- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أستاذ الفلسفة ومديرية ماء كربلاء !!!
في جو مشحون بالآهات والحسرات والحديث بين الطلبة عن الايام الدامية التي عاشوها خلال احداث 1991 اثناء محاضرة لمادة الفلسفة الاسلامية آنذاك برق لنا أستاذنا في تلك المادة بكلمات نبهتنا من شرود ذهننا القسري \" افقر مدينة حاضرت فيها هي القاهرة وكان ذلك في سبعينيات القرن الماضي حيث كان صندوق الحليب الذي هو ابسط مستلزمات الخدمة يأتي الى باب الشقة ، واقف الآن بالطابور لساعة كاملة كي احصل على صندوق حليب مايضيع مني وقتا ثمينا يمكنني استغلاله في قراءة او كتابة مادة معينة \" مازالت كلمات أستاذي حاضرة في ذهني لهذه اللحظة كأنها قيلت منذ وقت قصير خلال ممارستي حياتي اليومية ومافيها من العوائق التي تهدر وقت الناس جميعا بمن فيهم العلماء والأدباء والمهندسون والفنانون والشعراء وحتى الناس البسطاء الذين يمكنهم استغلال وقتهم في منافع يمكن أن تدر فائدتها ليس على ذلك العنصر من المجتمع فحسب بل على المجتمع ككل ، حتى أصبح هدر الوقت عادة وسلوكا اجتماعيا ، وكأن الله سبحانه وتعالى خلق لنا الدنيا عبثا متناسين الحساب المنتظر ليس على الأيام والسنين فقط بل وعلى الدقائق والثواني التي قضيناها في هذه الدنيا الفانية في صالح وخير يعم الفرد والمجتمع ام في طالح يضر الفرد والمجتمع بسم الله الرحمن الرحيم (وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48) وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) .الكهف
غالبية مشاكل المجتمع اليومية بل لأبالغ جميعها تعود أسبابها الى الدولة التي يجب عليها ان توفر ابسط مستلزمات العيش للمواطن حتى تستطيع في المقابل ان تطالبهم بالواجبات كي نصل الى الاستغلال الأمثل للوقت لجميع شرائح المجتمع حتى الاطفال منهم الذين لابد لهم من التعلم على كيفية احترام الوقت وصولا الى المجتمعات المتطورة التي رفعت منذ زمن شعارا طبقته بقوة \" الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك\"، هذا اذا لم تكن هنالك جهات تحاول ان تزرع العشوائية في صفوف مجتمعاتنا التي رفدت الانسانية بكم هائل من العلوم والمعرفة ، من خلال وسائل شتى كاللامبالاة مثلا وهذا ما نراه واضحا جليا في العلاقة بين المسؤول والمواطن وكيف لا يكترث الاول بالثاني من خلال خدمات معينة يطلبها الثاني كما حصل على سبيل المثال في مدينتي كربلاء عندما قطعت دائرة الماء (الماء) على عدد كبير من الأحياء عدة ايام بحجة تنفيذ احدى المشاريع متناسية ان في هذه المناطق آلاف البشر بمن فيهم العامل البسيط الذي يشارك في بناء بيت او مدير دائرة او أستاذ من الذين يضطرون ربما الى عدم الذهاب الى عملهم لتوفير الماء الى عائلاتهم وبالتالي تأخير الأعمال في بقية مؤسسات الدولة بغياب هذا العنصر او ذاك ، هذا بالإضافة الى الوعود المتكررة من قبل مسؤولي هذه الدائرة بحل الأزمة فورا دون جدوى متناسين آلام وآهات وأوقات هؤلاء المواطنين التي ستذهب سدى وراء جلب الماء الذي هو من أولويات عمل هذه الدائرة على ان هذا الامر لايعني دائرة الماء فقط بل دوائر اخرى تقع ضمن المؤسسات الخدمية وهي بعيدة كل البعد عن هذه الصفة ، ان التفاعل بين المواطن والمسئول يعد من المسائل الضرورية في اي دولة متحضرة تود ان ترتقي بمواطنيها الى صفة المواطنة الحقة والتعامل بايجابية في ذلك البلد من خلال توفير الحقوق وجني الواجبات فمتى نصل الى هذا المفهوم ؟ الله اعلم