ما أن يقترب موعد اي مناسبة دينية في كربلاءحتى تستعد الدوائر الخدمية كافة لتقديم الخدمات للوافدين للمحافظة ، في حين تنتشر القوات الأمنية على مداخل المدينة وتزداد عمليات التفتيش للمركبات وتكثر حركة العجلات العسكرية ودوريات الشرطة في مركز المدينة والمناطق المؤدية إليها ، بغية إشعار الزائر بأن الوضع تحت السيطرة ولا مجال لتنفيذ أي عملية إرهابية متناسين ان استهداف المواطن أو الزائر قد يكون من مسافات بعيدة بل من الممكن أن يتم عبر الأقمار الصناعية....، ففي آخر زيارتين سقط المئات من الزائرين مابين شهيد وجريح في حين استُخدمت كل الطرق المتعارف عليها للقتل ، عبوة ناسفة ،حزام ناسف ،سيارة مفخخة ، صواريخ كاتيوشا وغيرها من الأساليب التي تستخدم لحصد أرواح الأبرياء،بذلك حطم منفذوا العمليات الإرهابية الرقم القياسي في اختيار أداة القتل كيفما يشاءوا وأينما أرادوا ،في حين نشاهد الجهد ألاستخباري المعول عليه في مثل هذه المناسبات وفي غيرها يقف متفرجا مكتفيا بإعطاء حصيلة العملية الإرهابية وأين وكيف حدثت .....؟
يبدو إن السيناريوهات التي باتت اليوم تستخدم ضد الزائرين خلال المناسبات الدينية ،محصورة بيد الجماعات الإرهابية التي تخطط وتنفذ وتصنع ما تريد دون إن تعير أي أهمية للخطط والتدابير الأمنية التي تتخذ قبل بدء الزيارة ، بل إنهم باتو اليوم يستعدون الى التخطيط لتنفيذ عملياتهم قبل التحضيرات التي تقوم بها القوات الأمنية بعدة أشهر وبذلك أصبح منفذ العملية هو صاحب المبادرة والتخطيط .
ما حدث في كربلاء يستدعي وقفة حقيقية وجادة من الجهاز الأمني المشكورعلى ما يبذله من جهود لحفظ امن المواطن، ولكن المطلوب هو إفشال المخططات الإرهابية وقطع رأس الأفعى قبل أن تطلق سمها ،ولوا استشهدنا بطريقة عمل الاستخبارات في زمن النظام السابق لوجدنا الأساليب التي استخدمها استطاعت ان تبقي ذلك النظام الظالم يحكم بقبضة يديه على زمام الحكم في العراق ،فقد كان عناصر الاستخبارات يعملون بشكل متخفي في جمع المعلومات ،فالكثير منا لم يكن يعرف إن ابنه او أخاه أو جاره الذي يسكن بجواره مدة عشرون عاما بأنه يعمل لدى إحدى الأجهزة الأمنية ، بل إن الجهاز الأمني آنذاك كان يعاقب كل منتسب لديه يكشف عن هويته أو عن مكان عمله ،في حين نلاحظ اليوم ان من يعمل بصفة عنصر استخباري يجول في الشوارع والكل يعلم ماذا يعمل بل إنهم يتجولون على شكل مجموعات ويتجمعون في مكان واحد، أما مركز المدينة او في المناطق التي يسكنوها موجهين بذلك رسالة الى كل من يريد أن يقوم بعمل إرهابي بأننا فلان وفلان نعمل في دائرة الاستخبارات ، عليه يكون العنصر الأمني مكشوف لدى الإرهابيين في الوقت الذي من المفترض ان يكون العكس هو الصحيح، بالتالي تحدث التحركات الإرهابية ويدخل السلاح والمتفجرات الى حي النصر والحي الصناعي وغيره من المناطق بعيدا عن عيون رجال الأمن المكشوفين سلفاً.
رائد عصام العسلي