أصدقاء غامضون ، و أقارب مبعثرون ، في واقع محير ، و خيال مفقود ، وتصور جامد ، كان يحاول جاهدا العيش والتنفس والضغط على العقل ، لينال شيئا من الحق في اغتصاب لقمة العيش ، والتي يتصورها أشبه بالمستحيل ، من أستاذ يبيع علمه بوجبة على مائدة مطعم بسيط ، أو من قاض باع عدالته لخوف يعتريه أو لنزوة تعتليه ، أومن رجل أمن أبدل القيم والمبادئ بسيكارة يحرقها ودخان ينفثه من فمه كما يخرج كل السب والشتائم لبني جنسه إذا زاحمه في نظرة عين شاردة خلف عباءة سوداء التفت على جسد غفل صاحبها عن المتابعة والمراقبة ، أو من حاكم باع الدنيا والآخرة من أجل مقعد مؤقت وسلطان زائل وتسلط فاسد وإثم مستديم وكراهة قسم من البشر حين الجلوس والقسم الأخر حين الزوال ، و مرارة نكران الجميل بعد كل ما قدم .!
عاد إلى وعيه بعد هذا التفكير البسيط ولام نفسه على ما أتاها من فكر منحرف وشك بالناس الذين حوله ، ثم خاطبها بوعي أكثر من ذي قبل فلو كانوا كذلك كيف أنا الذي أحاول إغتصاب لقمة العيش التي من المفروض هي حق من حقوقي !!؟ فلم لا أطلبها ضمن المشروع والمعقول !!
فتوجه إلى الأستاذ ليساعده في حصوله على لقمة العيش التي هي حق من حقوقه ويسهل عملية وصوله إلى رجل القضاء الذي بدوره سيأمر رجل الأمن لتوفير هذا النزر اليسير من مقتضيات العيش البشري والإنساني !
فكم كانت هذه العملية التي صعب خطواتها عليه أصحاب الضن الفاسد بسيطة وسهلة ، بحيث لم يطلب منه الأستاذ ، سوى جلسة شاعرية في مطعم درجة أولى ليتمكن من استيعاب طلبات الجائع ، ويلقى الطريقة الأسهل لوصول للسيد رجل القضاء ، وكم كانت الدهشة أكبر حين طلب رجل القضاء جلسة حمراء ليتمكن من الوصول إلى رجل الأمن المناسب لانتزاع حقه المفقود !!! وبعد كل هذا توجه مع الرجل المنقذ لاسترداد حقه الضائع فكانت الشتائم و بعدها الضرب لمواطن أخر لسلب ما لديه وتوفيره له نتيجة لما قام به من وليمة فاخرة وليلة حمراء وتقاسم الغنيمة مع رجل الأمن الذي استرد حقه المغصوب من الحاكم الجائر الذي لا يعرف ما يدور في بلده ورعيته !!
بعد أن امتلأت أحشائه بلقمة العيش الحرام عاد ناصحا للمغصوب حقه بان يدعوا الأستاذ في وليمة و رجل القضاء في ليلة حمراء ويتقاسم الغنيمة مع رجل الأمن ليجد مواطن ثالث يفعلون به ما فعلوا به ومن المحتمل أن يكون هذا الثالث هو الأول ......!
نظر إلى السماء وخاطب ، هل كنت على حق في اتهامي لهم بالفساد ، أم إن حقا هذا المواطن غاصب لحق من حقوقي ، أم أن الطريقة التي عاد لي حقي بها هي الخطأ، أم أن النصيحة التي وجهتها خطأ، أم أن جزء منها خطأ والجزء الأخر أيضا خطأ بأقل درجة ... ولكن قد يكون كله صحيح فها أنا الذي كنت لا أؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة نفذتها واغتصبت حقي المغصوب .
جمال الدين محمد علي ..... كربلاء المقدسة
أقرأ ايضاً
- التأهيل اللاحق لمدمني المخدرات
- دور الذكاء الاصطناعي في إجراءات التحقيق الجزائي
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!