- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
السياسيون تحت سقف الخلاف لا... الاختلاف
يبدو لمن يتابع المشهد السياسي العراقي أن البعض من السياسيين قد دشنوا مرحلة جديدة في عملهم وهي (مرحلة كسر العظم) , وراح البعض يتهم البعض وارتفعت لهجة الخطاب لتصل الى حد التخوين والعمالة , ولعل البعض يقول ان أجواء عدم الثقة ولغة التخوين موجودة أصلا ً بين السياسيين ولكن الجديد هو ان تكون علنية وفي تسابق محموم على شاشات الفضائيات ,فقد أنتقلوا من مرحلة الاختلاف الى مرحلة الخلاف , وهذه جزء من تدعيات الاجواء المحبطة التي تكتنف العملية السياسية وتحيط بلقاءاتهم, والغريب في الأمر أن البعض تناسى ان سقف الخلاف السياسي يجب ان يتوقف عند حد ٍ معين, وان لا يتمادى الشركاء ليعمدوا الى تقطيع كل الخيوط , ويمارسوا سياسة عدم العودة وقطع الحوار , ففي العمل السياسي لا بد من المحافظة على الشعرة والحرص عليها لئلا تنقطع, وان يبقي. باب الحوار مفتوحا ً ما دام تحت سقف الاختلاف, فقد ذكر الأمام علي عليه السلام في فضيلة الحوار بقوله: (لا تستعمل الفعل حيث ينجع القول), ولعل هذا القول ينطبق اكثر على أصحاب الهدف الواحد والاديولوجيا الواحدة, ولعل الأخوة الكورد هم أوضح مثال لما نقول , فقد يعرف الجميع حجم الخلاف بين الحزبين الكبيرين وحجم الدماء التي سالت بينهما في مرحلة ٍ ما إلا أن هناك سقفاً ثابتاً دائما ً لخلافاتهم وهو ( كردستان ومصالح الشعب الكوردي) فهذه خط أحمر لا يمكن تجاوزه و لايسمح بتجاوزه مهما بلغت نسبة الاختلاف , ولكن هذا الخط الاحمر للاسف لم يكن واضحا ً بين الفصيلين الشيعيين, فعلى ما يبدو أن الخلاف بينهما لا يعرف الحدود وليس هناك من سقف له , وما حدث في الايام القليلة الماضية يثبت أن سقف الخلاف قد غاب تماما عن العقل السياسي الشيعي ,فما سمعناه من تصريحات وإتهامات للبعض يدلل عن قصور في الرؤيا الاستراتيجية لمصالحهم وأن هناك أزمة قيادة حقيقية لديهم, فقد شخص الشاعر العراقي الكبير الشيخ على الشرقي رحمه الله هذا الداء لدى قومه حينما قال ( قومي رؤوس ٌ كلهم أرأيت مزرعة البصل ) , ومن المضنون أنه رحمه الله كان يعيش ذات الأزمة في العهد الملكي من عدم توحيد لغة الخطاب والمواقف , وبهذا ضاعت الحقوق التي تباكينا عليها ثمانين عاما ً , وقدمنا من أجل ذلك الضياع دماء غزيرة وأتهمنا بولائنا وإنتمائنا ووطنيتنا , وجاهدنا جهادا ً مستميتا ً من أجل رد التهم ومن أجل إثبات إنتمائنا . وحين أصبحنا في مسرح الحدث غاب سقف الخلاف وبدت أزمة القيادة واضحة , فلا ضير ان نختلف أو نتخالف ولكن لابد من وثوابت في خلافنا وإختلافنا, وهي مصلحة الملايين التي عانت وأضطهدت وسلبت من أبسط حقوقها, وهي أمانة في أعناق من يتصدى للعمل القيادي والسياسي .
أقرأ ايضاً
- غزّة تحترق... وقلوب الحكّام العرب لا تحترق!
- متى تحترق أذرع الفساد ؟
- قصص الصحة في العراق تحتاج زيارة كتّاب هوليوود!