- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حادثة الطف ومسرحة الحدث وخصوصية المتلقي (نظرة فنية)
مبادئ الإمام الحسين عليه السلام والعرض المسرحي كونا الفعل الدرامي المتكامل شكلا ومضمونا ورؤية ، وحملا أيضا رؤية إسلامية ربانية شاملة منسجمة ومتناسقة في نظريتهما إلى الكون والإنسان ، الحياة ،القيم ....وبالتالي فهي رؤية إنسانية جامعة، ونظرة متوازنة تجمع بين المادة والروح ، والعمل الدنيوي بالهوية الأخروية مزاوجة بين العقل والعاطفة ، العبادة والعمل ، الجسد والنفس ؟ المسرح والحسين علية السلام – نظرية وممارسة – ينطلقا من التصور الإلهي القرآني الرباني المعجز ، إذ توظف مبادئ الثورة الحسينية وهي خلاصة للهداية النبوية لتدلنا على الالتزام الرباني الذي قوامه الطاعة والمسؤولية والاستسلام ،المتمثلة بشريعة الله نية وقولا وفعلا.
ويعني يستهدف السمو بالانسانية الى مراتب الكمال ، والإعلاء به الى مدارج الترقي ورفعه أخلاقيا وقيميا إلى قمة الفضيلة والسعادة الدنيوية والأخروية، وتخليصه من شوائب المادة وبراثن الطين وغواية الجسد ومنافع العاجلة، وتحريره من عوالم الثمول وشرك الإباحية الحيوانية ، وانتزاعه من عالم الأهواء الطائشة والميولات الشيطانية، وإنقاذه من الشرور الدنيوية الدنيئة. وبناء على ما سبق، يرفض هذا النوع الغواية المجانية، والنفاق الكاذب، والغلو المبالغ فيه، والعبثية الفوضوية. وفي المقابل، يدعو إلى الإيمان الصادق، والعمل الصالح، والصبر في الحياة من أجل نيل النصر المبين وانطلق من المسرح دائما شيئا أعمق من مجرد الترفيه، نطلق فيه ذلك الوعي الذي يضاعف الحياة داخلنا، ويزيدها عمقا واتساعا وتحررا وحسنا ممتعا، لقد تحول المسرح في عصور الانحطاط إلى مجرد أداة للترفيه عن البشر المتعبين والضائعين، ولكن ذلك التحول كان الاستثناء الذي يؤكد القاعدة، وهي أن المسرح ليس مجرد أداة ترفيه فحسب. وانما هي مدرسة تجسد للانسان التأريخ بشموخه المعطاء ..وبعدما حدثت النقلة المعاصرة، ورفعت الفوارق بين الأستثناء و القاعدة، وصار للترفيه فلسفته كاحتياج إنساني، يؤكد حرية الإنسان، ورفضه ، ليكون مجرد آلية تؤدي دورها المرسوم داخل أنظمة اجتماعية شديدة التعقيد، تستلب منه ذاته، وتقهره بضغوط لا قبل له بها، وهذا بالطبع لا يتناقض مع الدور الجاد للمسرح الذي تضاعفت مسؤولياته وادواره، في استعادة الإنسان المغترب عن عالمه المتمثل في ألمجتمع والامة والعصر الذي يعيش ، ونعتقد في هذا السياق أيضا بأن المسرح : يقوم أصلا لا على التسليم بما هو قائم وموجود، وإنما بالدعوة إلى ما هو أفضل وأرقى منه، والمسرح أساسا فن رفض الواقع، لأنه يقوم على رؤية جديدة لواقع جديد ، ونظرة مغايرة للواقع القائم، ومن هنا فالأصل أن تتبلور الجهود حول تعديل مسار المسرح، لكي يكون أقرب إلى الالتزام والجدية في عرض ومعالجة مشاكل الحياة، لا إلهاء الناس عنها بالضحك الأجوف ، والتسلية الفارغة…
امجد الكعبي