.. بالرغم من حصوله على عدد كبير من الأصوات وبنسبة مقاربة جداً من مرسي, أي إن هناك من كان يرغب بعودة سياسة النظام السابق على يد شفيق..!!
كما مرت في ذهني أيضاً سلسلة الاتهامات التي أطلقها حسني مبارك الرئيس السابق في سنوات سابقة عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر, حيث كان يصب مبارك غضبه على منافسيه عبر الإعلام الحكومي الخاص به, وفي حوار صحفي مع مجلة دير شبيغل - Der Spigel الألمانية، نشر في ديسمبر 2004 قال مبارك ما نصه "إن جماعة الإخوان المسلمين لها تاريخ إرهابي لقد قتلوا واحداً من رؤساء الوزارة قبل الثورة لاختلاف آرائهم السياسية وفي عام 1954 حاولوا قتل الرئيس جمال عبد الناصر وكرروا محاولاتهم عدة مرات" مضيفا بأن الأحزاب الدينية "تهدد السلام الاجتماعي"..
تصريحات مبارك في تلك الفترة تكشف لنا إن حركة الإخوان المسلمين كانت لها شعبية كبيرة في مصر ونتائج فوز مرشحهم لرئاسة الجمهورية محمد مرسي أكدت ذلك, وإلا ما الذي دفع بما يزيد عن 13 مليون مصري أن يذهب الى صناديق الاقتراع لينتخب أداة من أدوات الإرهاب حسب ما ادعى مبارك؟ بل يبدو إنها وسيلة كان يستخدمها مبارك في محاولة منه لإبعاد الشعب المصري الأحزاب الإسلامية في مصر, وهذا ما يقوم به أغلب الحكام اليوم, إن الشعب المصري اثبت للعالم إنه شعب مسلم متمسك بإسلامه لا كما تصوره لنا وسائل الإعلام, التي تركز دوماً على أن تظهر الشعب المصري شعبٌ لا يعرف سوى الرقص والغناء !! فما لهم ومرسي الإخواني إن كان إعلام مبارك صادقاً في ما نقل؟!!
مرسي صرح قبل إعلان النتائج النهائية للانتخابات المصرية بأيام قلائل بأنه سيقيم حكومة مدنية ديمقراطية عادلة, ولم يشر في كلامه الى حكم إسلامي إخواني ! وكان في جميع خطاباته يصرح بضرورة توفير الأمن والعدل للمصريين كافة سواء كانوا مسلمين او مسيحيين وهذا ما أثار استغرابي حول حركة الإخوان المسلمين في مصر, فالنظام السابق كان يصورهم لنا على إنهم إرهابيون لا يعرفون سوى اغتيال كل من تقاطع معهم في الأفكار والمعتقدات, وبالرغم من إن التصريحات والشعارات ليست دليلاً قاطعاً على صدق مرسي والإخوان؛ إلا إننا لا يمكن أن ننكر مصداقية وثقة أكثر من 13 مليون مواطن مصري وضعوها في شخص يمثل حركة الإخوان في مصر.
يبدو إن محاولات مبارك في السنوات التي انقضت كانت فاشلة في إبعاد الناس عن حركة الإخوان وكان يعلم انه سيأتي اليوم الذي يكون فيه احد أفراد هذه الحركة رئيساً لجمهورية مصر لأنه يعلم إن الشعب المصري شعب يتمتع بإرادة صلبة, فهو يحقق ما يريد بنفسه, بعكس الكثير من الشعوب العربية التي يسيطر عليها الكسل وثقافة اللامسؤولية, لدرجة إنها استوردت قوات حفظ الأمن ودروعها من الخارج! بينما ميدان التحرير شهد حماسة وإصرار الشعب المصري على تغيير مبارك والقضاء على حكومته, وبقي ميدان التحرير شاهداً حتى هذا اليوم على أن لا قرار إلا ما يقرره شعب مصر, وهذا الميدان سيضل شاهداً حتى آخر الزمان على إصرار وقوة الشعب المصري.
أقرأ ايضاً
- الجريمة المصرفية
- نصيحتي الى الحكومة العراقية ومجلس النواب بشأن أنبوب النفط الى العقبة ثم مصر
- في الولادة المباركة الى سيد الوصيين وإمام الموحدين(عليه السلام)