عودة الكعبي
يحكى أن احد الخلفاء العباسيين خرج ذات يوم في نزهه للصيد مع حاشيته في إحدى صحاري مملكته وبعد أن بانت عليهم أثار المشقة والتعب لم يجدوا مكان ليحطوا رحالهم ويأخذوا قسطا من الراحة وبعد العناء في البحث وجدوا خيمة لأعرابي يسكن فيها مع عياله وعندما نزل الخليفة وحاشيته ضيوفا عنده قال له هل من شئ تكرم به ضيوفك هذه الليلة قال له الإعرابي أنا لا املك سوى هذا الماعز لأقدمها لك ولحاشيتك أيها الخليفة وهذا كل ما املك من دنياي فقضوا تلك الليلة عند ذالك الإعرابي ولما انقضت الرحلة وعاد الخليفة إلى مقر إقامته في القصر جمع إتباعه الذين رافقوه أثناء الرحلة إضافة إلى الحكماء والعقلاء فقال لهم إني جمعتكم لأمر طالما أجد فيه الحيرة من أمري وهو بماذا أكافئ ذالك الرجل الإعرابي الذي استضافني وقدم لي ماعزه الذي لايملك سواها فأجاب نفر من الحاضرين أكرمه بماعز وتكون بذالك قد أوفيته وذهب آخرون بالقول أعطه بدل الماعز خمسه مكافئه له على ماقدمه لك من كرم الضيافة وبدا على وجه الخليفة عدم اقتناعه بتلك الاجوبه فقام له رجل من بين الحاضرين قائلا يامولاي لو انك قدمت كل ماتملك لذالك الاعرابي فانك لن تجازيه على مافعله فاندهش الجميع وذهلوا لرأيه فقال الخليفة ولماذا؟ قال لأن الرجل أعطاك كل مايملك وهو الباديء بالفضل فاطرق الحاضرين رؤوسهم لسداد رأيه.. سقت هذه الرواية لاستطلع جانب من حياة الإمام الحسين عليه السلام بعد خروجه الى كربلاء والأسباب التي أدت إلى خروجه مع أصحابه وأهل بيته لمقارعة طاغية عصره وعاشق القرود يزيد بن معاوية الذي كان يتزعم الخلافة الاسلاميه آنذاك انه لما رأى وأدرك - أي الحسين عليه السلام- ان الرسالة السماوية التي جاء بها جده الرسول الكريم محمد ص وماتحمل في طياتها من شريعة سمحاء للبشرية وإعلاء كلمة الحق ودحض الباطل والقضاء على الممارسات الجاهلية قد أصابها التصدع والاضمحلال فقال مناديا ماخرجت اشرا ولابطرا ولامفسدا ولاظالما أنما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي وعندما وقعت معركة الطف وسقط أصحاب الحسين عليه السلام الواحد تلو الآخر لم يبقى معه سوى أهل بيته فاخذ يزجهم الى ساحة المعركة حتى طفله عبد الله الرضيع لم يسلم من هؤلاء الظالمين حيث أصابه سهم في منحره فاخذ الحسين قبضة من دم الرضيع ورماه الى السماء مخاطبا ربه يارب ان كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى اللهم تقبل منا هذا القربان ولم تسقط قطره من ذلك الدم هذا ماقدمه الحسين لنا وللامة الاسلامية إضافة الى نفسه الزكية والجود بالنفس أسمى غاية الجود ، اذن ماذا نقدم للحسين حتى نكون قد أوفينا حقه من تلك التضحيات الجسيمة وهو الباديء بالفضل أعتقد أننا مهما قدمنا لا نصل الى حجم التضحية التي قدمها الحسين عليه السلام