كما في كل عام هبت جموع المؤمنين الموالين لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله في مسيرة مليونية زاحفة صوب ضريح الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء المقدسة لإحياء ذكرى الأربعين الحسيني في العشرين من صفر وأداء مراسيم الزيارة الخاصة بهذه المناسبة.
وناهزت أعداد الوافدين على كربلاء للمشاركة في الطقوس الدينية احتفالا بمرور أربعين يوما على استشهاد الإمام الحسين عليه السلام خلال الأعوام السابقة 15 مليون بحسب الإحصائيات شبه الرسمية، ويتوقع مراقبون أن يزداد العدد هذا العام ليبلغ 20 مليون علماً أن بعض الزائرين غادروا المدينة إلى مناطق سكناهم فور إتمامهم الزيارة فيما مكث آخرون عدة أيام في الحسينيات والمواكب والفنادق والبيوت التي فتحت أبوابها لإيواء الزوار مجانا طيلة الموسم.
وعلى الصعيد الأمني لم تشهد كربلاء أية خروقات أو عمليات إرهابية بحسب الأجهزة الأمنية، لكن اعتداءات من قبل مجاميع إرهابية استهدفت حشود الزوار في الطرق الخارجية والمدن التي يمرون بهاأثناء سيرهم مشيا على الأقدام إلى العتبات المقدسة في كربلاء.
ففي محاولة لبث الرعب في صفوف الزوار وثني عزيمتهم عن مواصلة المسير فجر انتحاري عربي الجنسية نفسه بحزام ناسف الخميس وسط موكب حسيني لدى مروره من نقطة تفتيش بين الناصرية والبطحاء جنوب العراق وأوقع 44 شهيدا و81 جريحا وفقا لمديرية شرطة ذي قار.
ويبدو أن إرادة الجماهير الحسينية ووحدة العراقيين وإصرارهم على استمرار الحياة رغم الاستهداف الدائم أفشلت المؤامرات الداخلية والخارجية التي تحاك ضدهم وأحرقت ورقة الطائفية في هذا البلد الذي تعايش أبناؤه منذ آلاف السنين متسالمين متحابين، ودليل ذلك مبادرة الشهيد نزهان الجبوري، من أهالي الحويجة في كركوك ومنتسب للفوج الأول اللواء 41 والشهيد نائب عريف علي أحمد سبع المقدمي من أهالي ديالى التابع لنفس الفوج، اللذين ضحيا بنفسيهما لحماية زوار الإمام الحسين عليه السلام من ذلك التفجير الإرهابي وألقيا بنفسيهما على الانتحاري حال اكتشافهما أمره.
وبحسب الناطق الرسمي باسم الحكومة علي الدباغ أوعز رئيس الوزراء نوري المالكي الثلاثاء بتكريم عائلتي الشهيدين بمبلغ 30 مليون دينار مع دار سكني لكل منهما. كما طالب مجلس محافظة ذي قار بتسمية شارع أو ساحة باسم كل منهما تخليداً لموقفهما البطولي العظيم الذي يعبر عن معدن وطبيعة العراقيين الشرفاء في التلاحم والوحدة الوطنية والأخوة.
وتناقلت بعض وسائل ووكالات الإعلام أخبارا عن إحباط محاولات أخرى هناك وهناك كانت زوار الأربعين الحسيني في عمليات متفرقة يبدو أنها لم تثني عزيمة العراقيين بل زادتهم قوة وتلاحما في مواجهة الأخطار وإفشال الأجندات الخارجية التي تخطط للنيل من وحدة هذا الشعب واستقراره.
أما على الصعيد الخدمي فقد انتشرت المواكب والهيئات الحسينية في عموم شوارع كربلاء والمدن الواقعة على طريق الزائرين وبالتعاون مع جميع الدوائر الخدمية الحكومية لتقدم كل ما يحتاج إليه الزائر من طعام وشراب وعلاج وراحة وسكن وفتحت العشائر العراقية في جنوب العراق ووسطه مضايفها للزوار المارين بقراهم ومناطقهم كما فتحت العوائل أبواب بيوتها لإيواء الزائرين وتقديم المعونة اللازمة لهم حبا وكرامة للإمام الحسين عليه السلام واحتفاء بزواره ومشاركة في إحياء هذه المناسبة المتجددة في كل عام.
وبالنظر لازدياد تدفق الزوار ومواكبهم وصغر المدينة نصبت الخيام وضربت السرادقات في الشوارع الفرعية والأزقة والمحال الشعبية لاستيعاب الأعداد الغفيرة منهم. كما استغلت العديد من المدارس الحكومية والأهلية والحوزات الدينية وبعض الدوائر والمباني الحكومية غرفها وساحاتها لاستقبال الوافدين واستضافتهم خلال أيام الزيارة المليونية.
إلى ذلك نشط عشرات الحرفيين وأصحاب المطاعم والصناعات الخدمية والطبية في تأمين احتياجات الزوار وتقديم كل ما أمكن لهم من خدمات بالمجان.
وعلى صعيد الشعائر والطقوس الدينية الخاصة بالمناسبة شكلت الحشود الزائرة مواكب راجلة جابت شوارع مدينة الحزن الزينبي كربلاء مستذكرة ببعض الفعاليات الفجائع والمآسي التي مرت على أهل بيت الرسالة والنبوة منذ العاشر من محرم سنة 61 للهجرة وما تلاه من الأيام الأربعين التي تلت شهادة الإمام الحسين عليه السلام وسبي عياله والنساء والأطفال الذين كانوا في ركبه إلى الشام وما لاقوه أثناء تلك الرحلة الشاقة والظروف العصيبة ومن ثم عودتهم إلى كربلاء ومعهم رؤوس الشهداء لدفنها وضمها إلى الجثامين الطاهرة.
كما قدمت بعض الفرق المسرحية الجوالة العديد من العروض التي جسدت تلك الوقائع التاريخية المرتبطة بالإمام الحسين عليه السلام ونهضته الخالدة والمأساة التي جرت عليه وعلى أهل بيته وأنصاره .
وعبر المشاركون في تقديم العزاء للنبي وآله صلوات الله عليهم في هذه الذكرى الأليمة عن إصرارهم واستمرار صرختهم بوجه الظلم وتحديهم لكل صنوف المنع والإرهاب وجميع المحاولات الرامية إلى تركيعهم أمام الطواغيت والمؤامرات الدولية التي تستهدف فصلهم وإبعادهم عن مبادئ الحسين عليه السلام وحركته الإصلاحية معتبرين زيارة قبره الشريف جزءا لا يتجزأ من العقيدة الحقة وعلامة من علامات الإيمان وتجديدا للعهد وإعلانا لنصرة الحق ولا يمكن التنازل عن ذلك لأنه من الثوابت الإيمانية فضلا عن كونه من القيم الإنسانية المتحركة في وجدان الجماهير.
كربلاء المقدسة / حيدر السلامي
وكالة نون خاص
أقرأ ايضاً
- بركات الامام الحسين وصلت الى غزة ولبنان :العتبة الحسينية مثلت العراق انسانيا(تقرير مصور)
- المرجعية الدينية العليا والعتبة الحسينية تقدّمان تجربةً رائدةً في مجال إسكان الفقراء مجاناً
- بيروت: اللبنانيون يشكرون السيد السيستاني لحملة الإغاثة الإنسانية العاجلة إليهم(فيديو)